أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
حديثُ الصَّمت.! يوسف بخيت الزهراني* كانت فقرةُ المشهد الصّامت، في الحفل المسرحي أيام الدراسة الابتدائيّة، هي فقرتُنا المفضَّلة، ومضت بنا محطّاتُ العُمر سريعة، ثم تحوّل ذلك المشهد الصامت إلى أسلوب حياة لدى كثيرين، يمارسونه من حين لآخر. وهنا، كأنّي بسائل يَسأل: وهل للصَّمت حديث؟! نعم، للصمت حديثٌ وصدى، يَسمعه ويفهمه من كان له قلبٌ يفيضُ بالمحبّة، وعقلٌ يتّقد بالمعرفة والحِكمة. وقد قيل: الصامتون أكثرُ الناسِ ضجيجا. ومثلما للحديثِ لغة، فللصمتِ لغةٌ يُتقنها الصامتون، وهي لغةٌ مشتركة بينهم، مهما اختلفت ألوانُهم وألسنتُهم.! وبحسب الصمت فضلا، أنه يمنحُ صاحبَه الإيمانَ الحقيقي، كما جاء في الحديث: "من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخِر، فليقُل خيراً أو ليصمُت". أما الصمتُ المذموم، فهو الصمتُ عن قول الحقّ، وكتمان الشهادة، ولا يقل خطراً ووبالاً، كِتمان العِلم، الذي يعرّض من يكتمه للّعن والعياذ بالله، يقولُ الله تعالى: "إن الذينَ يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهُدى من بعد ما بيّناهُ للناسِ في الكِتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهُم اللاعنون". وتتعدّد أسبابُ الصمت ما بين الاحتجاج، كما يُمارسه أحبّاؤنا الأطفال الغاضبون، أو من له رأي خاصّ من الكبار. وهناك صمتُ الموافقة والقبول، وهو ما ورد في السُّنة المطهَّرة، عن سكوت الفَتاة البِكر عند خِطبتها. وفي عالم الحُب، تتعطّل لغةُ الكلام بين المحبّين، وتحلُّ لغةُ الصمت بديلاً لها، يقول أحمد شوقي رحمهُ الله: وتعطّلتْ لغةُ الكلامِ وخاطَبَتْ عَينيَّ في لُغةِ الهَوى عيناكِ ومما قرأتُ قديما، هذه العبارة الفاتنة في معناها: أجمل ما في الحياة، أن تجدَ إنساناً يَفهمُكَ دون أن تتكلّم.! وتلك - لعَمري - مرحلةٌ متقدِّمة، من الحُب والإحساس والانسجام بين المُحبّين، حين تتآلفُ أرواحهُم، ويَفهم أحدُهما صمتَ الآخر، تماماً كما يفهم حديثَه.! يبدو أنّي وقعتُ في حفرة الصمت العميقة، فلجأتُ مضطراً لطلبِ المساعدة، وأجريتُ استطلاعاً لطيفا، مع عدد من أصدقائي الفلاسفة، وسألتُهم سؤالاً قصيراً مفاده: ماذا يعني لك الصَّمت؟ يُجيب الصديقُ الرائع سعيد الأحمد: الصمتُ ليس حِكمة، كما سوّق له الثرثارون العَرب، وليس خِزياً كما يَعتقد العُشاق، الصمت تكتيكٌ مجرّد، لخطوة غير متوقَّعة.! وقالت الكاتبة كَفى عسيري في إجابتها: الصمت انفرادٌ بالنفس، بعيداً عن وعثاء التّكرار، وصخَب الحياة، ورتابة الكلام. وكتبت المغرِّدة رَسيس هذه التغريدة: الصمت حديثُ النفْس والروح، عندما يعجزُ اللسانُ عن النُّطق. أما الصَّديق العزيز منسي الزهراني، فقد انتظرتُ طويلاً وصول إجابتِه، ثم قلتُ له متسائلا: هل أصابتكَ صدمةُ سؤالي عن الصمتِ بالصَّمت؟! يبدو أنكَ مازلتَ تفكّرُ بالإجابة، فبعضُ الأسئلة يَستغرقُ التفكيرُ في إجابتِها عُمراً بأكمله، وأمَلي أن لا يكونَ سؤالي لكَ عن الصمت من هذا النوع.! فجاءتْني إجابتُه بهذه الدهشة: صِدقاً، حاولتُ الإجابة، لكنّي وجدتُ أن أفضلَ إجابةٍ عن سؤالكَ هي الصَّمت.! من قراءاتي