أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
أولًا: أثبتَ القرآنُ الكريمُ صفةَ الحُبِّ لله جل جلاله، وأثبت أنَّ الله جل جلاله يحبُّ عباده، وهذا الحبُّ هو حُبُّ القادر المقتدر المعطي اللطيف بعباده المؤمنين، وهو حُبٌّ يَليقُ به جل جلاله، فمَن يختاره الله جل جلاله من عباده العباد ليحبه، فإنه سيتمتع بامتيازات هائلة في الدنيا والآخرة، فمِن مكاسب حب الله جل جلاله للعبد في الدنيا أن يحبه جبريل عليه السلام، ثمَّ تُحبه الملائكة، ثم الناس، ويكتب له القبول في الأرض، ولمن يحبه الله جل جلاله في الآخرة جزاء عظيم، والناس في تذوق حب الله جل جلاله لهم قسمان:
القسم الأول: هم الذين يُحسُّون بذلك الحب على الحقيقة، ويستشعرون معية الله جل جلاله معهم، وأولئك هم المؤمنون الذين يسمعون ويبصرون ويبطشون ويمشون بمعية الله جل جلاله معهم.
القسم الثاني: وهم الذين يتوهمون بأن الله جل جلاله يحبهم، والأمر ليس كذلك، وهؤلاء هم اليهود والنصارى؛ فاليهود هم المغضوب عليهم، والنصارى هم الضالون.
وإنما جاء ذكر حب الله جل جلاله في القرآن ليعرفه العبد؛ لأن فيه النجاة والفوز في الدنيا والآخرة، ويسعى ليكون في نطاقه؛ ليفوز بكل ما يترتب عليه ذلك الحب من منح وعطايا.
ثانيًا: إن الأصناف البشرية الثمانية الذين يحبهم الله جل جلاله وجاء ذكرهم في القرآن الكريم - هم: المحسنون، والمتقون، والصابرون، والمتوكلون، والمقسطون، والتوابون، والمُطَّهِّرون والمُتطهِّرون (وهما حالة واحدة)، والذين يقاتلون في سبيل الله جل جلاله صفًّا كأنهم بنيان مرصوص، فهم ثمانية أصناف، وجاءت تسمية هذه الأصناف ليسعى الفرد المؤمن ليكون ضمن أحد هذه الأصناف؛ ليحبه الله جل جلاله.
ومما يجدر لفت النظر إليه: أن هذه الأصناف الثمانية من الذين يحبهم الله جل جلاله كلها تحتاج إلى بذل الوسع والجهد، والتضحية بالمرغوب والمحبوب والعزيز، والصبر على اللأواء، ومكابدة الصعاب، ومصارعة النفس الأمَّارة، ومدافعة شهواتها، وإتعابها في الليل والنهار، وبذل النفيس، بل بذل النفس أحيانًا، للوصول لهذه العناوين، فمن أجل ذلك فإن الله جل جلاله يحبهم.
كما أن الأصناف الثمانية التي يحبها الله جل جلاله تشترك في أن لكل منها علاقة، إما مادية أو روحية مع الأصناف الأخرى؛ فالمحسنون ينبغي أن يكونوا متقين، ومتوكلين، ومتطهرين، ويسري هذا الأمر على المتقين كذلك، والمتطهرون مثلًا ينبغي أن يكونوا متقين، وصابرين، ومحسنين، والتوابون يكونوا محسنين ومتقين ومطهرين، وهكذا للأصناف كافة.
ثالثًا: إن الإحسان اسم جامع يعبر عن الفضل في أعمال الخير بشكل عام، وتحقيق العبادة على مراد الله جل جلاله فيما يخص العبادة، وهو وسيلة غاية في الأهمية للوصول لحب الله جل جلاله، والقرآن الكريم أشار إلى أربع وسائل للوصول لمرتبة الإحسان؛ وهي: الإنفاق، والتقوى، وكظم الغيظ مع العفو والصفح، وهذه الأربعة فيها جوامع الخير المؤدي للإحسان؛ فالتقوى هي طريق أن يعبد العبدُ اللهَ جل جلاله كأنه يراه، والإنفاق فيه كسر لحب النفس للشهوات، وتهيئتها للإحسان، وكظم الغيظ والعفو والصفح فيها التواضع للناس، الذي هو قمة الإحسان إليهم.
رابعًا: إن الله جل جلاله لا يحب بعضًا من عباده، وجاء ذكرهم في القرآن الكريم، فمنهم من جاؤوا بصيغة الجمع، وهم: المعتدون، والظالمون، والمفسدون، والمسرفون، والمستكبرون، والخائنون، والكافرون والفرحون، فهم ثمانية أصناف أيضًا، وأما أولئك الذين لا يحبهم الله جل جلاله وجاء ذكرهم بصيغة المفرد، وهم كل: خوَّان كفور، وكفَّار أثيم، ومختال فخور، وخوَّان أثيم، فإنهم كانوا بصيغ المبالغة، وبإضافة صفتين أُضِيفتا إلى بعضهما البعض، ففي ذلك دلالة على أن العمل السيئ الفردي لا يمكن أن يكافئ عمل الجماعة حتى يصل إلى درجة عالية من السوء المقترن بعضه ببعض.
ومما تجدر الإشارة إليه: أن كل من ذكر بصيغة الجمع أو المفرد إنما خالف الفطرة التي جبَله الله جل جلاله عليها بشقيها الإيماني والمادي، وبذل الوسع في أمور مخالفة للقيم والأخلاق العامة، وسار بعكس ما يريد الله جل جلاله، فتناقض مع النفس المطمئنة، وتملق للشيطان وأطاعه بمحض إرادته، وهو مأمور بخلافه، من أجل ذلك فإن الله جل جلاله لا يحبهم.
خامسًا: وفي القرآن الكريم أن الله جل جلاله لا يحب خُلقَين، وقد سماهما القرآن الكريم، وهما: الجهر بالسوء، والفساد، وإن كلا الخُلقين يدلان على انهيار المنظومة الأخلاقية، وتفشي الرذيلة عند الناس عندما يشيعا في المجتمع؛ لذلك فإن الله جل جلاله لا يحبهما، وانهيار منظومة الأخلاق يعني انتشار الفساد، وانتشار الفساد يعني الجرأة على الجهر بالسوء، وغياب الفضيلة والمروءة، عند ذاك فإن الإنسان سيفقد القدرة على السيطرة على الواقع لأداء دوره كخليفة في الأرض، وإن كل ذلك خلاف لمراد الله جل جلاله في دِينه، مِن تحقيق رفع الحرج عن الناس، وحفظ ضروريات حياتهم، وتحقيق مصالحهم.
سادسًا: أثبت القرآن الكريم أن العبدَ يتصف بصفة الحب، وحب العبد يختلف تمامًا عن صفة الحب التي يتصف بها الله جل جلاله؛ فحب العبد حب حاجة مادية أو روحية يحتاجها ليكمل بها نقصًا في شخصيته، وهو على أنواع؛ فالعبد المؤمن يحب الله جل جلاله، وبيَّنَ القرآن الكريم أن الوصول لهذا الحب له طريق لا بد من اتباعه، وهو اتباعُ سنة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك يحب الإنسان إنسانًا مثله، ومن ذلك الحب: حب قوم لقوم، وهو حب الأنصار رضي الله عنهم للمهاجرين رضي الله عنهم، وحب الوالد لولده، وهو حب النبي يعقوب عليه السلام لولده النبي يوسف عليه السلام، وحب المرأة للرجل، وهو حب امرأة العزيز لنبي الله يوسف عليه السلام، وحب الرجل لعمه المتفضل عليه، وهو حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذه النماذج البشرية في الحب التي جاءت في القرآن الكريم، كلها نماذج متفردة، وخارج سياق السنن الكونية؛ لذلك ذُكرَت في القرآن الكريم، وتحدث عنها القرآن الكريم بالتفصيل أحيانًا؛ فحب الأنصار للمهاجرين هو حب خارج المألوف؛ لأن المهاجرين هم فقراء أولًا؛ لأنهم تركوا كل ممتلكاتهم في مكة، وقد شاركوا الأنصار في مساكنهم وأموالهم ثانيًا، فكان من المنطقي أن يحصل العكس، أن يذكر حب المهاجرين للأنصار، وهم قد أحبوهم بالفعل، ولكن الذي حصل أن القرآن ذكر حب الأنصار للمهاجرين؛ لأنه حب في الله جل جلاله خرج عن المألوف، فحين يكون حب إنسان لإنسان في الله جل جلاله فإن كل معايير القياس البشري تتبدد، وكل أسباب الحب المادي تنتهي.
وفي نفس السياق والفكرة ذُكِرَ حب نبي الله يعقوب عليه السلام لولده نبي الله يوسف عليه السلام في القرآن الكريم؛ ذلك لأنه حب متفرد، ولأنه إشارة لحب والد - لديه العديد من الأولاد - لأحد أولاده، فليس أمرًا طبيعيًّا أن يحتل واحدٌ منهم كل قلبه، ويحتكر كل مشاعره.
سابعًا: فيما يخص الحب المتعلق بالمرأة والرجل فإن الذي ذُكِرَ في القرآن هو حب المرأة للرجل، وتحديدًا حب امرأة العزيز للنبي يوسف عليه السلام؛ ذلك أن حب الرجل للمرأة هو فطرة بشرية، قد يقع فيه البَرُّ والفاجر، وإن حب الرجل للمرأة لن يكون ذا تأثير على أرض الواقع ما لم تسمح المرأة للرجل، بمعنى مهما أحب الرجل المرأة فإنه لن يكون ذا معنًى إذا لم تكن هناك استجابة من المرأة؛ ولذلك لم يأتِ ذكر هذا الحب، في حين أن حب المرأة للرجل هو الأخطر حين يكون سلبيًّا؛ لأن الرجل مهما قاوم ودافع وامتنع فإن المرأة إن أرادت أن تضع حبائلها لتوقع بالرجل، فستستطيع إذا أراد الله جل جلاله، إلا من رحم الله جل جلاله، وهو الذي حصل مع يوسف عليه السلام، عندما نجاه الله جل جلاله من كيد امرأة العزيز التي شُغِفَت به حبًّا؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما تركتُ بعدي فِتنةً أضرَّ على الرِّجالِ من النساء))[1]، فذكر القرآن الكريم هذا النوع من الحب تذكيرًا وتحذيرًا؛ فوجب الاحتياط منه والابتعاد عن مقدماته وأسبابه، وكان النموذج الناجح للرجل الذي قاوم ودافع ذلك الحب هو نبي الله يوسف عليه السلام، الذي عارك كل الظروف المحيطة المشجعة لذلك الحب، وتجاوز كل الحبائل والفِخاخ التي نُصِبت للإيقاع به، فكان مثلًا رائعًا وقدوةً حسنة للشاب العفيف التقي المؤمن.
ثامنًا: مهما بلغ حب العبد المؤمن للعبد الكافر فإنه لا ينفعه في الانتقال من مرتبة الكفر إلى الإيمان، وإن كان هذا الحب من قَبيل حب الرجل لرَحِمِه، وإن كان حب نبي لرجل من أهله؛ فالقاعدة القرآنية تقول: إن الهداية أمر توفيقي رباني؛ فالله جل جلاله يَهدي من يشاء، ولا دخل للحب البشري في الهداية، في حين يكون حب العبد للعبد في الله جل جلاله أو في جلال الله جل جلاله سببًا لمقام رفيع للعبد عند الله جل جلاله، حتى إن المتحابِّين في جلال الله جل جلاله سيكونون يوم القيامة في مقام يغبِطُهم عليه الأنبياءُ والشهداء.
تاسعًا: تتعلق قلوب عامة الناس بحب أشياءَ ذكرها القرآن، وهي من المسائل الفطرية؛ لأنها تتعلق بالفطرة البشرية، وهنا مفترق لا بد من الوقوف عنده، فإما أن يكون الحب طبيعيًّا ينساق وفق حب الله تعالى، فيكون مقبولًا وإيجابيًّا، وإما أن يكون من هوى النفس وتزيين الشيطان فيكون سلبيًّا، فمن ذلك: حب المال، والخير، والشهوات.
عاشرًا: حين ينشغل الناس بحب بعضهم البعض، وبحبهم لأشياء وشهوات في الحياة الدنيا، فإن القرآن الكريم يضع للمسلم طريقَ حب أشياء يبلغ بها أرفع المقامات عند الله تعالى؛ فالأشياء التي ينبغي أن يحبها المؤمن هي: الإيمان، الطهارة، المغفرة، النصر، بل ويصل الحال إلى أن المؤمنَ قد يحب أشياءَ ضارة من أجل ألا يقعَ في خطيئة يخسَرُ فيها حب الله جل جلاله، كما أحبَّ يوسفُ عليه السلام السِّجن.
حادي عشر: جعل الله جل جلاله الحب معيارًا للإيمان، ومعيارًا للكفر؛ فمعيار الإيمان أن يحب المرءُ الإيمانَ، والطهارة، والمغفرة، والنصر، فمن أحبها فهو مؤمن، وأما معيار الكفر فإن المرءَ يحب الكفر والعمَى والأنداد من دون الله جل جلاله، وأن يُحِبَّ أن يُحمَد بما لم يفعل، ويحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
ثاني عشر: إن صيغة الفعل المضارع (يحب) كانت هي اللفظ المستخدم في القرآن الكريم، وصيغة المضارع هي صيغة الاستمرار والدوام؛ فهي تفيد الحاضر والمستقبل، وذلك يشير إلى أن القرآن العظيم يبين أن الحب النافع الذي سيجازى عليه الفرد خيرًا هو الحب القائم والمستمر، وكذلك صيغة (لا يحب) فبنفس المعنى أنه حين يقع فإنه يفيد الاستمرار، فإن الله جل جلاله يحب المحسنين والمتقين وبقية الأصناف حبًّا مستمرًّا ما استمروا هم على ذلك، وكذلك فإن الله جل جلاله لا يحب الكافرين والظالمين وبقية الأصناف ما داموا يستمرون على ذلك، إلا في استثناءات لها أسبابها، وهي:
1 - خاطَب الله جل جلاله رسولَه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ [القصص: 56]، فقد جاء بصيغة الماضي (أحببت)؛ لأنها تتعلق بحادثة وقعت لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب، وكان القرآن ما زال ينزل، وقد قضى الله جل جلاله بأن يموت عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب وهو على كُفره؛ فالأمر حدَث وقضي الأمر، فهو من الماضي.
2 - قول الله جل جلاله على لسان نبي الله سليمان عليه السلام: ﴿ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ [ص: 32]، وهي حادثة واحدة وقعت لنبي الله سليمان عليه السلام، إنه أحب الخيل لمرة واحدة حبًّا شغله عن طاعة ربه، فتبرأ عليه السلام من هذا الحب، وقدَّم ما أحَبَّ قرابينَ من أجل حب الله جل جلاله، وأصبح ذلك الحب السلبي من ذكريات الماضي.
3 - قول الله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الحجرات: 7]، قال الخازن في تفسيره: (﴿ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ ﴾؛ أي: جعله أحب الأديان إليكم، ﴿ وَزَيَّنَهُ ﴾؛ أي: حسَّنه وقرَّبه منكم، وأدخله في قلوبكم، حتى اخترتموه؛ لأن من أحب شيئًا إذا طالَ عليه قد يسأم منه، والإيمان في كل يوم يزداد في القلب حسنًا وثَباتًا، وبذلك تطيعون رسول الله صلى الله عليه وسلم)[2]، وجاء قوله تعالى بصيغة الماضي ﴿ حَبَّبَ ﴾ وإن كان خصوص السبب في الخطاب لمن عاش في عهد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن عموم اللفظ يفيد جميع المؤمنين في كل زمان ومكان؛ فكل مؤمن قد حبَّب الله تعالى إليه الإيمان، ثم ترك لهم المجال واسعًا فيما يحبون في أن يتنافسوا في ذلك الحب ويقدِّموا أعمالًا.
فإن الله جل جلاله فَطَرَ الإنسان على حب الإيمان مع نفخة الرُّوح، ومن أجل أن تتحقق أهداف امتحان الإنسان في هذه الدنيا فقد تركَ الأمر للإنسان نفسه، إما في تنمية هذا الإيمان والزيادة في حبه، وذلك بالأعمال الصالحة، وإما بنقصانه، وربما بفقدانه، وذلك بالمعاصي، وهذا هو أصل ما قاله العلماء في أن الإيمان قولٌ وعمل، يَزيد وينقُصُ.
4 - جاءت بعض ألفاظ الحب على وزن أفعل، وهي صيغة تفضيل، كما هو معلوم عند أهل اللغة، وقد جاءت في تلك المواضع لاقتضاء الحال في المقارنة بين حُبَّين؛ حيث وردت هذه الصيغة في المواضع الآتية:
• قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، فهنا يتنافس حبُّ مَن ذُكروا في هذه الآية مع حب الله جل جلاله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل ويكون حبهم أكثرَ منه، وهذا حب سلبي تكون نتائجُه وعواقبه وخيمة.
• وفي قوله تعالى: ﴿ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [يوسف: 8]، ما يدل على أن أبا يوسف - نبيَّ الله يعقوب - عليهما السلام كان يحب أبناءه جميعًا، ولكنه كان يحب يوسفَ وأخاه أكثرَ من الآخرين، ويحب يوسف عليه السلام محبة خاصة.
• وفي قوله تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33]، فهنا النبي يوسفُ عليه السلام يفضل بل ويحب السجنَ على أن يزنيَ.
[1] صحيح البخاري، باب ما يتقى من شؤم المرأة، ج5، ص1959،حديث: 4808.
[2] لباب التأويل في معاني التنزيل، تفسير الخازن، تفسير سورة الحجرات، ج6، ص223