أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
أقدّمُ إليكُمْ قصّة قصيرة بعنوانْ : السماءُ لا تُمطِرُ أباً ! في ذكرى شُهداءْ السابع عشر من فبرايرْ . . . . رؤية تخيلية في مستقبل يتيمْ !
----------------------------
قُبيل غروب الشمس و خلودها إلى مضجعها جلس جسمٌ هزيل على حُطامِ صخور مُطلّة على الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى القرية . . . . كان يبدو لمن يراه من بعيد كشبح أو كقطعة من الحجارة , فقد حجب ضوء الشمس الهادئ كل الألوان التي يتكون منها جسده و صنع منه ظلاً سماوياً ! , جلس رافعاً رأسه إلى السماء تارة و نحو الأفق عند نهاية الطريق طوراً , كان ينظر إلى ما أمامه شاخصاً مودِّعاً جسده في هذه الأرض و صاعداً بروحه إلى ما وراء الماضي , إلى ما وراء هذه اللحظات . . . .
كانوا ينادونه – الناس في القرية – بعاشق الإنتظار , و رُغم أنه لم يكن يعشق الإنتظار و لم يستسغ طعمه أبداً إلاّ أنّه كان مدمناً عليه فعلاً ! , كان و في كل يوم منذ عشرة سنوات يجلس قُبيل طلوع و غروب الشمس . . . و ينتظر و ينتظر و ينتظر ! !
عاد الجسم الهزيل بذاكرته إلى ما قبل الإنتظار إلى ما قبل الشروذ إلى مشهدٍ في الصغر . . . رجل طويل القامة مرتدياً بزّة الجنود , قبّعتهم و أحذيتهم حاملاً معه صُرّة في نهاية برودة جدّه . . . أمام باب منزله يعانق زوجته كما لم يعانقها من قبل , ثم ينحني ليقبل ابنه الوحيد , يلثمه , يشتم رائحته و يودعُ رائحته هو بين ثنايا الطفل , يداعب شعره المخملي . . . شعر طفل في العاشرة من عمره ! .
يودّعهم بعد أن ألح عليه رفاقه بالتعجيل في المسير . . . مدّ يده إلى زوجته مودّعاً لها قائلاً ( سأعود حياً ! ) . قالت له و قد مُلئت دموع ( قل هذا للطفل ! , فإنّ السماء لا تمطر أباً ! ) . . . أنهى حديثه معها ( أمي تناديني . . . وطني يناديني ), و مضى يركض حتى يلحق بالركب و مضت هي و ابنها يلاحقان خياله . . . الذي بدأ في الإختفاء لحظةً فلحظة ! أسرع ابن العاشرة لا شعورياً يلاحق ذاك الخيال المتناثر حتى انتهى إلى هذه الكومة من الحجارة التي يجلس عليها في هذه اللحظة , يختفي شبح أبيه و رفاقه تحت أشعة الشمس الحمراء ! , منذ تلك العشية و هو ينتظر عودة والده ! , رُبما تقذف به الشمس . . . رُبما تأتي به الرياح ! , رُبما يُقبل على ظهر حصان . . . و لكن دون جدوى .