أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
سندس محمود العسود بقعة من الأرض خضراء اللون، تزهو بورودها وحقولها ولكنها ما إن أطبق عليها الليل حتى غدت غابة مظلمة، تحتضنها السماء التي قد تبدو لك زرقاء ممتدة لأول وهلة، ولكن يغطيها شيء من السواد، يزورها المطر من حين لآخر وتشرق عليها الشمس كما العادة، ولكنْ محرم على طيورها زيارتها، ولبحرها قصة أخرى حيث يأخذك الى عالم ساحر ولكنه يذهلك بأنه قد امتزج بلون الدماء ففقد صفاءه، وعلى هذه البقعة قصر أبيض كبير هو في ظاهره جميل وفي باطنه قبيح فكما تعلم لا تكون الأشياء دوما كما تبدو لنا، وفي هذا القصر غرف كثيرة، أبواب مفتوحة، وضجيج مزعج لا جدوى منه، ضحكات تعلو ودموع تذرف وحيرة وآلام، إذا تجولت في القصر فقد يسترعي انتباهك مقر للاجتماعات ولباس فخم وأثاث فاره، كل ما في القصر جميل مما يجعلك تتمنى امتلاك واحد مثله.. وقفت فيه مذهولة كيف لقصر كهذا في مكان كهذا أن يحوي كل هذه التناقضات؟ وبينما كنت أفكر في حيرة سمعت صوت انين فبدأت أبحث عن مصدر الصوت وحين وصلت وجدته يصدر من غرفة في أعلى القصر مغلقة بأحكام يحرسها جنود لن يعجبك منظرهم ولا حتى طريقة كلامهم، ففي عيونهم شيء من الوحشية، طلبت منهم الدخول الى الغرفة فلم يسمحوا وبعد إصرار وانتظار سمحوا لي بذلك وفتحت لي أبواب الغرفة لتظهر لي من داخلها فتاة حسناء جميلة زرقة البحر في عيونها ورقة أمواجه في نظراتها، حملقت بي وكأنها تستنجد بي، شعرت أني أمامها عاجزة، ما الذي يمكنني أن أفعله لأجلك يا جميلة؟ فأجابتني بكلمات تمتلئ عتابا: "افعلي ما يمليه عليك ضميرك".. التفت لأجد الحراس متجهين نحوي لإخراجي فصرت أنادي: لا، لا انتظروا قليلا أريد ان أحادثها أكثر ولكن لم يكن لأحد أن يستمع لي وخرجت.. يا إلهي ها قد عادت الفتاة وحيدة من جديد وما فعلت لأجلها شيئا سوى أن سؤالي لها قد زاد همها هما.. عدت لباحة القصر ونظرت حولي ومن فوقي فما وجدت إلا غرفاً تكثر في داخلها الأموال ويتحدث ساكنو الغرف لهجاتٍ مختلفة ولكل مجموعة منهم لباسه الخاص وعلى كل باب ستجد شارة تعرفك على أهل هذه الغرفة، لك حرية دخول كل هذه الغرف ما عدا تلك التي تقطنها تلك الحسناء التي لم تظلم يوما ولكنها عاشت عمرها مظلومة على عكس باقي الغرف التي ستعجب فيها لظالم من نفس جنس ودم المظلومين أيعقل ذلك!! لم يحدث يوما وأن خطر ببال أحد ملاك تلك الغرف أن يزور صديقتنا الحسناء تلك بل كانوا إذا مروا يوما ووجدوا الباب مفتوحا يكتفون بإلقاء السلام فقط، شيء واحد يجمع كل كبار الغرف ويشعرون به أنهم يقومون بواجبهم تجاه تلك الحسناء ألا وهو القمة وحسناء الغرفة بالطبع كانت محور حديث كل قمة، حضرت القمة الأولى والثانية من هذه الجلسات غير المجدية لمناقشة موضوع تخليصها من حبسها ذاك وكانت تنظر اليهم بيأس وكأنها لا تحفل بشيء مما يقولون لأنها تعلم مسبقا أن كلامهم بلا جدوى.. لا بأس يا جميلة لا تبتأسي، افتحي صندوق البريد لتجدي الرسائل الوردية التي بعثت اليك من شعبك المحاصر، قفي واحبسي دموعك فرجالك يهجرون مضاجعهم ليتواجدوا في ساحات قتال الأعداء ويضحون بدمائهم فداء لعيونك.. هم يعلمون أنه لا جدوى من كل محادثات السلام، فهم موقنون أنه بغير الموت والدم لن تعودي، لا تنتظري ممن يجاوروك أن يفكوا أسرك أو يخرجوك من أمضك هذا، فأميرك حتما سيأتي غدا على حصانه الأبيض وبيده السيف لينتشلك من وسط الظلم والظلام، لتري طيورك وقد عادت لأعشاشها تتركها وتعود لها متى أرادت، وأجمل الأسماك تملأ بحرك ليعود صفاؤه الزرقاوي وستختفي وحوش الغابة، فلا سبيل للحرية إذا لم يوجد الهواء، ستضفين على حياة الشعوب الأخرى رونقا فحرارة قلبك على شعبك لا تقاس، ستوحدين صفوفا كثيرة.. يا فلسطين الحبيبة.