...
تنظر المرأة للرجل وتشاهد أن بيده القوامة، والطلاق، وقرار الزواج الثاني... بينما ينظر الرجل للزوجة على أنها الآن تحت تملّكه، وأنها إذا أحبتّه بإخلاص فإنها تحب بقوة وتفاني، وأنها هي القائد الثاني في البيت..
ومن زاوية ثانية تنظر المرأة للرجل على أنه يُعتمد عليه ويستطيع أن يواجه الأخطار بحكم رجولته وقوته.. بينما ينظر الرجل للمرأة على أنها عِرْض وشرف ويتحسس ويغار عليها كثيراً من هذه الزاوية..
إن هاتين الزاويتين تجعلنا نشاهد الغيرة عند النساء أكثر في مواقف معينة، وأحيانا أخرى نشاهدها عند الرجال أكثر. ولكن بحكم غريزة المرأة في التملك والحب والعاطفة أجدُ أن الغيرة عندها أكثر من الرجل على الأغلب. كما أحب أن ألفت نظر القارئ إلى أن الغيرة نسبية من شخص لآخر وتختلف كما ونوعاً حسب المفاهيم والاعتقادات التي يتبنّاها الشريك، كما أنها تتأثر بالبيئة التي نشأ فيها ومرحلة التنشئة الأولى، والمجتمع وثقافته السائدة.
ومن أهم أسباب الغيرة الزوجية:
الأول: اللبس فقد يكون لبس الشريك سواء كان ذكرا أو أنثى دافعاً للغيرة وخاصة إن كان يلفت نظر الآخرين، وهذا منتشر أكثر في لبس الزوجة الملفت للنظر.
الثاني: إذا فكر الزوج في الزواج الثاني.
والثالث: إذا كان للشريك تاريخ سابق في الخيانة أو مارسها في الفترة الأخيرة.
والرابع: إذا تعرض الحبّ الزوجي للخطر يبدأ شريك الحياة بالحرص والحفاظ عليه وقد ينشأ عنه غيرة شديدة.
والخامس: الغيرة المرضية والتي ترافق شريك الحياة على الدوام بسبب تعرضه أو مشاهدته أو سماع قصص كثيرة عن قلة الوفاء أو الخذلان العاطفي بين الأزواج عموماً.
السادس: كثرة التعمق في الخيال مع الاندماج به ومن ثم تصديقه أو على الأقل إسقاطه على العلاقة الزوجية: وهذا أكثر عند النساء، ومثاله عندما تحضر المرأة مسلسلاً عن يتحدث عن خيانة الرجل عموما تجدها بعد المسلسل –وبعد أن عاشت الدور- يحيك في صدرها أسئلة محددة لزوجها تتأكد به من سلامة سلوكه من هذه المشكلة أو مقدماتها.
لذلك ننصح أخواتي الزوجات بعدم حضور مسلسلات فيها مشاكل زوجية مأساوية قبل النوم حتى تكون أكثر إيجابية في علاقتها الزوجية.
إن الغيرة الزوجية إيجابية إن كانت في حدود المعقول والاعتدال بحيث لا تكون قليلة جدا أو زائدة عن الحدّ. ولكي تكون في حدود المعقول يجب أن نضع لها إخواني وأخواتي القراء ضابطين وهما: الأول: أن لا تقود إلى التقييد.
والثانية: أن لا تتحول مع المستقبل إلى الشك.
فإذا التزم الزوجين بهذين الضابطين ستكون الغيرة الزوجية معقولة وإيجابية بإذن الله. قال صلى الله عليه وسلم: من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة رواه أبو داود.
ويفهم من الحديث أن الغيرة الايجابية هي التي تكون بسبب أي عندما يحدث موقف شبهة أو دلائل تبرر للشريك أن يغار ويستفسر.
أما الغيرة السلبية فهي التي تكون بدون سبب وبدون وجود أي دلائل أو علامات مسبقة، وهذه الغيرة تخرّب البيوت وتؤول للشكوك وتصبح مع الزمن سلوكا مستمرا وطبعا متجذراً عند الشخص، وقد تصبح في المستقبل مرضا نفسيا ويسمى صاحبها (الشخصية الشكاكة).
قد ينشأ الزوج في بيئته التي نشأ بها وقد يتعود على عدم الغيرة من الأساس وعندما يرتبط بشريك حياة، تجده يعاملها باحترام ولكن لا يبدي لها أي علامة للغيرة عليها، مما قد تتحول في المستقبل لبراكين تهدد الحياة الزوجية. لأن المرأة تبحث عن رجل يغار عليها وهذا عندها من علامات الحبّ، إضافةً لذلك تحب أن يشعرها بالأنوثة وأنه مرغوب بها.
لذلك إخواني الأزواج لا تدفعوا زوجاتكم ليبحثوا -لا قدر الله- عن غيرك، لكي يشبعن رغبتهنّ في الغيرة المعتدلة والاهتمام.
وفي الجهة المقابلة قد تنشأ الزوجة قبل الزواج في بيئة مشبعة بالغيرة، وعندما ترتبط بالشريك تبدأ بإزعاجه بالغيرة المبالغة فيها ظنا منها أن هذا يقرب الزوج منها ويشعره بأنها تحبه كثيراً. وهي لا تعلم أن غيرتها الزائدة قد تتحول للشكوك لاحقا وأن الزوج يملّ عنها ويبتعد.
لذلك أخواتي الزوجات لا تجْلُبُوا لحياتكم وبيوتكم المشاكل والجفاء ولا تدفعوا أزواجكم للخروج بكثرة من المنزل.
وللحد من الغيرة السلبية علينا أن نبتعد عن سوء الظن ونتبنى حسن الظن حتى يأتي عكسه فهو راحة للشريكين، قال تعالي: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياءَ إنْ تُبْدَ لكم تسُؤْكم .
وعلينا أن نترك التفكير السلبي وأن نقاومه عند مجيئه بالتفكير العكسي وهو أن نكرر جملاً ايجابية عكسه مثل أنا أثق بشريك حياتي..
المصدر مطمئنة الطبي
تحياتي وتقديري لكن عزيزاتي