استيراد تطوير الذات أم تصدير تزكية النفس؟
يبدو لي عزيزي القارئ أننا نسينا مهمتنا الرئيسة في هذه الحياة؛ وهي الدعوة إلى الله قولاً وعملاً وتعاملاً وأخلاقًا وتكاسلنا عنها.
إنني هنا أعلن وبخجل كم نحن مقصرون في ذلك خصوصًا نحن معاشر المهتمين بما يسمى تطوير الذات.
إنني أزعم أن ضعفنا كأمة في الدعوة إلى الله هو الذي ساهم في انتشار الفكر الغربي المنحرف في تطوير الذات والذي خدع العالم بقصد أو غير قصد بتحقيق النجاح والراحة والسرور.
ولقد وصل الأمر للأسف إلى درجة أن الدورات والندوات والمحاضرات تعقد في بلاد الإسلام ويتحدث فيها غير المسلمين عن الاستشفاء بطاقة الكون والإدارة بالأخلاق وغرس المبادئ.
أإلى هذا الحد وصل بنا الحال في البعد عن الله؟!!!
إنني عزيزي القارئ قد أجد عذرًا في التعلم من غير مسلم في العلوم الطبيعية أو في إدارة الاستثمارات أو التدقيق المحاسبي أو فنون التسويق أو مهارات البيع أو التفاوض،
ولكن أن يصل بنا الأمر إلى تعلم كيف نحقق السعادة أو النجاح أو الشفاء الروحي أو كيف نتعامل مع الآخرين
أو غير ذلك من المعارف الإنسانية التي تدور في فلك تحقيق السلام الداخلي والتوافق مع الكون والوصول إلى النجاح أو السعادة،
فهذا والله العار فما عندنا في هذا الشأن مما يقع تحت تزكية النفس في المعارف الإسلامية خير وأبقى مما عندهم بل إن ما في مكتبة عالم واحد مثل الإمام ابن القيم يفوق ما عندهم.
عزيزي القارئ إنني أؤمن وبقوة أن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها، فأرجو أن يكون الأمر واضحًا في ذهنك.
وإنما كبر عليّ أمر استيراد المفاهيم أو الأفكار سواءً في تطوير الذات أو غيره من الغرب أو من الشرق دون تمحيصها وفرزها عن كل ما يلازمها من أفكارهم وقناعاتهم وتصوراتهم في الحياة والتي لا تتوافق مع الإسلام.
إن الحقيقة الواضحة أن كل ما يقوم به الإنسان من أعمال أو صنائع بشكل متعمد ينبع من معتقداته وتصوراته للحياة والكون،
ولذلك ينبغي على من يتعلم فنًا أو علمًا أن يحرص أولاً على تنقيته من أي شوائب في ما يصحبه من معتقدات؛
لا تتسق مع شرع الله. فعلى سبيل المثال برع الأميركيون بشكل لافت في ترويج السلع والخدمات وبالتالي بيعها على من يحتاجها أو من لا يحتاجها وأصبحوا يتفاخرون في ذلك، فانتشرت أمراض؛
الإسراف والترف والتبذير في المجتمع الأمريكي. وللأسف أخذ الكثير من تجار المسلمين يستورد تلك الأساليب الترويجية في تقليد ببغاوي،
فانتشرت نلك الأمراض في المجتمعات الإسلامية أيضا.
لأن مفاهيم الترويج المستوردة من الغرب لم تمُحص وتُعرض على الشريعة الإسلامية التي تحرم أكل أموال الناس بالباطل ببيعهم ما لا يحتاجون إليه.
ويا ليتنا استفدنا من أساليبهم الفعالة والسليمة من الشبهات في الترويج لنشر ما ينفع الناس من إيمان وأخلاق وأعمال صالحة.