أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
كان فتح جزيرة قبرص في ربيع الآخر سنة 979هـ، نقطة فارقة في تاريخ الصراع بين الدولة العثمانية والدول الأوروبية على سيادة البحر المتوسط، فما كاد الأسطول العثماني ينجز مهمة الفتح ويرسو على ضفاف قبرص، حتى دعا البابا «بيوس الخامس» إلى تكوين حلف صليبي جديد ضد العثمانيين تحت راية البابوية فاستجاب لندائه الملك فيليب الثاني ابن الإمبراطور شارلكان، وقد ورث عن أبيه العداوة الخالصة للإسلام والمسلمين، واستجابت أيضًا جمهورية البندقية وبعض المدن الإيطالية مثل سافوي وجنوة، وأرسل البابا إلى ملك فرنسا شارل التاسع يطلب منه الانضمام للحلف، فاعتذر بحجة ارتباطه مع الدولة العثمانية بمعاهدات ومواثيق، فأحله البابا من هذه العهود والمواثيق! فانضم للحلف، وأرسل البابا إلى قيصر روسيا إيقان ولكنه تلكأ ثم رفض بسبب الخلاف المذهبي؛ فهو أرثوذكسي والحملة كلها كاثوليكية. تم تجهيز حملة بحرية صليبية جرارة بقيادة «دون خوان» وهو أخ غير شقيق للملك فيليب الثاني وانطلقت بمباركة البابا بيوس الخامس إلى بحر الإدرياتيك، حتى وصلت إلى الجزء الضيق من خليج كورنث [في اليونان اليوم]، وكانت الدولة العثمانية على علم تام بتحركات هذه الحملة والمجهودات الكبيرة التي يقوم بها البابا «بيوث الخامس» من أجل توحيد الصف الصليبي، فاستعدت الأساطيل العثمانية للمعركة، وكان من رأي قادة الأسطول الإسلامي البقاء داخل خليج كورنث للاستفادة من تحصيناته الطبيعية، غير أن القائد العام «علي باشا» صمم على الخروج للقتال معتمدًا على تفوقه الميداني ولم يستمع لنصائح باقي القادة، وكان لعدم الإصغاء والاعتداد بالرأي ثمن في غاية الفداحة. في يوم 17 جمادى الأولى سنة 979هـ ـ 17 أكتوبر 1571م، اشتعلت نار حرب بحرية هي الأعنف في هذه الحقبة الزمانية، وأظهر الفريقان بسالة وشجاعة في القتال، ولكن الله عز وجل أراد أن يعلم الأمة درسًا قاسيًا في عاقبة الغرور والاعتداد وترك المشورة، كما حدث من قبل يوم حنين، فوقعت هزيمة قاسية للأسطول العثماني فقد خلالها ثلاثين ألف مقاتل ومائتي سفينة وعشرة آلاف أسير. كانت هذه هي الهزيمة الأولى للأسطول العثماني منذ مائة سنة تقريبًا، فوقع دوي الهزيمة في أوروبا كلها وعمت الأفراح وأقيمت الصلوات ودقت أجراس الكنائس في كل مكان من أوروبا، وخطب البابا بيوس الخامس في كنيسة بطرس [الفاتيكان الآن] قائلاً: «إن الإنجيل قد عنى «دون جوان» نفسه حيث بشر بمجيء رجل من الله اسمه حنا» وقد كان بيوس الخامس رافضًا في البداية تولي دون جوان للقيادة بدعوى أنه ولد زنا لشارلكان [لأنه لا طلاق في الكاثوليكية] وقد أنجبته خليلة شارلكان أثناء زواجه من أم فليب الثاني. لقد كان لهذه الهزيمة أثر بالغ في خريطة العالم المعاصر، إذ زالت القوة البحرية العثمانية من البحر المتوسط وانفتح الطريق أمام التهديدات الإسبانية والفرنسية للسواحل الشمالية لإفريقيا وتغيرت موازين القوى في العالم القديم