كان هناك ذبابة تحاول الخروج من نافذة مغلقة، وظلت الذبابة تحاول مرارًا وتكرارًا أن تخرج من ذلك المخرج، ظلت اقرا وركز تحوم وتدور، تُحلق يمينًا تارة ويسارًا تارة أخرى ولكن بلا فائدة ولا جدوى، وفي نهاية الأمر نفذت طاقتها وماتت
بينما أجريت تجربة على الفئران لمعرفة قدرتهم على التصرف، فقاموا بوضع فأرًا في متاهة كان في آخرها قطعة من الجبن، وظلوا يراقبون تحركات هذا الفأر، وبدأ الفأر يبحث ويبحث، يحاول مرة تلو أخرى، وفي كل مرة يسلك طريقًا مختلفًا، حتى تمكن أخيرًا من الوصول إلى قطعة الجبن.
واستمرت التجربة وغيَّر القائمون عليها المكان الذي وضعت فيه قطعة الجُبن، ولما وضِع الفأر في مكان بداية مختلف، بالطبع جرى الفأر للمكان السابق، ولكنه لم يجد الطعام، فانطلق ليبحث في مكان آخر حتى وصل إلى مراده، ونال قطعة الجبن.
مقارنة دقيقة:
لو تأملنا في هاتين التجربتين لوجدنا أن هناك بونًا شاسعًا بين تفكير الذبابة والفأر، فقد كان للذبابة إصرار شديد على الخروج من النافذة، ولم يكن لديها المرونة الكافية لتبحث عن مخرج آخر، ولو أنها فكرت بطريقة أخرى لنالت ما كانت تريده دون أي عناء، أو على الأكثر بعناء بسيط.
والفأر أيضًا كان مُصرًّا على إيجاد قطعة الجُبن، ولكنه كان يمتلك نوعًا من المرونة، فكان حينما يفشل في الوصول إلى هدفه يبحث عن بديلٍ آخر، فيُغيِّر خطته ويتصرف بسرعة، ولذا؛ نال مكافأته وحصل على قطعة الجبن في النهاية.
سبيل النجاح:
يقول تشارلز جيفينس: (تكرار نفس المحاولات التي لا تؤدي إلى [/size][/b][b] النجاح لن يُغير من النتيجة مهما تعددت هذه المحاولات)، فقد يفشل المرء في تحقيق أهدافه، وتعلن الشركة إفلاسها لمجرد أنهم يحاولون تكرار الأشياء التي لم تنفع من قبل، ولذا؛ فالمرونة وحدها هي المفتاح الأساسي من مفتايح النجاح.
فالمرء إذا أراد أن يسير على طريق النجاح، فلابد أن يكون لديه القدرة على التفكير في وسائل مختلفة وطرق متنوعة من الحلول، فتوماس إديسون تعرض لـ 999 محاولة فاشلة لصناعة المصباح الكهربي، ولكنه كان مؤمنًا أنه سيصل في النهاية إلى طريقة ناجحة، فكان في كل مرة يُجرب طريقة مختلفة إلى أن وصل لهدفه.
وعلى هذا يكون تعريف المرونة كما قال الدكتور إبراهيم الفقي: (إن المرونة هي التحكم، فالشخص الأكثر مرونة في أسلوبه يكون تحكمه في الأشياء أكبر).
المرونة والقرار:
ما من أحد يسير في الحياة إلا ولابد له أن يتخذ الكثير من القرارات، ولكن القليل منهم هو من يتخذ القرار الفعال، ولكي تتخذ القرار الصائب فلابد أن تتحلى بالمرونة، فعملية اتخاذ القرار تمر بخطوات كثيرة، نلخصها سريعًا فيما يلي:
أولًا ـ تحديد المشكلة:
وهي أول خطوة للوصول إلى حل مناسب، فالطبيب قبل أن يقوم بتوصيف العلاج، لابد وأن يُشخِّص الحالة تشخيصًا دقيقًا، لذا؛ في هذه الخطوة لابد من صياغة المشكلة في جملة واحدة تُعرِّف المشكلة بأكبر قدر ممكن من الدقة.
ثانيًا ـ تحديد البدائل:
وهذه هي الخطوة االتي تعنينا هنا، فالمرء لابد له أن يكون له القدرة على التفكير في أكثر من حل للمشكلة الواحدة، لابد من توليد بدائل متنوعة ثم الترجيح بين تلك الحلول، فلا يحصر المرء تفكيره على نوع واحد من الحلول، بل لابد أن يمتلك المرونة الكافية ليفكر بطرق إبداعية مختلفة.
ثالثًا ـ اختيار أحد البدائل وتنفيذها:
فبعد أن قمت بتوليد الأفكار المختلفة، لابد من اختيار البديل المناسب الذي يحقق الهدف الذي تريد الوصول إليه، ثم اشرع في تنفيذ هذا البديل مع وضع بعض المعايير لتقييم النتائج المحققة.
وخلاصة القول إن عملية توليد الأفكار المختلفة، والقدرة على الانتقال من بديل إلى آخر هو السبيل للوصول إلى القرار الفعال.