رمضان .. فرصة العمر السانحة لإحداث التغيير .. قد فُتحت فيه أبواب الخيرات على مصراعيها، ولم يبق إلا أن تلج !!
هذه عدة وصآيآ بين يديك، تشحذ سكين التغيير ليكون أمضى .. وتصل بها إلى تغيير أشمل، ليمتد إلى ما بعد رمضان وهو الأهم ..
أوصيك أن تعيش مع كل وصية ثلاثة أيام .. ثم تنتقل إلى الوصية التي تليها .. تجديدًا للإيمان ..
وبهذه الوصايا تسبق غيرك، بل وتدرك من سبقك ..
وصايا التغيير //
1) التغيير ينبع من داخل نفسك ..
إن
تغيير أي شيء ولو كان الكون بأسره ينبع من داخل نفسك لا من خارجها، وإن
كثيرًا من إلقاء اللوم اليوم على الأقدار وكيد الأعداء وعموم البلاء يريح
النفس من تحمل مسئوليتها تجاه ما يحدث، ويجعلها تنام مطمئنة البال غير
متصورة أن دورًا خطيرًا ينتظرها، ومهمة مقدَّسة تفتقدها.
والله تعالى يقول {.. إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ..} [الرعد: 11]
فما يُغيِّرَهُ المرء في نفسه ينعكس على المجتمع ولابد، وكأن من غيَّر نفسه قد ضرب عصفورين بحجر واحد.
وهل الأمة إلا أنا وأنت؟!
لذا ضاعِف أجرك هذا العام بأن تجعل من نواياك: أنك بتغيير نفسك اليوم تغيِّر الأمة من حولك .. فتكون إيجابيًا تحمل هموم أمتك، لا أنانيًا تفكِّر في نفسك وحسب.
2) عجلة التغيير دائرة ..
وهل خلق الله الكون إلا متغيِّرًا لا يعرف السكون؟! .. ودوران عجلة التغيير في رمضان أسرع وأكفأ، ففي رمضان يتغيَّر كل شيء!!
فما الذي يجعلك تخالف نواميس الكون فتظل ساكنا لا تتغيَّر؟!
أنت قائد أو مقود .. إما
أن تقود عملية التغيير بنفسك لترتقي إلى الأعلى، وإلا سيمسك الشيطان بعجلة
القيادة ودفة السفينة ليهوي بك نحو الأسفل .. ولن يهدأ له بال حتى تهوي
أسفل وأسفل بعيدًا هناك .. في قعر جهنم والعياذ بالله!!
فالأمر كله إذًا مُعلَّق بالمشيئة والإرادة، إن شئت تقدَّمت في طاعة الله وإن شئت تأخَّرت بالمعصية!!
كما يقول تعالى {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}[المدثر: 37]
والآية تفرض عليك سؤالاً لابد له من إجابة:
هل أنا بحاجة إلى تغيير؟ هل أنا راضٍ عن نفسي الآن؟
قانع بواقعي في عباداتي .. عاداتي .. تصرفاتي .. نظرتي للحياة؟!
فالرضا عن النفس أولى خطوات السقوط، واتهام النفس هو أول درجات الارتقاء؛ لأنه يريها عوامل النقص فتجدَّ في استكمالها ..
وهل رمضان إلا شهر استكمال الناقص وجبر المكسور؟!
3) خطِّط جيدًا ..
وهذا
يعني أن لا تعوِّل على حدوث التغيير والتقدم من تلقاء نفسه، أو أن يهبط
عليك من السماء دون تخطيط مسبق ورؤية نافذة، بل تخطِّط له .. اسأل نفسك في
جِد:
ماذا سأغيِّر أثناء رمضان هذا العام؟! أي عادة؟! أي عبادة؟! أي قناعة؟! أي علاقة؟! .. هكذا تحديدًا دون تمييع أو تسويف.
كتابة العقد أوثق .. ومن
الأفضل في هذا الشأن أن تكتب ما تخطِّط لتغييره فورًا، وكأنه عقد توقِّعه
مع نفسك، تُشهِد عليه ربك، فيشق عليك بعدها عدم الوفاء ويتعذَّر النسيان.
قاعدة للحفظ .. كل دقيقة تقضيها في التخطيط توفِّر عليك من 5 إلى 10 دقائق عند التنفيذ.
وأنت اليوم في شهر ثمين .. معدودة أيامه .. محدودة أنفاسه، لذا تدرك قيمة قاعدة كهذه.
اعمل جدولاً يذكر عدد المرات التي يمكن من خلالها أن تحقق هدفك، واختصر وزد وفقًا لإمكاناتك وقدراتك.
4) والذين جاهدوا فينا لنهدينهم ..
الجهاد
هو بذل غاية الجهد، وهو وحده شرط بلوغ الهداية، فكل خطوة منك يرُدُّها
الله عليك بآثار عظيمات من الهِداية وتغيُّر القلب نحو الأسمى والأطهر ..
إنه وعد الله الذي لا يتخلف ..
أخي .. أختي ..
إن تعبتما اليوم في مقاومة نفسكم الامارة بالسوء .. في فراق صحبة مردية .. في اتخاذ قرار تغييري حاسم بهجر حرام ..
فأبشرا ..
هنا تكونان بحق قد بدأتما سلوك طريق الهداية الذي ينتظركما منذ زمن على شوق.