الحمد لله المتوحد بصفات الكمال، المتنزه عن الأنداد والأمثال، نحمده سبحانه ونشكره على جزيل الأنعام والأفضال،
والصلاة والسلام على السراج المنير، الرحمة المهداة، والنعمة المزجاة، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، ومن استن بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد
فقد قال صلى الله عليه وسلم : " لاعدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل " قالوا : وما الفأل ؟ قال : " : الكلمة الطيبة "
حديثنا اليوم عن التشاؤم مجلبة الهم واغضاب الرب وعشعشة الأوهام والإحجام بعد الإقدام عن حكمه وعلاجه
وعن التفاؤل الذي هو علاج المتشائمين وهو طريق عيش المؤمنين الراسخين وانما يكون ذلك بدوام حسن الظن بالله عز وجل والتوكل عليه والإيمان بقضائه وقدره
وفي هذا الموضوع مباحث:
المبحث الأول : " الطيرة "
تعريف الطيرة :
توهم وتوقع حصول مكروه بمرئي أو معلوم أو مسموع
التشاؤم بمرئي أو معلوم أو مسموع
المرئي : ذي العاهة / الطير / إشارة مرور
المعلوم : اليوم / الشهر / السنة / الرقم
المسموع : كلمة مثل خسران / مصيبة / أسود وغيرها حسب ثقافات الشعوب
حكم الطيرة : محرمة
الأدلة على تحريم الطيرة :
قال صلى الله عليه وسلم : " الطيرة شرك "
وقال : " ليس منا من تطير أو تطير له "
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : " الطيرة شرك الطيرة شرك الطيرة شرك " وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل
حال المتطير مع الطيرة:
1. يمضي ولا يلتفت : فهذا لايضره
2. يمضي وهو قلق : فهذا مكروه ولا يدخل في الشرك
3. يحجم عن الأمر ويستجيب للطيرة : فهذا شرك لقوله صلى الله عليه وسلم : " من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك "
ويلحق بالطيرة مايطلق عليه الناس النحس والشؤم
كان طاووس بن كيسان قد صحب رجلا في سفر فصاح غراب فقال الرجل : خير
قال طاووس : أي خير وراء هذا ؟ لاتصحبني !
ليس من التشاؤم :
§ الخوف من الطائرة§ الخوف من البحر§ الخوف من الحوادث§ الخوف من الأماكن المرتفعة§ الخوف من المصاعد§ الخوف من الكهرباء
لأن هذه الأشياء مظنة الأذى
لكنه هذا الخوف ينافي الشجاعة
هدي النبي صلى الله عليه وسلم لمن وقع له شيء من التطير :
1. التوكل على الله وعدم الالتفات للطيرة
2. المضي فيما عزم عله وعدم التأثر فإنها لاتضر ولا تنفع
3. الإتيان بالكفارة وهي ( اللهم لايأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك )
4. صلاة الاستخارة
5. الأذكار فإنها من أعظم أبواب طرد القلق والمخاوف وما لزمها مؤمن إلا ثبت يقينه وزال همه وقلقه وعظم توحيده وتوكله وحماه الله وهداه وكفاه
أسباب التشاؤم
1. ضعف اليقين وضعف التوكل على الله الذي بيده مقاليد الأمور
2. ضعف الإيمان بالقضاء والقدر
3. عدم استحضار العبد نعم الله عليه .
قال صلى الله عليه وسلم : " من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده يجد قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " .
4. جعل الإنسان الدنيا أكبر همه والغفلة عن الآخرة .
5. الجهل وضعف العقل وقلة البصيرة .
6. ضعف الإيمان وقلة ذكر الله .
7. الجبن والضعف والخور وعدم الشجاعة .
آثار التشاؤم
1. يقود إلى الشرك بالله تعالى .
2. ينقص الإيمان .
3. ابتداع في الدين.
4. يفتح باب الوساوس فتضطرب النفس ويتبلبل الفكر .
5. سبب لعمى القلب وطمس البصيرة .
6. النظرة الحادة للناس والتشاؤم منهم .
7. يجعل المتشائم في نكد وهم وغم .
8. المتشائم دوما في المؤخرة .
9. المتشائم يرى أن أسباب الشقاء انعقدت فيه .
المبحث الثاني : التفاؤل :
تعريفه :
قال صلى الله عليه وسلم : " العدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل " قالوا : وما الفأل ؟ قال : " : الكلمة الطيبة "
مثاله : أن يكون الرجل مريضا فيسمع رجلا يقول ياسالم فيتفاءل
أو يكون قد أضاع ضالته فيسمع رجلا يقول ياواجد فيتفاءل أن يجد ضالته
حكم الفأل " التفاؤل " :
مستحب لأن فيه حسن ظن بالله تعالى .
قال ابن بطال : جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة والأنس بها كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي وإن كان لايملكه ولا يشربه .
قال الإمام النووي : إنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمل فائدة الله تعالى عند سبب قوي أو ضعيف فهو على خير في الحال وإن غلط في جهة الرجاء فالرجاء له خير أما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى فإن ذلك شر له والطيرة فيه سوء الظن وتوقع البلاء .
قال ابن القيم :
وليس في الإعجاب بالفأل ومحبته شيء من الشرك بل ذلك إبانة عن مقتضى الطبيعة وموجب الفطرة الإنسانية التي تميل إلى مايلائمها ويوافقها مما ينفعها .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الفأل ليس من الطيرة لكنه شبيه بالطيرة من حيث الإقدام فإنه يزيد الإنسان نشاطا وإقداما فيما يتوجه إليه فهو يشبه الطيرة من هذا الوجه إلا أن بينهما فرق لأن الطيرة تعلق الإنسان بالمتطير به من أجل مارأى لكن الفأل يزيده قوة وثباتا ونشاطا فالشبه بينهما هو التأثير في كل منهما .
المبحث الثالث : مقارنة بين المتفائل والمتشائم :
المتفائل
المتشائم
حسن الظن بربه
سيء الظن بربه
مقدم وعامل وناجح
محجم ومظنة الفشل دوما
ينظر إلى كل أمر من ناحيته الإيجابية
ينظر للأمور من زاويتها السلبية
يحبه الناس ويأنسون به
يكرهه الناس ويتحاشونه
مشجع لغيره
مخذل لغيره
قوي الإيمان
ضعيف الإيمان
شاكر لنعم ربه
مقصر في شكر نعم الله
يدعو له الناس بالخير لما يدخله
من السرور إلى قلوبهم
قد يدعو عليه الناس لما يسببه لهم
من هم وغم
محبوب في أسرته
مكروه مجلسه في أسرته
يقبل عليه الناس
يدبر عنه الناس حتى أولاده
يلتمس الأعذار
كثير اللوم والتأنيب
إذا ذكر بالله يتذكر
يختار من الذكر مايناسبه هواه
متواضع
متكبر
يحب الله فعله ويعطيه على قدر حسن ظنه بربه
يكره الله فعله وقد يمنع عنه الخير لتشاؤمه
وسائل لتقوية التفاؤل في قلب المؤمن :
1. الأعمال الصالحة .
2. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
3. قراءة تفسير القرآن .
4. دوام ذكر الله : لأن التشاؤم من الشيطان ,
5. الأذكار .
6. الدعاء .
7. المنطق الحسن لان الفأل موكل بالمنطق.
وختـــــــــــاما
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتولانا برحمته وأن يكلنا إلى سعة فضله وجوده ويرزقنا حسن الظن به والتوكل عليه والإيمان بقضائه وقدره
والحمد لله رب العالمين .