هُو قُطْب الْرَّحَى فِي هَذَا الْجَسَد .. [/size]

أَشَار الَيْه الْرَّسُوْل الْمُصْطَفَى صَلَوَات الْلَّه وَسَلَامُه عَلَيْه بِقَوْلِه .. [/size]

فَصَلَاح حَال الْانْسَان وَجَوَارِحَه مَنُوْط بِصَلَاح هَذِه المْضُغُه الَّتِي [/size]

أَشَار الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم [/size]

[/size]

وَلَكِن مَهْلَا ..!! [/size]

أَلَا نَرَى قُلُوْبَا قَد قَسَت .. [/size]

قُلُوْبَا قَد غَلُظَت وَيَبِسَت .. [/size]

وَمَا بَقِي فِيْهَا مِن شَئ بَعْد ذَهَاب الْلَّيِّن وَالْخُشُوْع وَالْرَّحْمَة إِلَا الْقَسْوَه .. [/size]

الَّذِي أَصْبَح يَمْنَعُه مِن الانْفِعَال وَالْتَّأَثُّر بِالْنَّوَازِل لقَسَاوَتِه .. [/size]

أَلَم نَجِد قُلُوْبَا وَقَد حَمَلَت كَم هَائِلَا مِن الْغِل وَالْحِقْد ..!! [/size]

وَقُلُوْبا أُخْرَى قَد غُلِّفَت نَفْسَهَا بِغِلَاف مَن الْرِّيَاء وَالْنِّفَاق وَالْإِعْرَاض ..!! [/size]

حَتَّى اعْتَلَاهَا الْصَّدَأ .. وَأَسْتَوْلَى عَلَيْهَا حَب اتِّبَاع الْهَوَى [/size]

،وَغَلَبَه الْشَّهَوَات؛ وَفَسَاد حَرَكَات الْجَوَارِح.. [/size]

تَجِدْه وَقَد انْبَعَث خَلَف كُل مَعْصِيَه ..وَنَشَط خَلَف كُل ضَلَالِه ... [/size]

حَتَّى أَصْبَح لَايَرَى مِنْه إِلَا نُكْتَه سَوْدَاء نُغَطِّي ذَلِك الْقَلْب .. [/size]

وَلِهَذَا يُقَال: الْقَلْب مَلِك الْأَعْضَاء، وَبَقِيَّة الْأَعْضَاء جُنُوْدُه، [/size]

فَإِذَا كَان الْقَلْب صَالِحَا؛ كَانَت الْجُنُوْد صَالِحَة، [/size]

وَإِن كَان فَاسِدَا؛ كَانَت جُنُوْدُه فَاسِدَة. [/size]

[/size]

فَيَا لِلْعَجَب..!! [/size]

إِلَى مَتَى سَيَبْقَى الْضَّمِيْر فِي غَفْلَتِه ..!!وَالَى مَتْى سَيَبْقَى الْقَلْب رَهِيْن إِشَارَتَه ..!! [/size]

مِّن الَّذِي سَيُجَلِّي الْصَّدَأ وَيُزِيْل الْغُبَار وَالْأَخْتَام عَن الْقُلُوْب..!! [/size]

أَلَم يَأْن الْوَقْت لَصَحُوه ضَمِيْر .. ؟! أَلَم يَحِيْن الْوَقْت لِرَفْع اصّوَاتُنَا .. [/size]

كَفَاك يَانَفْس عِصْيَانَا وَرِضَى بِالْهَوَان ..!! [/size]

أَلَم يَأْن بِك اللَّحَاق بِرَكْب الْصَّالِحِيْن الْمُخْبِتِيْن .. [/size]

[/size]

يَقُوْل ابْن الْقَيِّم رَحِمَه الْلَّه فِي انْقِسَام الْقُلُوْب [/size]

إِلَى صَحِيْح ، وَسَقِيم، وَمَيْت، مَا خُلَاصَتُه : [/size]

لِّمَا كَان الْقَلْب يُوْصَف بِالْحَيَاة وَضِدُّهَا، انْقَسَم بِحَسَب [/size]

ذَلِك إِلَى هَذِه الْأَحْوَال الثَّلَاثَة: [/size]

♥ فَالَقَلْب الْصَّحِيْح ♥ [/size]

هُو الْقَلْب السَّلِيْم الَّذِي لَا يَنْجُو يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَن أَتَى الْلَّه بِه [/size]

فَهُو الَّذِي قَد سُلِّم مِن كُل شَهْوَة تُخَالِف أَمْر الْلَّه وَنَهْيِه.. [/size]

وَمِن كُل شُبْهَة تُعَارِض خَبَرَه، فَسَلَّم مِن عُبُوْدِيَّة مَا سِوَاه وَسَلِّم مِن [/size]

تَحْكِيْم غَيْرُه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم.. [/size]

وَسَلِّم مِن أَن يَكُوْن لِغَيْر الْلَّه فِيْه شِرْك بِوَجْه.. [/size]

بَل قَد خَلَّصْت عُبُوْدِيَّتِه وَعَمَلِه لِلَّه تَعَالَى، فَإِن أَحَب؛ أَحَب [/size]

فِي الْلَّه، وَإِن أَبْغَض؛ أَبْغَض فِي الْلَّه.. [/size]

وَإِن أَعْطَى وَمَنَع فَلِلَّه وَحْدَه.. [/size]

وَلَا يَكْفِيْه هَذَا حَتَّى يُسْلِم مِن الِانْقِيَاد وَالتَّحْكِيْم لِكُل مَن عَدَا [/size]

رَسُوُلِه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم... [/size]

فَيُعْقَد قَلْبِه عَقْدَا مُحْكَمَا عَلَى الِائْتِمَام وَالِاقْتِدَاء بِه وَحْدَه [/size]

-دُوْن كُل أَحَد- فِي الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال.. [/size]

وَيَكُوْن الْحَاكِم عَلَيْه فِي ذَلِك كُلِّه، دِقَّه وَجِلَّه: هُو مَا جَاء بِه [/size]

الرَّسـوَل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم.. [/size]

فَلَا يَتَقَدَّم بَيْن يَدَيْه بِعَقِيْدَة وَلَا قَوْل وَلَا عَمَل، امْتَثَالا [/size]

لأمر الِله سُبْحَانَه... [/size]

[/size]

♥ وَالْقَلْب الْثَّانِي ♥ [/size]

ضِد هَذَا، وَهُو الْقَلْب الْمَيِّت، الَّذِي لَا يُعْرَف رَبُّه، وَلَا يَعْبُدُه بِأَمْرِه، فَالْهَوَى إِمَامِه.. [/size]

وَالْشَّهْوَة قَائِدَه، وَالْجَهْل سَائِقَه، وَالْغَفْلَة مَرْكَبُه، فمُخَالَطّة صَاحِب [/size]

هَذَا الْقَلْب سُقْم، وَمُعَاشَرَتِه صُم، وَمُجَالَسَتِه هَلَاك. [/size]

[/size]

♥ وَالْقَلْب الْثَّالِث ♥ [/size]

قَلْب لَه حَيَاة وَبِه عِلَّة، فَفِيْه مِن مَحَبَّة الْلَّه وَالْإِيْمَان بِه مَا هُو مَادَّة حَيَاتِه.. [/size]

وَفِيْه مِن مَحَبَّة الْشَّهَوَات وَإِيْثَارِهَا مَا هُو مَادَّة هَلَاكِه وَعَطَبِه، وَهُو مُمْتَحَن بَيْنَهُمَا. [/size]

فَالَقَلْب الْأَوَّل: حَي مُخْبِت وَاع لَيِّن. [/size]

وَالْثَّانِي يَابِس مَيِّت. [/size]

وَالْثَّالِث: مَرِيْض، فَإِمَّا إِلَى الْسَّلامَة أَدْنَى, وَإِمَّا إِلَى الْعَطَب أَدْنَى. [/size]

[/size]

رَوَى الْإِمَام مُسْلِم : عَن حُذَيْفَة بْن الْيَمَان رَضِي الْلَّه عَنْه قَال: [/size]

قَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : [/size]

{تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً؛ فأي قلب أُشرِبَها نُكِتَت [/size]

فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها، نكتت فيه نكتة بيضاء [/size]

حتى تصير القلوب على قلبين: قلب أسود مرباداً كالكوز مُجَخِّيَا، لا يعرف [/size]

معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أُشْرِب من هواه، وقلب أبيض مثل الصفا [/size]

لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض } [/size]

[/size]

وَصَح عَن حُذَيْفَة بْن الْيَمَان رَضِي الْلَّه عَنْه قَوْلُه: ♥الْقُلُوْب أَرْبَعَة ♥ [/size]

قَلْب أَجْرَد: أَي: مُتَجَرِّد مِمَّا سِوَى الْلَّه وَرَسُوْلِه [/size]

فِيْه سِرَاج يُزْهِر، فَذَلِك قَلْب الْمُؤْمِن. [/size]

وَقَلْب أُغْلِق: فَذَلِك قَلْب الْكَافِر. [/size]

وَقَلْب مَنْكُوْس: فَذَلِك قَلْب الْمُنَافِق، عَرَف ثُم أَنْكَر، وَأَبْصَر ثُم عَمِي. [/size]

وَقَلْب تَمُدُّه مَادَّتَان: مَادَّة إِيْمَان، وَمَادَّة نِفَاق؛ فَهُو لِمَا غَلَب عَلَيْه مِنْهُمَا .. [/size]

وَالْفِتَن الَّتِي تُعْرَض عَلَى الْقُلُوُب هِي أُسَبَاب مَرَضِهَا.. [/size]

وَهِي فِتَن الْشَّهَوَات، وَفُتِن الشُّبُهَات، فِتَن الْغَي وَالْضَّلال، [/size]

وَفُتِن الْمَعَاصِي وَالْبِدَع، وَفُتِن الْظُّلْم وَالْجَهْل. [/size]

[/size]

وَمَدَار اعْتِلَال الْقُلُوْب وَأَسْقَامِهَا عَلَى أَصْلَيْن: [/size]

فَسَاد الْعِلْم، وَفَسَاد الْقَصْد.. [/size]

وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِمَا دَاءَان قَاتِلَان: الْغَضَب وَالضَّلَال، [/size]

وَهَذَان الْمَرَضَان مَلَاك أَمْرَاض الْقُلُوُب جَمِيْعِهَا.. [/size]

وَشِفَاء ذَلِك بِالْهِدَايَة الْعِلْمِيَّة، وَالْهِدَايَة الْعَمَلِيَّة .. [/size]

وَتَكُوْن بِتَحْقِيْق الْتَّوْحِيْد لِلَّه، وَتَجْرِيد الْمُتَابَعَة لَرَسُوْلُه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم.. [/size]

نَعَم .. فَأَنَّه مَا أَصَابَنَا مِن شَر وَضُلال وَفِتْنَة .. إِلَا بِسَبَب أَمْرَاض الْقُلُوْب وَعِلَلِهَا.. [/size]

وَمَا حَلَّت الْضَّلالَة وَانْتَشَرَت الْجَهَالَة .. وَحَصَلَت الْفُرْقَة وَالِاخْتِلَاط [/size]

إِلَا بِسَبَب أَسْقَام الْقُلُوْب الَّتِي أَصْبَحَت أَوِكَارّا لِلْشَّيَاطِيْن.. [/size]

وَمَا عَمَّت الْمُنْكَرَات فِي الْأَشْغَال وَالْأَخْلاق وَالْأَقْوَال [/size]

إِلَا بِسَبَب إِقْفَار الْقُلُوْب مِن طَاعَة الْلَّه، وَفِتْنَتَهَا بِحُب الْعَاجِلَة.. [/size]

فَكُل فَسَاد حَل مَرَدُّه إِلَى أَمْرَاض الْقُلُوْب، وَمَا رَان عَلَيْهَا مِن ظُّلُمَات الْمَعَاصِي... [/size]

الَّتِي تَقْضِي عَلَى الْقَلْب، وَتُمِيْت الْشُّعُوْر وَالْحِس الْإِيْمَانِي فِيْه، [/size]

وَتَزْرَع فِيْه الْفِسْق وَالضَّلَال وَالْفَسَاد... [/size]

» يَقُوْل عَبْد الْلَّه بْن الْمُبَارَك « [/size]

رَأَيْت الْذُّنُوب تُمِيْت الْقُلُوُب وَقَد يُوَرِّث الْذُّل إدْمَانُهَا .. [/size]

وَتَرْك الْذُّنُوب حَيَاة الْقُلُوُب وَخَيْر لِنَفْسِك عِصْيَانُهَا .. [/size]

[/size]

عَجَبا .. لِمَن بَاتُوْا وَقُلُوْبُهُم مُضْطَرِبَة قَلْقَلَة مَلَوَّثَة مُدَنَّسَة .. [/size]

يلِّهثُون خَلَف أَمْهَر طَبِيْب لِعِلاج مَّرَض أَلَم بِه ..!! [/size]

وَيُهْمِل الْعِلَاج الْحَقِيقِي الْمَعْنَوِي لِقَلْبِه وَرُوْحُه ..!! [/size]

أَلَا فَلْيَعْلَم هَؤُلَاء .. [/size]

أَنالْلَّه تَعَالَى يَعْلَم مَايُسِرُّوْن وَمَايُعْلِنُوْن .. [/size]

وَأَنَّه مَطْلَع عَلَى تِلْك الْأَفْئِدَه .. [/size]

فَالَبِدَار.. الْبِدَار.. نَحْو صَلَاح الْقُلُوْب .. [/size]

فَإِن حَيَاة الْقَلْب وَصِحَّتِه وَشَفَاءَه مِن كُل ضَرَر لَا يَحْصُل إِلَّا [/size]

بِالْإِقْبَال عَلَى كِتَاب الْلَّه تِلَاوَة وَتَدَبُّرَا، فَفِيْه الْشِّفَاء وَالْنُّوْر..كَمَا قَال سُبْحَانَه [/size]

وَالْإِكْثَار مِن ذِكْر الْلَّه قَال تَعَالَى : . [/size]

وَكَثْرَة اسْتِغْفَارُه وَالْتَّوْبَة إِلَيْه، وَالاسْتِعَاذَة بِه مِن الْشَّيْطَان الْرَّجِيْم.. [/size]

وَالْبُعْد عَن مَصَائِدِه وَحَبَائِلِه مِن: الْمَلَاهِي الَّتِي تَصُد عَن ذِكْر الْلَّه، وَسَائِر الْمَعَاصِي. [/size]

الْلَّهُم زَكِي قُلُوْبَنَا وَطُهْرُهَا مِن كُل مايَجْلّب غَضَبَك أَو يَحُل بِه سَخَطِك . [/size]