أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
قال الله تبارك وتعالى : ( واذكرربك كثيرا وسبح بالعشى والأبكار )
امر سبحانه بالذكر كثيرا وبالتسبيح فى اول النهار وآخره ،
وفى آية اخرى امر بالتسبيح فى الليل وقبل الفجر وذلك فى قوله عزوجل : ( ومن الليل فسبحه وادبار النجوم )
فماالتسبيح ؟ وماهى المواطن التى امر بالتسبيح فيها ؟ ومامناسبة التسبيح لهذه المواطن او الأحوال ؟ ثم ماهى ثمار التسبيح ؟
كل هذا سنجيب عليه ان شاءالله تعالى مستمدين منه العون والتوفيق للصواب 0
فالتسبيح مصدر سبح والسبح هو البعد ،
ومعناه اسبح الله عمالايليق به سبحانه من اتخاذ الند او الصاحبة او العجز اوغيره مما لايليق به سبحانه فهو مأخوذ من البعد ومنه قوله تعالى : ( والسابحات سبحا )
النجوم تسبح فى الفضاء 0 هذا تعريفه ووجهه ان المسبح ينزه الله عما لايليق ويثبت له الكمال فاذا سبحه عن النقص
اثبت له الكمال وهذا السر اللطيف باقتران الحمد بالتسبيح فان الحمد معناه ذكر المحمود بالكمال فعلى هذا يكون
التسبيح تنزيه الله تعالى عن النقص واثبات الكمال وهذا هو اللائق بالله تبارك وتعالى 0
واما مناسبة التسبيح فى الايات فكل آية حسب سياقها وموضوعها ومن ذلك قوله تعالى(فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وادبار السجود واستمع يوم ينادى المنادى من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج ) 0
حين ذكر سبحانه خلق السموات والارض وذلك عمل عظيم يستحق عليه المدح والثناء والتعظيم سبحانه ولما كان من الناس من يقول انه تعب من خلقها فاستراح كما قالت اليهود نفى هذا القول الباطل الذى فيه تنقص لله سبحانه وان مثل هذا القول المنكر لايجوز فى حقه جل وعلا فتأمل كيف قال سبح بحمد ربك اى نزهه تنزيها مقترنا بذكره بالكمال والتعظيم مقترنا بمحبته سبحانه فان البا هنا للمصاحبه اذا فهذه مناسبة التسبيح فى هذه الآية 0 نأخذ آية اخرى ونذكر فيها المناسبة 0 فى قوله جل وعلا : فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا 0
مناسبة التسبيح هنا ان الله تعالى قد اخبره انه سيظهر دينه ويعليه وانه سيمكن له فى الارض وانه سيفتح عليه مكة
وستكون بلاد اسلام بعد ان كانت بلاد كفر وشرك وبما انها تحوى الكعبة قبلة المسلمين وبيت الله الحرام فان فتحها
لاشك من اعظم النعم ولولا نصر الله لنبيه وتمكينه ولولارحمته لماحصلت لرسوله ولأمته تلك النعم 0 وفى قوله
تعالى : ( يسبح لله مافى السموات ومافى الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم )
لماكان ارسال الرسل ليخرجوا الناس من ظلمات الجهل والتخبط وعبادة الأوثان ودعاء الاموات والتعلق بما لايضر ولاينفع وضياع الأعمار والأموال والأوقات وبالتالى خسارة الدنيا والآخرة اقول لماكان هذا الفعل من اعظم النعم والآمتنان على الناس وفيه انقاذهم وفيه تتجلى اسمى معانى الرحمة والكرم ناسب ان يذكر سبحانه ان مافى السموات ومافى الأرض مافى السموات من الملائكة ومافى الأرض من الناس والدواب والانعام والطير والشجر والحجر وغيره يسبح لله سبحانه وينزهه عن الظلم وينزهه عن النقص وينزهه ان يترك الناس سدى وهملا ( ايحسب الأنسان ان يترك سدى )
وهل خلق الأنسان واعماره الأرض ثم اماتته وتركه دون جزاء على الأحسان وعقاب على تضييع اوامر الله الا من العبث والله تعالى منزه عن العبث فالعبث لايكون الا من ناقص والله تعالى له صفات الكمال والجلال 0
وفى قوله سبحانه وتعالى : ( قال اوسطهم الم اقل لكم لولاتسبحون قالوا سبحان ربنا اناكنا ظالمين )
هذه الاية فى معرض ذكر الله تبارك وتعالى لأصحاب الجنة اى البستان اذا اقسموا ليصرمنها مصبحين ولايستثنون 0
فقد استكبروا وطغوا ومنعوا حق المال من الصدقه والأحسان للفقراء ونسوا اوتناسوا ان هذا من الله تعالى وانه هو
وحده الذى اختصهم به واعطاهم اياه وانه قد فرض عليهم حقه يوم حصاده للفقراء والمساكين وغيرهم من اهل الزكاة
لكنهم اعرضوا عن هذا كله وابتكروا البستان وتسللوا خفية عن الناس بدليل قوله تعالى فانطلقوا وهم يتخافتون اى يكلم بعضهم بعضا بصوت خافت حتى لايسمعه الفقراء فيأتون اليهم ليأخذوا نصيبهم الذى فرضه الله لهم
(الايدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين) قيل ان حرد اسم قريتهم فيكون
التقدير فوصلوا مكانهم وقيل حرد ، القصد وقيل الحرد المنع فيكون المعنى على هذا التقدير واصبحوا على المنع
قادرين 0 لكنهم تفاجأوا ان وجدوا البستان
كما قال الله تعالى : (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم )
والصريم قيل هو الليل المظلم وقيل هو الرماد الأسود وقيل هو الزرع المحصود اى المصروم والكل سائغ اذ لاتناقض
فيحمل المعنى على هذه الوجوه كلها كماهو مقرر فى اصول التفسير 0اى ننزه الله تعالى عن الذهول او الغفلة حيث
علم بنيتنا وعزمنا على منع الفقراء حقهم والاستحواذ على محصول البستان كله فقد سمعنا وبيننا وبينه تلك
المسافات الهائلة وعلم مابيتنا فجعل بستانناعلى هذه الحال ولم نظفر بمرادنا الباطل
اى فى الدنيا هذه عاقبتهم وهذا جزاء مكرهم انا سبقناهم وعاملناهم بنقيض قصدهم فلم يظفروا منها بشيء لابقليل ولاكثير بل احترقت كلها ومافيها 0 ولم يذكر سيحانه انه تاب عليهم اوقبل توبتهم بل ظاهر الايات انه لم يقبل توبتهم حيث توعدهم بعذاب آخر فى الآخرة 0
وفى قوله تعالى : ( سبح اسم ربك الأعلى )
الآيات غاية مايكون من المناسبة اى نزهه عن النقص اذخلق الخلق فسواه على احسن هيئة واكمل خلق
(الذى احسن كل شيء خلقه )
فكل خلقه على اكمل مايكون من الخلق والأتقان والكمال ويظهر لك الكمال جليا حينما يخلق خلقا فيه نقص ليدرك
الناس كمال الخلق فحين يولد المولود مشوها اوناقص احد اعضائه يتبين لك الكمال فى خلق غيره كاملا ومن هذا
قولهم الضد بالضد يعرف 0 قال سبحانه ( الذى خلقك فسواك فعدلك ) 0والذى قدر فهدى 0 وقرئت قدر بتخفيف الدال والمعنى واحد اى قدر ووفق لكل شيء شكله 0
وهو( الذى اعطى كل شيء خلقه ثم هدى 0)
اى اعطاه الخلق المناسب له وجعل اعضائه مناسبة لحجمه وشكله فتأمل اصابع الضب كيف تتناسب مع كفه وتأمل
خف الفيل كيف يتناسب مع حجمه وتأمل سائر الأعضاء كيف تتناسب مع الشكل العام 0 وفى تشابه الخلق دليل على
وحدانية الخالق وفى تنوع الخلق دليل على ابداع الخالق وتمام قدرته سبحانه ولو تكلمنا فى هذا لطال بنا المقام وربما
خرجنا عن الموضوع ولعل مثل هذا يفرد بمقال خاص ان شاء الله تعالى 0
(والذى اخرج المرعى فجعله غثاء احوى)
والمرعى معروف لكن الذى اخرجه سبحه لأن اخراجه لايقدر عليه الا الله تعالى فأخرجه وجعله غثاء احوى الغثاء مايقذف به السيل على جوانب الوادى من الحشيش والقماش وهو ماكان على وجه الأرض من الفتات والاحوى قيل هو الأخضر الذى خالطه سواد وصفرة 0
وقيل ان احوى صفة لغثاء فيكون المعنى انه صار كذلك بعد خضرته قال ابوعبيدة رحمه الله فجعله اسود من احتراقه وقدمه والرطب اذا يبس اسود 0 وقال عبدالرحمن بن زيد اخرج المرعى اخضر ثم لما يبس اسود من احتراقه فصار غثاء تذهب به الرياح والسيول وهو مثل ضربه الله تعالى للكفار لذهاب الدنيا بعد نضارتها واحيائها بعد موتها وفيه اشارة الى ان الذى قدر على هذا قادر على بعثكم بعد موتكم كما احيا الأرض بعد موتها واكسبها تلك النضرة كماقال سبحانه : ( ياأيها الناس ان كنتم فى ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام مانشاء الى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ذلك بأن الله هو الحق وانه يحيى الموتى وانه على كل شيء قدير 0 وان الساعة آتية لاريب فيها وان الله يبعث من فى القبور )
فنزهوا الله سبحانه عمالايليق فهذه ادلة البعث ماثلة امامكم ترونها من احياء الأرض الموات حتى اذا اراد سبحانه انزل عليها الماء فاهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ، سبحانه وبحمده 0
واما مناسبة التسبيح فى السنة فنذكر منها قوله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله وبحمده عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته 0
سبحانه اى انفى عنه النقص واثبت له الكمال وذلك لكثرة خلقه فالذى خلق تلك الأعداد الهائلة من المخلوقات العاقلة وغير العاقلة فخلق الملائكة وخلق الانسان وخلق الجان هذه مخلوقات عاقلة مكلفه خلق منها اعدادا هائلة لايمكن حصرها ولايحصيها الاهو سبحانه اذا كان البيت المعمور يدخله من الملائكة كل يوم سبعون الف لايعودون اليه منذ ان خلق الله السموات والارض الى ماشاء سبحانه فتأمل كم يدخله فى الشهر 2 مليون ومئة الف فى السنة خمسة وعشرون مليون ومئتا ملك فى السنة كم فى الف سنة كم فى مليون سنة كم فى ملايين السنين ؟ واذا كانت السموات السبع على سعتها لايوجد فيها موضع اربعة اصابع الا وملك قائم او ساجد 0 هذا نموذج واحد لعدد خلقه فناسب ان يسبح لهذا الفعل العظيم الذى لايقدر عليه الاهو 0 ثم اعلم ان الملائكة لهم خلقة عظيمة تفوق خلقة الأنسان بأضعاف مضاعفة فهذا جبريل عليه السلام حمل قرية كاملة الى السماء الدنيا ثم قلبها وهم قوم لوط اخبر النبى صلى الله عليه وسلم انه رأه على هيئته مرة واحدة له ستمئة جناح قد سد الأفق اى غطى مابين الشمال والجنوب او الشرق والغرب 0 وكلنا نسمع صوت الرعد وهو صوت ملك من الملائكة يزجر الماء اى يسوقه من مكان الى مكان اذا كان هذا صوته لولا رحمة الله لقطع صوته نياط القلوب لشدته فكيف بهيئته لاشك انه مخلوق عظيم 0وهو فرد من تلك الأفراد من الملائكة فسبحان الله عدد خلقه 0
وزنة عرشة اى اسبحه لخلقه هذا العرش العظيم الذى يكون الكرسى بالنسبة اليه كخردلة فى كف الأنسان وهذا الكرسى الذى يبدو نسبة الى العرش بهذا هوخلق عظيم تكون السموات السبع على سعتها وحجمها وغلظ جدارها بالنسبة اليه كحلقة القيت فى فلاة من الأرض 0 فالخلق عظيم مهول فسبحان الله زنة عرشه0 ورضا نفسه وذلك ان رضا الله تعالى غاية مايريده المؤمنون ومن يظفر برضا الله سبحانه فقد سعد سعادة لايشقى بعدها ابدا فهو تسبيح مكرر وتسبيح فيه اقرار بانه سبحانه مستحق التسبيح والحمد لماله من صفات الكمال الذاتية والفعليه 0 ومداد كلماته ، نعم مداد كلماته اى لما لانهاية لأن كلام الله لاينتهى ولايحصى ابدا ( ولو ان مافى الأرض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم )
وكلام الله تعالى يكون امرا ونهيا وهو المعروف بالكتب المنزلة على الرسل عليهم صلوات الله وسلامه ومنه ماهو كلاما كونيا اى للخلق والأيجاد والأعدام والفقر والأعزاز والأذلال وغيره حتى الورقة الصغيرة التى تسقط فى ظلمات البر بكلامه سبحانه كل حركة بكلامه تأمل حركات اقل المخلوقات فلو اردنا ان نراقب مخلوقا واحدا لدقيقة واحدة او اقل لنحصى حركاته لبلغت المئات كلها بكلام الله تعالى فضلا عن بقية الأكوان من السموات ومافيها من الملآئكة ومادونها من المجرات الهائلة التى يفوق كثير منها حجم الأرض مئات الأضعاف وربما الوف او اكثر فضلا عن بقية المخلوقات عاقلها وبهيمها حيها وجمادها وما يعترى الأحياء من الأعراض الغير مرئية كالفرح والحزن والخوف والأمل واليأس والرجاء والمحبة والشوق والملل والنوم والغفلة والادراك وغير ذلك 0 كل هذا بكلام الله تعالى فسبحانه مداد كلماته 0