بستان الواعظين ورياض السامعين
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
260 - أَسمَاء الْعباد
ذكر فِي بعض الْأَخْبَار أَن لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَجَرَة فرعها تَحت الْعَرْش مَكْتُوب على كل ورقة من أوراقها اسْم عبد من عبيده فَإِذا جَاءَ أجل العَبْد سَقَطت تِلْكَ الورقة الَّتِي فِيهَا اسْمه فِي حجر ملك الْمَوْت فَأخذ روحه فِي الْوَقْت
وأنشدوا
(إِنِّي لعبت وحادي الْمَوْت فِي طلبي ... وَإِن فِي الْمَوْت شغل لي عَن اللّعب)
(لَو شمرت مهجتي فِيمَا خلقت لَهُ ... مَا اشْتَدَّ حرصي على الدُّنْيَا وَلَا كَلْبِي)
(سُبْحَانَ رَبِّي فَلَا شَيْء يعادله ... إِن الْحَرِيص على الدُّنْيَا لفي تَعب)
(لَا تغترر بديار لَا مقَام بهَا ... واقصد لدارك إِن الْمَوْت فِي الطّلب)
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (مَا من يَوْم إِلَّا وملكان يناديان يَا أهل الدُّنْيَا ولدتم للْمَوْت وتبنون للخراب وَأَنْتُم محاسبون ومعذبون عِنْد ربكُم)
وأنشدوا
(عجبت لجازع باك مصاب ... بِأَهْل أَو حميم ذِي اكتئاب)
(شَقِيق الجيب دَاعِي الويل جهلا ... كَأَن الْمَوْت كالشيء العجاب)
(وَسوى الله فِيهِ الْخلق حَتَّى ... نَبِي الله فِيهِ لم يحابي)
(لَهُ ملك يُنَادي كل يَوْم ... لدوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب)
(لمن نَبْنِي وَنحن إِلَى تُرَاب ... نعود كَمَا خلقنَا من تُرَاب)
(أَلا يَا موت لم أر مِنْك بدا ... أتيت فَلَا تحيف وَلَا تحابي)
(كَأَنَّك قد هجمت على مشيبي ... كَمَا هجم المشيب على الشَّبَاب)
قيل مر رجل على خراب فَسمع إنْسَانا ينشد هَذِه الأبيات
(قل للَّذين بنوا ديارًا عالية ... وتنافسوا وَالْمَوْت مِنْهُم دانية)
(شيدتموها راغبين وَأَنْتُم ... تردوا الْقُبُور وتتركوها خَالِيَة)
(أَيْن الْمُلُوك وَأَيْنَ مَا قد جمعُوا ... وجيوشهم وعبيدهم وزبانية)
(تَحت التُّرَاب تقطعت أوصالهم ... وأكفهم بعد الأعنة بالية
ثمَّ قَرَأَ {قل هُوَ نبأ عَظِيم أَنْتُم عَنهُ معرضون} ص: 68