أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
الإنسان الحكيم يعلم علم اليقين أن الحياة الدنيا مرحلة ابتلاء وامتحان، وميدان جهاد، ومصابرة، ويدرك إدراك الخبير أن الصراع ما زال مستمرا بين الحق والباطل، والرشد والغي، والصدق والكذب، منذ نزل آدم عليه السلام إلى الأرض، وسيستمر إلى ما شاء الله، فالباطل والغي والكذب من سلوكيات الشيطان وجنوده من شياطين الإنس والجن. هؤلاء الذين قال تعالى عنهم "المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف" "التوبة:67" إنهم يدعون إلى المنكر، من باطل وغي وكذب، بأنواع المكر والحيل والخداع، يحسنون القبيح ويقبحون الحسن، ويخدعون به أكثر الناس لنيل حظوظ عاجلة وشهوة حاضرة، مع الغفلة عن المصير والنهاية.
أما الحق والرشد والصدق، فيحمله الرسل وأتباعهم من العلماء والمصلحين، ويوضحونه للناس ويبصرونهم به ويكشفون عنه الشبه، ويجاهدون في سبيله فيهتدي على أيديهم من شاء الله هدايته، من ذوي البصائر النافذة والعقول الراجحة، الذين يميزون بين الضار والنافع، وينظرون في عواقب الأمور، ويصبرون على مجاهدة الهوى، والنفس، والشيطان، ومجاهدة المنافقين فيتقربون إلى الله بالجهاد في سبيله، والثبات على دينه، عند تلاطم أمواج الفتن، واشتداد أذى الفتانين.
العرب اليوم يعيشون في معترك فتن عظيمة متنوعة، فالمال فتنة وقد فاض اليوم بأيدي الناس، والأولاد فتنة وقد استعصى أمرهم على كثير من أولياء أمورهم، ومخالطة الأشرار من المنافقين فتنة، وقد امتلأت بهم بلاد المسلمين، والدعاية إلى الباطل والتنفير من الحق فتنة، وقد تعاظم اليوم خطرها وتطاير شررها وتنوعت أساليبها، فالعالم أصبح قرية صغيرة بسبب تطور وسائل النقل ووسائل الإعلام، وما يقال أو يفعل في أقصى الأرض يصل إلى أقصاها بواسطة المذياع والتلفاز والانترنت، بأسرع وقت وأقرب طريق، وأصبح صوت الباطل في هذه الأجهزة واضحا وجهوريا. وصوت الحق فيها خافتا وخفيا. فغالب هذه الآليات الحديثة ديدنها الهدم والتخريب والتحريش والتشويش، وترويج الباطل وتشويه الحق، والقليل من هذه الآليات إذا جعلت في برامجها ذرة من الحق سلطت عليه الباطل حتى يغطيه ويمحو أثره.
تأتي مشاهد السخرية التي تزين الباطل وتشوه الحق، تحول العلم الصحيح إلى علم مزيف، والدين الحق إلى دين مشين، والخبر اليقين إلى خبر مريب، فتسمع التنفير مما أباح الله، وترويج الخلاعة والمجون. ولم يرحم الإعلام المكتوب، في أغلبه، من مقالات منحرفة، وأخبار ما أنزل الله بها من سلطان، وخصام بلا مصالحة، إلى جانب ذلك أصبح المتلقي، في حيرة، وتردد، أآخذ الحقيقة من المذياع، أم التلفاز، أم الانترنت، أم من صحيفة من الصحف أم من كتاب مغر!.
فماذا يصنع هذا المتلقي؟ فالباثون لا يميزون بين الحق والباطل، والصحيح من الزيف، بل يزعمون أنها أحسن ما قيل، والغريب أن من تراث العرب والإنسانية ما ينفع الناس ويهديهم لكن هؤلاء الباثون يقولون إنها وردت في كتب قديمة، ويسمونها الكتب الصفراء، للتنفير منها، أما تلك التي بأيديهم فيقولون إنها كتب عصرية من إنتاج المفكرين وآراء المثقفين ولو كانوا "لا يعلمون شيئا ولا يهتدون" "المائدة:104"، "أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين" "البقرة:16".
من تعنت العرب، أنهم لم يمتثلوا لأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبرهم في حديث روته عائشة "إنما بعثني الله مبلغا ولم يبعثني متعنتا"، وآخر عن ابن مسعود "هلك المتنطعون"، ولم يلتزموا بأمر الله تعالى "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" "آل عمران:103- 105".
أين أنتم يا معشر العرب، ألم ينهكم خاتم المرسلين كما نهت الرسل من قبله "إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف"؟!، "إن الله تعالى رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي عن العنف"، "إياكم والفتن فإنها تشعل نيران الحروب المدمرة، وتهدم الكيان"، "إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر"، "إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم"..
لماذا يا عرب لا تتعاونوا على البر والتقوى؟ ألم يكفكم قول الله تعالى حين أمر ونهى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله" "المائدة:2" ألم يقل لكم خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به". وقال "ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته".
والغريب أننا نجد العرب المسلمين الذين أوجب عليهم دينهم وفرض عليهم الزكاة، ليرحموا من في الأرض، في عصرنا هذا انحرفوا، ومالوا إلى الإسراف والتبذير فيما لا ينفع الناس وهذا مخالف لحديث صحيح روي عن جابر "المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس" ونجدهم أيضا قد خالفوا مقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وأيضا "المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك"..
فأين التآلف؟ وأين المسالمة؟ وأين التعاون على البر والتقوى؟ ومتى يقلع العرب عن إثارة الفتن والخصومات؟ ومتى يتحدون ويعتصمون بحبل الله؟ ومتى يزهقون الباطل ويحقون الحق؟ ومتى يشكرون الله الذي قال لهم "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" "البقرة:143" ويلتزمون بالاعتدال؟ "علموا ويسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت"، "علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف".
فيا أيها الإنسان "عليك بالبر فإن صاحب البر يعجبه أن يكون الناس بخير وفي خصب"، "عليك بالعلم، فإن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيّمه، والرفق أبوه، واللين أخوه، والصبر أمير جنوده". وختاما أدعو الله أن يهدي الناس للتآخي والتواد.
يا قارىء خطى لا تبكى على موتى .. فاليوم أنا معك وغدا فى التراب فإن عشت فإنى معك وإن مت فتبقى للذكرى .. ويا مارا على قبرى لا تعجب من أمرى .. بالأمس كنت معك وغدا أنت معى .. أموت ويبقى كل ما كتبته ذكرى .. فيا ليت كل من قرأ خطى دعا لى