أخطبوط، في الوهلة الأولى يبدو من الصعب التصديق بأن الأخطبوط ينتمي إلى نفس الصنف الذي صلة شبه كمعيديات الأرجل (الحلزون، البزاق….) وصفيحيات الخياشيم (بلح البحر، المحار…) إلا أن وضعية أعضاء الأخطبوط الداخلية وكذلك مراحل تكوينه الجنيني تفرض تصنيفه بين الرخويات بل وتجعل منه نمطا لهذه الطبقة.
كيف نتعرف على الأخطبوط : على شكل كيس خالد من أي قوقعة (خلافا لباقي الرخويات) يتكون جسم الأخطبوط من ثلاثة أجزاء : الرأس، المعطف والرجل (انظر الرسم ). يحمل الرأس ظهريا عينين اثنين وقد تعتبر عين الأخطبوط من أكثر الأعين تطورا عند اللافقريات حيث تضاهي من حيث بنيتها عين الإنسان، بينما يحمل المعطف كل أحشاء الأخطبوط وأمعائه. أما الرجل فهي تتحول جزئيا عند الأخطبوط لتعطي ثمانية أدرع تحمل كل منها صفا أو صفين من المحاجم وتحيط بفم مركزي مسلح بفكين قويين على شكل “ منقار ببغاء “ وبعدد كبير من الأسنان الصغيرة والحادة. أما الجزء الباقي من الرجل فهو يتحول إلى قمع يصل داخل الحيوان بالعالم الخارجي.
الأخطبوط كمفترس وكفريسة : يعتبر الأخطبوط من اللاحمات التي تتغذى أساسا من لحوم القشريات (اربيان، سرطان…) الرخويات (معيديات الأرجل، صفيحيات الخياشيم بل وحتى بعض راسيات الأرجل الأخرى) وكذلك بعض الأسماك الصغيرة. وإذا كان الفكان والأسنان الصغيرة تمكن الأخطبوط من قتل وطحن الفريسة فإن الادرع الثمانية ليس لها دور آخر سوى الإمساك وخنق تلك الفريسة. خلافا لباقي رأسيات الأرجل الأخرى فإن الأخطبوط يتناول وجبته بكل تأن وهدوء حيث إنه أثناء الهضم الأولى يفرق بين الجزء الصالح للأكل (اللحم) والجهاز العظمي أو القوقعة التي يرمي بها إلى الخارج.
إذا كان الأخطبوط يعتبر من اللاحمات فهو بدوره يعتبر من “ أشهى الأطباق “ بالنسبة لبعض الحيوانات اللاحمة الأخرى كالبلينات ذوات الأسنان وسمك القرش والفقم والبطريق وسمك سيف والإنسان كذلك.
وفيما يخص الناحية الاقتصادية للأخطبوط وبالأخص قيمته في تغذية الإنسان فكمثل بسيط يمكن للمتجول على شواطئنا ساعة الجزر، أن يطلع عن كثب على الأعداد الكبيرة من الأخطبوطيات التي يرغمها الجزر على البقاء داخل الأحواض الصغيرة المليئة بالماء في انتظار ساعة المد حيث تكون بذلك صيدا سهل المنال بالنسبة لبعض الصيادين التقليديين الذين يجوبون الشواطئ كل ساعة جزر. أما المنظمة العالمية للتغذية والزراعة (F.A.O) فهي تقدر مصيدات راسيات الأرجل بحوالي مليون ومائتي ألف طن سنويا بما فيها 14% من الأخطبوطات أغلبها يصطاد باليابان وبلدان البحر المتوسط.
يعيش الأخطبوط في كل بحار العالم مابين صفر وأكثر من ألف متر من العمق تقريبا في مواضع كثيرة ومتنوعة الرمال، الحمأ، فوق الصخور وفي أجوافها وكذلك بين الطحالب… في المياه القليلة العمق وخاصة التي تكثر فيها الرمال والحمأ. يحفر الأخطبوط لنفسه جحورا يسهل للناظر التعرف عليها حيث إن ثغور هاته الجحور غالبا ما تكون محيطة بأكداس من القواقع الفارغة وذروع السراطين الميتة.
كيف يتنقل الأخطبوط ؟ في تنقله يمكن للأخطبوط أن يستعمل وسيلتين اثنتين : في قاع البحر، يزحف على اذرعه الثمانية، أما وسط الماء فبتقليص عضلاته يقذف الأخطبوط وبكل قوة بالماء الموجود داخل جوفه إلى الخارج عن طريق القمع مما يمكنه من الاندفاع إلى الوراء.
إذا كان الناس وخاصة منهم الذين يمارسون رياضية الغوص يعتبرون الأخطبوط من الحيوانات البحرية “الخجولة“ التي تألف الإنسان وتداعبه فإن عضته، رغم ذلك، يمكن أن تحدث ألما شديدا. في غالب الأحيان لا تكون عضة الأخطبوط أي خطر على حياة الإنسان إلا إذا تعلق الأمر ببعض الأنواع الاستوائية المسمومة. وهكذا في استراليا مثلا كانت عضة Haplochlaena سببا في وفاة العديد من الناس، لذلك يجب أن يعامل الأخطبوط بكل حذر.
وفي حالة إزعاج الأخطبوط أو تهديده يلجأ إلى عدة وسائل للدفاع عن نفسه. وأول طريقة وأسهلها أن يبقى ثابتا في مكانه “آملا“ أن لا ينتبه المهاجم لوجوده. وذلك لان الأخطبوط يتوفر تحت جلده على خلايا حاملة لخضوب متنوعة. ففي حالة تقلصها يبدو الأخطبوط ذا لون فاتح أما في حالة ارتخائها فيبدو لونه داكنا. إذن يستطيع الأخطبوط أن يساوى بين اصطباغه واصطباغ محيطه مما يمكنه في غالب الأحيان، من خداع أعين مطارديه.
أمام نباهة وإصرار مهاجمه يسعى الأخطبوط للفرار ملتجأ بذلك إلى جحره أوالي أقرب مكان آمن (طحالب كثيفة، أجواف الصخور…) إلا أنه إذا بوغت في حجر المياه بعيدا عن كل مكان آمن فقد يعتمد على “مدافع الميلانين “ التي هي عبارة عن كيس ملحقة بجهاز الأخطبوط الهضمي مليئة بمداد اسود يقذف بها بغتة وعلى مراحل في وجه مهاجمه مشكلا بذلك سحابة سوداء تحجبه عن أعينهم. بل وفي بعض الأحيان تكون سببا في شلل بعض حواسهم كحاستي الشم والبصر.
ومن البديهي أن هاته الوسائل هي وسائل حيوان مسالم يتفادى قدر الإمكان الالتجاء إلى القوة، لكن عند إحساسه بخطر يهدد وجوده فإنه لا يتأخر في الدلا إله إلا الله محمد رسول الله في مواجهة مباشرة مع مطاره مستعملا في ذلك كل الوسائل الممكنة بما في ذلك أذرعه الثمانية وفكاه وأسنانه التي تكون حاملة للإفرازات سامة بل وقاتلة أحيانا.
يتكون الجهاز الدموي عند الأخطبوط خاصة ورأسيات الأرجل عامة من قلب مركب من بطين واحد وأذنين اثنين إضافة إلى شبكة متشبعة جدا من الشرايين. أما الجهاز التنفسي فكباقي الحيوانات المائية يتكون من خياشيم (خيشومين اثنين ). أما فيما يتعلق بالجهاز التناسلي للأخطبوط فهو ذو بنية معقدة جدا إلا أن ما يميزه وخاصة عند الذكر (هو عادة أصغر حجما من الأنثى) هو أنه إبان المزاوجة فإن رأس إحدى الأذرع تتحول إلى عضو حامل للحيوانات المنوية أو ما يسمى علميا Hectocotyle و إذا كانت بنية هذا العضو تتغير من نوع لآخر إلا أن مهمته تبقى ثابتة وهي إيصال الخلايا المخصبة من الذكر إلى مقربة من الجهاز التناسلي للأنثى أو إلى أي مكان آخر من جسمها.
يوجد العضو الحامل للحيوانات المنوية، عادة، داخل غشاء شفاف وأثناء الزواجية ينفصل ذلك العضو عن الذراع الذي يحمله فينتج عن ذلك تمزيق الغشاء وبالتالي تحرير الحيوانات المنوية التي تسلك طريقها نحو داخل الجهاز التناسلي الأنثى حيث يتم تلقيح البويضة بعد تلقيحها تحرر البويضات خارج الجهاز التناسلي للأنثى على شكل عثاكيل أو بريم، وخلافا للغدد من الحيوانات البحرية الأخرى، يدفع “حدس الأمومة “ عند أنثى الأخطبوط إلى أن تقوم بحراسة ذريتها فهي تنضحها وتنظفها باستمرار إلى أن يحين وقت تفقيسها.
أما عن عدد البويضات وحجمها، فباستطاعة الأنثى Octopus vulgaris وهي الأكثر انتشارا في المغرب مثلا، أن تبيض حوالي 400.000 بيضة يبلغ حجم كل واحدة منها 1، 7 سنتم تقريبا. كما تستغرق مدة الحضانة حوالي 65 يوما.
بعد شهرين تقريبا من تلقيحها تظهر البيضة أخطبوطا صغيرا يدور داخلها بدون انقطاع محاولا التعلق بجدارنها الشفافة بواسطة أدرعه الثمانية وكأنه يحاول التوجه نحو مصادر الضوء. بعد ذلك يتمكن الأخطبوط الصغير من بيضته ليعيش حياة عالقة لمدة عدة أسابيع قبل أن يلزق بالصخور ويتم حياته بينها كباقي القاعيات.
عرف تصنيف الأخطبوطات في السنوات الأخيرة عدة تعديلات ولازالت بعض المجموعات قيد الدرس إلى حد الآن، لذا لن يكون من الممكن إعطاء أي تصنيف دقيق للأخطبوط إلا أن خصوصيات الأنواع الثمانية الأكثر انتشارا على شواطئ المغرب والأكثر أهمية من الناحية الاقتصادية هي Octopus vulgaris صفان اثنان من المحاجم, ادرع بحترية وقصيرة إلا أن الذراعين الظهريين تصغران بقليل عن الأذرع الأخرى.
Defilippi Octopus، صفان اثنان من المحاجم، جسم صغيران، أذرع طويلة جدا وزهيدة. Octopus macropus، صفان اثنان من المحاجم، الذراعان الظهريان أطول واثخن من كل الأذرع الأخرى. Eledone moschata، صنف واحد من المحاجم، الأذرع طويلة، جلد مصقول (أو ناعم) حامل لحبيبات دقيقة جدا. Cirrosa Eledone، صف واحد من المحاجم، أذرع بحترية، جلد أحرش يحمل حليمات عديدة Scaeurgus unicirrus، صفان اثنان من المحاجم، “معطف“ مغطى بحليمات عديدة ومحاط بعرفين على الجانبين الأيمن والأيسر مع قرن صغير متشعب فوق كل عين.
teroctopus tetracirrhus P.، صفان اثنان من المحاجم، أذرع طويلة، جسم حجم طويلة كعرضه تقريبا وعنق لا يحمل أي قبض مع قرنين صغيرين فوق كل عين. Argonaûla argo، أنثى عائمة فوق سطح البحر بواسطة “قوقعة شفافة“، أذرع طويلة إلا أن الذراعين الظهريين تبدوان خشينتين متصلتين بينهما بغشاء.
جغرافيا فان الأخطبوطات تسكن كل بحار ومحيطات العالم تقريبا إلا أنه فيما يخص شواطئنا ومياهنا الإقليمية فان الأنواع الثمانية السابق ذكرها تتوزع كالتالي : O . Vulgaris, A. Argo, P. Tetracirrhus, O. Defilippi : تسكن كل الشواطئ الليبية (البحر الأبيض المتوسط) وفي سواحل زوارة حيث يفضله الأهالي في إعداد الكسكس والبازين.
Macropus , S. Unicirrhus : نوعان لا يسكنان إلا في سواحل البحر المتوسط.
الأخطبوط كحيوان للتجارب المخبرية : ينتمي الأخطبوط إلى رأسيات الأرجل التي تعتبر من أضخم اللافقريات المعروفة وأكبرها. كما انه يعتبر من أقوى الرخويات وأكثرها تطورا. ونظرا لتطور حواسه وجهزه العصبي بما في ذلك الدماغ. ونظرا كذلك لقدرته الهائلة على التعلم فان الأخطبوط يعتبر من أهم الحيوانات المخبرية التي تجرى عليها عدة تجارب عملية وخاصة في ميادين علم الأحياء والطب.