عشنا و سمعنا الرئيس الأمريكي ( كلينتون ) يعلن عن اكتشاف (الجينيوم البشري) عبر الإذاعات للعالم كله و يعلن عن فض رموز هذا ( الجينيوم ) الذي يتألف من ثلاثة مليارات حرف كيميائي و هو ما يملأ خمسة ملايين صفحة مدونة و كل هذا في حيز صغير متناهي الصغر في نواة الخلية ( بضعة أجزاء من المللي ) تحتوي على مقدرات هذا المخلوق الإنساني و صفاته البدنية و حظه من الصحة و المرض و القوة و الضعف و مواهبه و ملكاته و ما سيجري عليه من أحوال.. و كل هذا مدون بالتفصيل في مخطوطة شاملة لا تكاد ترى إلا بميكرسكوب إلكتروني.. معلومات تملأ خمسة ملايين صفحة في حيز متناه في الدقة لا يُرى..
و من الذي استطاع أن يدون هذه المخطوطة و بأي قلم و في مثل هذا الحيز الخرافي.. إلا الخالق جل جلاله.. و صدق القرآن العظيم:
(( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) )) [ الأعراف ]
(( و أشهدهم على أنفسهم )).. هذا إشهاد صريح و مفصل.
و الله يروي في قرآنه عملية الإشهاد.. كما يحكي عن هذا (المانفستو) الإلهي الذي اسمه ( الجينيوم البشري ).. و كيف أن كل مولود جاء و معه قصته و حكايته من الأزل مكتوبة في خلاياه و مسطورة في جيناته..
ثم ما حدث في هذا القرن من الزمان من إشهاد العالم كله على أصل الحكاية و بلسان أكبر زعيم لأكبر دولة.. هو الرئيس الأمريكي (كلينتون).
تلك الجينات.. من كتبها..؟! و من أودعها في هذه الحروف الكيمائية..؟!
و الإشهاد بهذا المفهوم الجديد أوسع و أشمل مما جاء في كتب التفسير القديمة.. فقد اشتركت الدنيا كلها في هذه المظاهرة الشهودية و كانت حديث الساعة و موضوع التفاخر و الاستعلاء بالنسبة لعلماء الغرب.. و قد اتخذوا منه حجة على موقفهم من الدين.. مع أنه حجة عليهم و ليس حجة لهم.. فهذا كتاب لا يمكن أن يكتبه مخلوق.. و لا مفر و لا معدى و لا مهرب من القول إن الذي كتب هو الذي خلق لأن الكتابة جاءت في صميم الخلقة و في الحشوة المخلوقة ذاتها و بالحروف الكيمائية لنفس المخلوق و هو عمل معجز لا يقدر عليه إلا الخالق الذي خلق.
كان هذا اليوم يوم إشهاد عالمي على عظمة القرآن و شموله و إحاطته و إعجازه و خلود آياته و قدرته على الحضور في كل عصر.. ((وأشهدهم على أنفسهم)).. و هذه ما حدث بالفعل .