أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
في تلك اللحظة الصعبة يطرق الباب طرقات خفيفة , وينتظر الطارق لحظات لعل أمه تفتح له الباب . ولكن لم يسمع حركة أو وقع خطوات تقترب من الباب , قال لعل أمه نائمة فلم تسمع ..فأعاد الطرق مرة أخرى , ومع ذلك لم يسمع صوت يقترب من الباب , أمسك قبضة الباب وعالجها من الخارج فوجد أن الباب لم يكن مقفولاً
فتح الباب ودخل بهدوء كان الوقت عصراً وكان يشعر بالجوع الشديد بعد أن شارك بمظاهرة التأييد للرئيس السوري لقتله الآلاف من الشعب والتي انطلقت في هذا اليوم وكان هو من أبطالها , فقد بح صوته من الصراخ وتعبت قدماه من الحركة والوقوف , مع أنه في ريعان شبابه وقوته وعزيمته دخل المطبخ بسرعة لعله يجد طعاماً لذيذاً صنع من يدي أمه الحنونة والطيبة , ولكن لم يجد مايسيل لعابه ولم يجد إلا أن المطبخ باق على حاله كما تركه , وهنا جن جنونه وقال مخاطباً نفسه بصوت عال , ألا تعرف أمي أنني سوف أتي في هذا الوقت والجوع يكون قد هد الحيل عندي , وصرخ أين أنت ياامي؟ ولكن لم يسمع إجابة ولا صوت ولا حركة , فدب الخوف في نفسه وانطلق مسرعاً باتجاه حجرة أمه فوجد الباب مغلقاً فطرق الباب , فلم يسمع أذناً بالدخول , وضع أذنه على الباب , آه ....إنه يسمع صوتاً ما ...داخل الحجرة , صوتاً ضعيفا يعبر عن بكاء خافت فتح الباب ونظر داخل الحجرة فلم يجد أمه على السرير كالمعتاد , أخذ يقلب نظره داخل الغرفة ولم يعثر على أمه إلا في زاوية ميتة من زوايا الغرفة تجلس القرفصاء مكومة بعضها على بعض كأنها صرة من قماش ورأسها بين ركبتيها وهي تبكي تقدم إليها لامس شعرها سألها لماذا تبكين ياحبيبتي , هل أنت مريضة لاسمح الله ؟ أو أن أحداً قد أزعجك فقولي لي من يكون , حتى أشفي غليلك منه رفعت رأسها بهدوء ...هي في الخمسين من عمرها وما زالت قوية وكان وجهها دائماً بلونه الوردي الجميل , يضاف لجماله نور إيمانها الذي يلج في داخلها ليزداد جمالاً فوق جمال ولكن وجد وجهها أصفر شاحب اللون وعيونها حمراء مشتعلة والدموع تتساقط منها كأنهما نبعان يخرجان منهما ليرسما جدولين من الماء يسيلان على خديها وعندما رأته شهقت خوفاً وصرخت من أنت؟ وسارعت لتستر نفسها وتضع الغطاء على رأسها فخاطبها أنا ابنك هل نسيتيني ياأمي ؟ أنا حبيبك المدلل عندك عن بقية إخواني كلهم فأنا الصغير , وكلهم تزوجوا ويعيشون حياتهم الخاصة وبقينا أنا وأنت فقط ولكن ماإن انتهى من كلامه حتى علا صوت البكاء عندها وشهقت شهقة قوية وارتمت بعدها الأرض جثة هامدة لاحراك فيها دب الرعب والخوف في قلب أحمد وصرخ بأعلى صوته.... أمي ......أمي وارتمى عليها وهو يصرخ ويرتجف ويحاول النظر لوجهها , ويتساءل لعلها ماتت , ويدعو الله أن يكون ذلك مجرد خاطر يحدث في مثل هذه الحالات , ودقق النظر لصدرها فوجده يعلو ويهبط ببطيء فاطمأن قلبه وحاول إيقاظها بالماء , وبعد أن استعادت وعيها وفتحت عينيها , ووجدته أمامها انهالت بكاءاً مرة أخرى فاحتار أحمد وغلبت على حيرته إهمال أمه لوجوده وكأنه غير موجود , ينظر إليها بحنان وعطف وأخذ يشاركها في البكاء , ويترجاها ويستعطفها لعلها تقول له ولو كلمة واحدة أو يسمع منها أي شيئ , يقول لها أرجوكي لاتبكي ياأمي ولكن عيناها المليئتان بالدموع بدأت تتجول في أركان الحجرة واستقر نظرها على صورة لأحمد أخذت له قبل سنوات عندما كان عمره في الثالثة عشرة من عمره , وفي هذه اللحظة ابتسمت وندهت على الصورة وقالت : تعالى ياقرة عيني وفلذة كبدي ....يابني ...تعالى ....ياحمزة الخطيب وانده لأخيك ثامر , تعالا ساعداني على النهوض وهي تردد عبارات ورضا ودعوات , وتقول الله يرضى عليك يابني حمزه اسندني من جهة اليمين وانت رضاي عليك ياولدي ثامر اسندني من ناحية اليسار , ومدت يدها اليمنى واليسرى بتتابع ونهضت من مكانها وهي تواصل في الدعاء لهما , وخرجت من الحجرة وذهبت إلى المطبخ تريد أن تصنع طعاما لذيذاً وشهياً لهما