أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
كاد يجنُّ من الفرح ، و يطير من فرط السعادة ؛ ولم تسعه ثيابه كما يقال ؛ عندما سمع نبأ قبوله في البعثة الخارجية إلى فرنسا . كان يشعر أنه سيمتلك الدنيا ويصبح حديث مجالس قومه ؛ وكلما اقترب موعد السفر، كلما شعر أنه أقبل على أبواب العصر الحديث التي ستفتح له آفاقاً يفوق بها أقرانه وأصحابه .. شيءٌ واحدٌ كان يؤرقه .. ويقضُ مضجعه .. كيف أترك مكة ! سنين طوالاً وقد شغف بها فؤادي وترعرعت بين أوديتها ، وشربت من مائها الحبيب من زمزم العذب ، ما أنشز عظامي وملأها لحماً ! ؛ وأمي ..أمي الغالية من سيرعاها في غيابي .. إخوتي يحبونها .. لكن ليس كحبي لها .. من سيوصلها من الحرم لتصلي فيه كل يوم كعادتها ؟! .. أسئلة كثيرة .. لا جواب عليها . أزف الرحيل .. وحزم الحقائبَ ؛ وحمل بيده التذاكرَ .. وودع أمَّـه وقبلَّ رأسها ويديها .. وودع إخوته وأخواته .. واشتبكت الدموعُ في الخدود .. وودع مكة المكرمة والمسجد الحرام .. وسافر والأسى يقطّع قلبه … قدم إلى فرنسا بلادٍ لا عهد له بها .. صُعق عندما رأى النساء العاريات يملأن الشوارع بلا حياء .. وشعر بتفاهة المرأة لديهم .. وحقارتها وعاوده حنينٌ شديد إلى أرض الطهر والإيمان .. والستر والعفاف .. انتظم في دراسته ؛ كان يدخل قاعة الدرس ورأسه بين قدميه حياءً وخجلاً أتقن اللغة الفرنسية في أشهر يسيرة . مرت الأشهر ثقيلةً عليه .. وانخرط في الذنوب والمعاصي..ترك الصلاة والعبادة.. عاش سنين كئيبة .... حتى كلامه مع أهله في الهاتف فَقَدَ ..أدبَه وروحانيته واحترامه الذي كانوا يعهدونه منه .. اقتربت الدراسة من نهايتها .. وحان موعد الرجوع .. الرجوع إلى مكة. نزل في مطار جدة .. بلبس لم يعهده أهله ..وقلبٍ « أسود مرباداً كالكوز مجخياً .. لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً » .. عانق أمَّه ببرودٍ عجيبٍ .. رغم دموعِها .. وفرحةِ إخوته وأخواته .. إلاَّ أنه أصبح في وادٍ ؛ وهم في وادٍ آخر .. أصبح بعد عودته منزوياً كئيباً حزيناً .. و يخرج لوحده في سيارته إلى حيث لا يعلم به أحدٌ .. لاحظ أهله عليه أنه لم يذهب إلى الحرم أبداً طيلة أيامه التي مكثها بعد عودته ؛ ولفت أنظارهم عدم أدائه للصلاة .. فحدثوه برفق فثار في وجوههم وقال لهم :" كل واحد حر في تصرفاته .. الصلاة ليست بالقوة " .. أما أمُّه فكانت تواري دموعها عنه وعن إخوته كثيراً وتعتزل في غرفتها تصلي وتدعو له بالهداية وتبكي حتى يُسمع نشيجُها من وراء الباب !! في يوم .. دخلت أمه عليه .. وقالت له:- قم أوصلني بسيارتك ! وكان لا يرد لها طلباً ! فقام .. فلما ركبا في السيارة .. قال لها :- إلى أين ! قالت : إلى الحرم أصلي العشاء.. وحاول الاعتذار .. ثم ذهب بها.. فلما وصل إلى الحرم .. قال لها بلهجة حادة .. انزلي أنت وصلّي .. وأنا سأنتظرك هنا ! ؛ فأخذت الأمُّ الحبيبة ترجوه وتتودد إليه ودموعها تتساقط على خدها "يا ولدي .. انزل معي .. واذكر الله .. عسى الله يهديك ويردك لدينك .. يا وليدي .. كلها دقائق تكتب فيها الأجر " .. دون جدوى .. أصر على موقفه بعنادٍ عجيب . فنزلت الأم .. وهي تبكي .. وقبع هو في السيارة .. أغلق زجاج الأبواب .. وأدخل شريطاً غنائياً (فرنسياً) في جهاز التسجيل .. وخفض من صوته .. وألقى برأسه إلى الخلف يستمع إليه .. قال:- فما فاجأني إلا صوتٌ عظيمٌ يشق سماءَ مكة وتردده جبالها .. إنه الأذان العذب الجميل ؛ بصوت الشيخ / علي ملا .. الله أكبر .. الله أكبر .. أشهد ألا إله إلاالله ... … فدخلني الرعبُ.. فأطفأت (المسجل) وذهلت .. وأنا أستمع إلى نداءٍ ؛كان آخرُ عهدي بسماعة قبل سنوات طويلة جداً ؛ فوالله وبلا شعورٍ مني سالت دموعي على خديّ .. وتملكتني موجةٌ عارمة من البكاء لفتت أنظار كل من مر بجواري في طريقه إلى الحرم . فنزلت من السيارة .. وركضت مسرعاً إلى ( دورات المياه ) فنزعت ثيابي واغتسلت .. ودخلت الحرم بعد غياب سبع سنواتٍ عنه! . فلما رأيت الكعبة سقطت على ركبتيّ من هول المنظر ؛ومن إجلال هذه الجموع الغفيرة الخاشعة التي تؤم المسجد الحرام ؛ ومن ورعب الموقف .. وأدركت مع الإمام ما بقي من الصلاة وأزعجت ببكائي كل من حولي .. وبعد الصلاة .. أخذ شابٌ بجواري يذكرني بالله ويهدّأ من روعي .. وأن الله يغفر الذنوب جميعاً ويتوب على من تاب ..شكرته ودعوت له بصوت مخنوق ؛ وخرجت من الحرم ولا تكاد تحملني قدماي .. وصلت إلى سيارتي فوجدت أمي الحبيبة تنتظرني بجوارها وسجادتها بيدها .. فانهرت على أقدامها أقبلها وأبكي .. وهي تبكي وتمسح على رأسي بيدها الحنون برفق .. رفعت يديها إلى السماء .. وسمعتها تقول :_ "يا رب لك الحمد .. يا رب لك الحمد .. يا ربما خيبت دعاي .. ورجاي .. الحمد لله .. الحمد لله " .. فتحت لها بابها وأدخلتها السيارة وانطلقنا إلى المنزل ولم أستطع أن أتحدث معها من كثرة البكاء .. إلاَّ أنني سمعتها تقول لي:_ " يا وليدي .. والله ما جيت إلى الحرم إلاّ علشان أدعي لك .. يا وليدي .. والله ما نسيتك من دعاي ولا ليلة ..! وأنا أمك لا تترك الصلاة علشان الله يوفقك في حياتي ويرحمك" نظرت إليها وحاولت الرد فخنقتني العبرة فأوقفت سيارتي على جانب الطريق .. ووضعت يديّ على وجهي ورفعت صوتي بالبكاء وهي تهدئني .. وتطمئنني .. حتى شعرت أنني أخرجت كل ما في صدري من همًّ وضيقٍ !.. بعد عودتي إلى المنزل أحرقت كل ما لدي من كتب وأشرطة وهدايا وصورٍ .. ومزقت كل شيء يذكرني بتلك الأيام السوداء.. لولا أن الله تعالى قيّض لي من يأخذ بيدي .. شيخاً جليل القدر .. من الشباب المخلصين ؛ لازمني حتى أتممت حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم في فترة قصيرة ولا يدعني ليلاً ولا نهاراً .. وأكثر ما جذبني إليه حسن خلقه وأدبه العظيم .. جزاه الله عني خيراً .. اللهم اقبلني فقد عدت إليك وقد قلت يا ربنا في كتابك الكريم { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف } ..وأنا يا رب انتهيت فاغفر لي ما قد سلف .. وقلت : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } .. وأنا يا رب قد أسرفت على نفسي في الذنوب كثيراً كثيراً .. ولا يغفر الذنوب إلاَّ أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .. .. عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء » وكان من دعاء الرسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك » رواه مسلم .. آمين
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء » وكان من دعاء الرسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك » رواه مسلم .. آمين
بارك الله فيك اختي الكريمة على القصة الرائع و ما شاء الله عليك في الاختيار
اختيار صائب الله يعطيك الصحة والعافية تسلمين والله
يا قارىء خطى لا تبكى على موتى .. فاليوم أنا معك وغدا فى التراب فإن عشت فإنى معك وإن مت فتبقى للذكرى .. ويا مارا على قبرى لا تعجب من أمرى .. بالأمس كنت معك وغدا أنت معى .. أموت ويبقى كل ما كتبته ذكرى .. فيا ليت كل من قرأ خطى دعا لى
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين اخوكم انور ابو البصل