أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
ما هو نصر الله؟ ومن يأتي بالنصر؟ ولمن هذا النصر؟ ومتى يأتي؟ وكيف يأتي؟ وهل هناك فرق بينه وبين الفتح؟ وهل رؤية الفتح مطلوبة؟ وماذا بعد الفتح والتمكين؟ أجابت هذه السورة على تلك التساؤلات، كما يلي:
الفائدة الأولى: ما هو نصر الله؟ بند 1: بادئ ذي بدء، فإن النصر سنة كونية حتمية، لا تتبدل ولا تتغير؛ يقول - سبحانه وتعالى -: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15]، والآية تشير إلى أن هذا النصر يناله المؤمن في الدنيا قبل الآخرة، ومن ثم فهو نصر وظفر بإذن الله - تعالى - لكن يشترط له اليقين بالله - تعالى - والإيمان به، فمن متطلبات النصر الإيمان بالنصر، وتصديق المولى - سبحانه - فيما وعد به المؤمنين؛ إذ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
بند 2: والحقيقة أن نصر الله - تعالى - عباده المؤمنين لا يعني تدمير الكفر والمشركين، واستئصال شأفتهم؛ فالإسلام لا يُعنى بذلك كغرض أصلي من أغراض القتال، نعم هو غرض مقصود؛ لقوله سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ* وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[التوبة: 14، 15]، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوضح لنا أن القتال حميةً وجاهليةً وانتقامًا من الكفار ليس هو المقصود من الأمر بالقتال في سبيل الله، وذلك عندما سئل - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبًا ويقاتل حميةً، فرفع إليه رأسه، فقال: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل))[1].
إذن؛ شفاء غليل الصدر من إيذاء الكفار للمسلمين، وإن كان مقصدًا، فهو مقصد تبعي، وليس هو المقصدَ الأصلي من القتال، فالنصر لا يأتي للمؤمنين إلا لأجل إعلاء كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"؛ يقول سبحانه: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال: 72]، فالتناصر بين المسلمين لا لأجل قومية يتعصبون لها، ولا لأجل عنصرية يتفاخرون بها، ولا لأجل دنيا يتنافسون عليها، إنه محض التناصر لأجل وحدة هذا الدين، والحفاظ على أهله وحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية في آمان وسلام؛ يقول سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 39، 40]، فهذا هو المقصد الحقيقي لأجل القتال، وهذه هي النتيجة المرجوة منه أن يحقق النصر سلامًا وحريةً لممارسة الشعائر الدينية.
بند 3: فالناظر والمتأمل في انتصار النبي - صلى الله عليه وسلم - على الكفار والمشركين يجد أنه لم يُنصر عليهم بقوة السيف أبدًا، فالتحليل العسكري لأكبر نصر ظفر به المسلمون في أكبر غزوة غزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وهي غزوة بدر - يظهر بجلاء أن نسبة قتلى المسلمين بالنسبة لإجمالي عدد المجاهدين في هذه الغزوة لا تزيد على 5 %، ستة عشر شهيدًا تقريبًا - بفضل الله - من أصل ثلاثمائة وثلاثة عشر مجاهدًا تقريبًا، بينما نسبة القتلى في جيش المشركين لا تزيد عن 7 %، سبعون قتيلاًً تقريبًا أو يزيد من أصل ألف مشرك تقريبًا، كما حزر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يزال للمشركين قوة يجابهون بها المسلمين؛ لذا يقول أبو سفيان عندما سأله ملك الروم "هرقل" عن قتالهم لنبي الله محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك قبل أن يدخل الإسلام، إذ قال له: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منَّا وننال منه[2]، لذا يؤكِّد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه قد نصر بغير قتال ودون حاجة لسيف مرهق، وإن كان القتال والسيف هما من أسباب النصر؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((نُصرت بالرعب مسيرة شهر)) [3]، يقول ابن حجر: وإنما جعل الغاية شهرًا لأنه لم يكن بين بلده وبين أحد من أعدائه أكثر منه، وهذا يعني أن المشركين والكفار كانوا يهابون الإسلام والمسلمين، حتى ولو كانت المسافة بينهم قدر شهر، انظر كيف دبَّ الرعب في قلوبهم قبل أن يبدأ القتال ودون حاجة للقتال! انظر ماذا فعل يهود خيبر عندما رأوا جيش النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول أنس بن مالك: فلما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: محمد، والله محمد والخميس – يعني: الجيش - قال: فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الله أكبر الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين))[4].
هكذا كان الإسلام سيفًا مسلطًا على رقاب الظالمين، سيفًا في قلوبهم وهو مع ذلك رحمةٌ للعالمين، سيفًا يمنع اعتداءهم وإساءتهم، فيحدّ من طغيانهم ويقهر جبروت قوتهم، ورحمة عندما يقيم ميزان العدل فيهم، فينعموا بحقوقهم وينالوا فضله حتى تصيبهم نعمته، يقول هرقل لأبي سفيان: وسألتك: هل يرتدُّ أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب[5]، انظر كيف انتشر الإسلام في بلاد الكفر رغم محاولتهم ضرب المسلمين وتضييق الخناق عليه، فها هي سورة آل عمران بعد أن كررت في أكثر من موضع كيف كان ويكون إيذاء أهل الكتاب للمسلمين بكلِّ صور الإيذاء المادي والمعنوي؛ يقول سبحانه: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186]، وإذ بسورة (آل عمران) تختم بالنصر الذي يؤكِّد أن من هؤلاء المعتدين من يدخل الإسلام؛ يقول سبحانه: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 199]، أليس هذا هو النصر؟! أليس هذا هو المقصد من القتال؟! أليست تلك هي النتيجة المرجوة منه؟! نعم، تحقق النصر حتى في ظل أشد صور الاضطهاد والتعذيب للمسلمين.
الفائدة الثانية: ما هي شرائط هذا النصر ومسوغاته؟ بند 1: هذا هو النصر الذي قصده الله - تعالى - في قوله: {نصر الله}، فما هي شرائطه التي أشارت إليها سورة النصر بقوله - تعالى -: {إذا جاء}؟ فما الواجب علينا حتى يأتي هذا النصر؟ يقول سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: 40]، إذن لا بدَّ وأن ينصر المسلمون ربهم، وهل المولى - سبحانه - يحتاج لمن ينصره؟ بالطبع لا، وإنما المقصود من ذلك أن يقدم المسلم الطاعة لمولاه وخالقه وبارئه، ويخضع لحكمه وشرعه، ولا يحيد عنه بإذن الله - تعالى - ولو شعرة، فالنصر الذي يقدمه المسلم هنا بمعنى الولاء والطاعة لله - سبحانه - والنصر الذي يقابله من المولى - سبحانه - يعني الولاية والرعاية لعبيده؛ يقول سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55، 56]، ويقول سبحانه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257].
بند 2: والمسلمون عندما تكاسلوا عن الطاعة وانشغلوا بالدنيا، وتنافسوها حتى تنازعوا فيما بينهم، هانوا في عيون أعدائهم، وأذهب الله ريحهم، فلم يعد الكفار يخشونهم مسيرة شهر كما كان الحال سابقًا؛ يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45،46]، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم))[6].
بند 3: وقد ساغ النصر للمسلمين تعجيلاً من الله - تعالى - لعقاب البغاة والمعتدين؛ يقول سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: 60]، والنصر المشار إليه في هذه الآية مرهون بنية المماثلة في ردِّ العدوان دون طغيان أو حيف؛ يقول المولى - سبحانه -: {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 191 - 193].
إذن؛ يشترط للنصر الالتزام بحدِّ ردِّ العدوان، فإذا ما ظلم المسلمون غيرهم وتجاوزوا هذا الحد، فلا شك أن المولى - سبحانه - لن يكون لهم وليًّا ولا نصيرًا، فها هو سيف الله المسلول خالد بن الوليد - رضي الله عنه - يبرأ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرغم من أنه وثق فيه وسلَّمه قيادة جيش المسلمين، إذ بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جَذِيمة فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر، ودفع إلى كل رجل منَّا – راوي الحديث - أسيره، حتى إذا كان يومٌ أمر خالد أن يقتل كلُّ رجل منا أسيره، فقلت: والله، لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرناه، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: ((اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد))، مرتين[7].
فالإسلام لا يبرِّر التجاوزات التي تصدر عن بعض مجاهديه، وإنما يعترف بالخطأ ويبرأ منه، فها هم بنو جَذِيمة سواء قالوا: صبأنا، بمعنى: أسلمنا، ففهمها خالد خطأ بمعنى: كفرنا، أو قالوا: صبأنا، وهم يدركون معناها عنده، أي: كفرنا، فلم يكن لخالد - رضي الله عنه - أن يقتل أسراهم هكذا، بعد أن وضعت الحرب أوزارها؛ يقول سبحانه: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4]، وإنما أمر الإسلام بالإحسان للأسير، شريطة أن تضع الحرب أوزارها؛ لقوله سبحانه: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67]؛ أي: حتى لا تكون للكفار قائمة بعد، هنا لا بدَّ من الإحسان للأسير متى انطبق عليه هذا الوصف المذكور آنفًا؛ يقول سبحانه: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8].
الفائدة الثالثة: ولماذا يأتي النصر في الدنيا؟ بند 1: كان من الممكن أن يدَّخر المولى - سبحانه - ثواب المؤمنين لدار الآخرة كاملاً، بيد أن مشيئته - سبحانه - أن يجعل لنا – بإذنه - بعضًا من هذا الثواب في الدنيا كبشرى منه - سبحانه - لهذا الثواب المنتظر في الآخرة - بإذن الله تعالى - يقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 126]، ففي ذلك فائدة أخرى وهي أن يطمئن القلب ويثبت على الحق؛ إذ ليس كل قلوب المؤمنين على ذات الدرجة من اليقين والثبات؛ لذا علم الله - تعالى - حاجة بعض المؤمنين لرؤية هذا النصر حتى تطمئن قلوبهم، ويوقنوا أنهم على الحق.
بند 2: كما أن الحق - سبحانه - يبيِّن لذلك علة أخرى؛ إذ يقول: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} [آل عمران: 127]، فهو - سبحانه - أراد أن يذل الكفر والمشركين، ويكسر شوكتهم، ويكبت حقدهم وعداوتهم للمسلمين؛ يقول سبحانه: {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 13، 14]، فنصر الله - تعالى - للمؤمنين يحمل معنيين في هذا المقام، فهو من جهة عذاب مسلَّط على الكفار، وخزي يسلطه الله - تعالى - عليهم بيد جنوده المؤمنين، وهو من جهة أخرى شفاء لصدور هؤلاء المؤمنين الذي لاقوا كثيرًا من العذاب والاضطهاد على يد هؤلاء الكفار، فهذا هو بلال الحبشي - رضي الله عنه - ينال من أمية بن خلف في بدر، ويقتله بعد أن كان أمية يضع على بطنه الحجر في شدة الحر على الصحراء ليفتنه في دينه[8]، لكنه ثبت بفضل الله تعالى حتى جاء اليوم الذي ينتصر فيه منه.
بند 3: بيد أنه بالرغم من الفوائد الجمَّة التي تأتي من تعجيل الله - تعالى - تلك البشرى للمؤمنين، إلا أنه يجب الاحتراز من أن يؤثر ذلك في صدق النية وتوجه القلب لله - تعالى – بإخلاص؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة، إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم))[9]، نعم هذا النصيب من الغنيمة هو بشرى خير للمؤمنين، وهو تثبيت لقلوب بعضهم مثل المؤلفة قلوبهم، لكن أهل الحق الصادقين لا يهتمون بتلك الأمور؛ إذ إن نصب أعينهم فيما هو عند الله وحسب، فهو شاغل لهم عن غيره.
الفائدة الرابعة: مَن يأتي بالنصر؟ بند 1: يقول الله - تعالى -: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126]، فالله - سبحانه وتعالى - هو الذي يأتي بالنصر؛ إذ لا يأتي النصر بالعدد ولا العتاد، كما لا يأتي بالنظام والتنظيم والإعداد، فكل ما يعدُّه المسلمون لأجل فريضة الجهاد ليس إلا أخذًا بالأسباب المأمور بها شرعًا فحسب، أما النصر فهو فضل ومنّة من الله - تعالى - يقول سبحانه: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 17].
إذن؛ لا بدَّ وأن ترمي، لكن ما ترميه قد يصيب وقد لا يصيب، المهم أنك رميت، ثم إن المولى - سبحانه وتعالى - هو الذي يصيب به أعداء الله - تعالى - بإذن الله؛ يقول سبحانه: {فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: 249].
بند 2: وليس معنى ذلك عدم الأخذ بالأسباب وعدم بذل الجهد بإطلاق، انظر كيف أن المولى - سبحانه - أمر بإعداد العدد: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ * الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: 65، 66]، كما أمر بالأخذ بالعتاد فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60].
ويعلق المفكر الإسلامي "سيد قطب" على هذه الحقيقة فيقول: إن البعض ينتظر من هذا الدين - ما دام منزلاً من عند الله - أن يعمل في حياة البشر بطريقة سحرية خارقة غامضة الأسباب! ودون أي اعتبار لطبيعة البشر، ولطاقاتهم الفطرية، ولواقعهم المادي، في أي مرحلة من مراحل نموِّهم، وفي أية بيئة من بيئاتهم، إن هذا الدين منهج إلهي للحياة البشرية يتمُّ تحقيقُه في حياة البشر بجهد البشر أنفسهم في حدود طاقتهم البشرية، وفي حدود الواقع المادي حينما يتسلم مقاليدهم، ويسير بهم إلى نهاية الطريق في حدود طاقتهم البشرية، وبقدر ما يبذلونه من هذه الطاقة، إن الله قادر - طبعًا - على تبديل فطرة الإنسان، عن طريق هذا الدين أو عن غير طريقه، ولكنه - سبحانه - شاء أن يخلق الإنسان بهذه الفطرة لحكمة يعلمها، وشاء أن يتم تحقيق منهجه الإلهي للحياة البشرية عن طريق الجهد البشري وفي حدود الطاقة البشرية، إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم [10].
بند 3: والمسلمون عندما اهتموا بالأسباب وظنوا أن فيها خيرًا فارتكنوا إليها شيئًا قليلاً، هنا لم تنفعهم كثرتهم ولم تنفعهم عدتهم، طالما انشغل القلب بتلك الأسباب، ونسي ربَّ الأسباب، الله - سبحانه وتعالى - يقول سبحانه: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [size=21][التوبة: 25 - 27]؛ أي: سررتم بكثرتكم، واعتمدتم عليها، وغفلتم عن أن الناصر هو الله - عز وجل - لا كثرة العدد والعتاد، وقد كانوا يومئذ اثني عشر ألفًا وعدوهم أربعة آلاف، فقالوا: لن نُغلب اليوم من قلة.
بند 4: كما أن على المسلم أن يجاهد في سبيل الله - تعالى - لا لأجل أن يرى النصر، وإنما يجاهد هو سمعًا وطاعةً لمولاه، سواءٌ رأي النصر - الذي هو بمعنى الفتح - أم رآه غيره من المسلمين الصادقين خلفه؛ إذ لا يشترط أن ينسب النصر إليه، فهو يجاهد بإخلاص في سبيل الله، المهم أن يبذر بذرة هذا النصر بجهاده هو في سبيل الله - تعالى - دون أن ينتظر ما ينبت منها؛ إذ لا بدَّ وأن يحصد زرعه المسلمون خلفه بإذن الله - تعالى - يقول سبحانه: {فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 170، 171].
الفائدة الخامسة: لمن هذا النصر؟ بند 1: ونصر الله - تعالى - لا يأتي إلا لمن آمن به وعمل صالحًا، فهو من قبيل الاستخلاف في الأرض، وهو سنة كونية، إذ لا بدَّ من الابتلاء والاصطفاء حتى يأتي النصر والتمكين بإذن الله - تعالى - يقول سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55].
بند 2: كما يشترط لهذا النصر الإيمان بالله - تعالى - والعبادة بإخلاص، فلا بدَّ إذن من تطهير القلب من الآثام والذنوب المهلكات، وأخصها الشرك بالله - تعالى - يقول صاحب "الظلال": إن حقيقة الإيمان التي يتحقق بها وعد الله حقيقة ضخمة تستغرق النشاط الإنساني كله، وتوجه النشاط الإنساني كله، فما تكاد تستقر في القلب حتى تعلن عن نفسها في صورة عمل ونشاط وبناء وإنشاء موجَّه كله إلى الله، لا يبتغي به صاحبه إلا وجه الله، وهي طاعة لله واستسلام لأمره في الصغيرة والكبيرة، لا يبقى معها هوى في النفس، ولا شهوة في القلب، ولا ميل في الفطرة إلا وهو تبع لما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عند الله.
بند 3: فهؤلاء الذين ينتصرون بإذن الله - تعالى - لا يفسدون، ولا يفعلون كما يفعل الملوك، كما أخبرت بذلك ملكة سبأ: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النمل: 34]، لا.. إنما النصر يأتي لمن يستحق الخلافة، والاستخلاف له مفهوم؛ إذ يعني أن يحقق المستخلَفون المنهج الذي أنزله الله فيقرُّوا العدل بين الناس، ويحققوا لهم الأمن والأمان، فالإسلام دين رحمة للبشرية، ودين خير للناس - سواء آمنوا به أم لم يؤمنوا - طالما عاشوا في كنفه يومًا من الأيام؛ يقول سبحانه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْلَمُونَ} [التوبة: 6]، يقول من عاش في ظلال القرآن: أما الذين يملكون فيفسدون في الأرض، وينشرون فيها البغي والجور، وينحدرون بها إلى مدارج الحيوان، فهؤلاء ليسوا مستخلفين في الأرض، إنما هم مبتلون بما هم فيه، أو مبتلى بهم غيرهم، ممن يسلطون عليهم لحكمة يقدرها الله.
الفائدة السادسة: متى يأتي؟ بند 1: النصر لا يأتي إلا بعد اجتياز المؤمنين مرحلة الابتلاء والتمحيص بنجاح؛ يقول المولى - سبحانه -: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، يقول "خباب بن الأرت": شَكَوْنَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة له في ظلِّ الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: ((كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين، وما يصدُّه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد، ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليُتمنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون))[11].
بند 2: فكلَّما ضاق الخناق على المسلمين، واشتدَّ البلاء عليهم، وبات الأمر ظلمة حالكة؛ يقول المولى - سبحانه -: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110]، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لو لم يبقَ من الدهر إلا يومٌ، لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جورًا))[12].
إذن؛ لا بدَّ من الثقة في النصر ووعد الله - تعالى - مهما طال الزمان وملأ الظلم الأرض، فلا بدَّ من أن ينقشع بإذن الله - تعالى.
الفائدة السابعة: كيف يأتي النصر؟ بند 1: نصر الله - تعالى - لعباده المؤمنين في الدنيا له صور وأشكال، إذ يبدأ بنجاح المؤمن في تبليغ دعوته لغيره مهما لاقى من أذًى أو اضطهاد؛ يقول المولى - سبحانه -: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110].
بند 2: والصورة الثانية للنصر أن يظلَّ المؤمنون ثابتين على الحقِّ مهما حاول الكفار إيذاءهم والإضرار بهم، والسبب في ذلك صبر المؤمنين على أذى الكفار والمشركين، وعدم صبرهم هم على عذاب المؤمنين لهم؛ يقول سبحانه: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: 104]، فسبب صبر المؤمنين أنهم يرجون من الله الثواب والأجر فلا يضرُّهم هذا الألم، أما سبب عدم صبر الكفار على الألم الذي يصيبهم من المؤمنين - حتى لو كان يسيرًا بالمقارنة بأذاهم للمؤمنين - أنهم يرجون الدنيا ولا يرجون الآخرة، فأي ألم يصيبهم ينغِّص عليهم العيش، فلماذا يصبرون على ما يصيبهم من الألم بسبب قتالهم للمسلمين، وفي مكنتهم أن يتمتعوا بالدنيا بخسارة معركتهم مع المؤمنين؟ وذلك في الوقت الذي يوقنون فيه هم حسن خلق المسلمين معهم لو مكنهم الله في الأرض؛ لذا يقول المولى - سبحانه -: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} [آل عمران: 111]؛ أي: ما يصيب المسلمين من ضرر بسبب قتال الكفار لهم ليس إلا أذى يسير، يستطيع المسلم المجاهد تحمّله ابتغاء الأجر من الله، لكن النصر دائمًا يميل للفئة المؤمنة؛ يقول سبحانه: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [آل عمران: 111].
فكلَّما حاول أعداء الإسلام إيقاد نار الحرب على المسلمين، فإن المولى - سبحانه - يطفئها، ولو قُدِّر أن نجح هؤلاء الكفار في قتال المسلمين، فإن مصير هذه المعركة حتمًا يترجَّح لكفة الفئة المؤمنة، ولا يكون للكفار إلا الفرار والهزيمة، ولا شكَّ أن التاريخ خير شاهد على ذلك في الماضي والحاضر وفي المستقبل، بإذن الله - تعالى - يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود))[13].
بند 3: والصورة الثالثة: أن يدخل الناس في دين الله أفواجًا، فلا يحول بينهم وبين الدخول في دين الله - تعالى - ظالم أو مفسد، وإنما يكون الطريق للإسلام ممهدًا، وهنا لا شكَّ أن دين الله - تعالى - سوف يظهر على الدين كلِّه؛ يقول سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]، وظهور هذا الدين لن يقتصر على اقتناع الناس بالرضوخ لحكم الإسلام فحسب دون أن يرتضوا بعقيدة الإسلام، وإنما يبدو هذا النصر ظاهرًا عندما يصل هذا الدين لقلوب الناس اقتناعًا منهم بالإسلام كعقيدة ومنهج، وليس كشريعة فحسب[14]؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك بيت مدر ولا وبر[15] إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلاًّ يذل به الكفر[16]))، فالإسلام لن يذل أحدًا، إلا إذا أبى العدل والقسط، فكان الذل أمرًا محتمًا عليه، حتى ينتشر العدل بين الناس بحسب الميزان الذي وضعه الله لهم؛ يقول سبحانه: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7 - 9].
الفائدة الثامنة: وهل هناك فرق بين النصر والفتح؟ بند 1: سبق أن ضربنا أمثلة لصور النصر في الدنيا، وذكرنا أن منها أن يتمكن المؤمن من تبليغ دعوته لغيره، فهذا نصر حتى لو فقد ماله ونفسه لأجل ذلك، أما الفتح فهو أعلى مراتب النصر، وذلك حين يدخل الناس في دين الله أفواجًا، وهذا قد ذكرناه كذلك، والفتح - بهذا المعنى المذكور آنفًا - هو المقصود في الدنيا، وذلك حين يراه فريق من المؤمنين، أما في الآخرة فالفتح له معنى آخر، وهو أن ينكشف غطاء الإنسان، فيبصر من أمور الآخرة ما قد كذَّب به في الدنيا إن كان مكذِّبًا، ويتأكَّد يقين المؤمن بالغيب الذي آمن به؛ يقول سبحانه: {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}[السجدة: 29].
بند 2: والنصر بالمفهوم السابق قد وعد الله - تعالى - المؤمنين برؤيته في الدنيا؛ يقول سبحانه: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: 51]، أما الفتح فليس بشرط أن يروه؛ إذ في قصة الغلام والراهب والساحر التي ذكرت نهايتها في سورة البروج إشارة إلى هذا المعنى، إذ بعد أن قُتل الغلام المؤمن بالله - تعالى - آمن شعب بأكمله، فهل رأى الغلام هذا الفتح في الدنيا[17]؟ بالطبع رأى النصر عندما تمكَّن من أن يجبر الملك الظالم على أن ينطق بكلمة الحقِّ، لكنه لم ير هذا الفتح في الدنيا، وإنما سوف يراه بإذن الله - تعالى - في الآخرة.
بند 3: والفتح بالمعنى السابق ليس لزامًا أن يتحقق في كل الأمم، وإنما خصَّ الله به أمة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو القائل: ((عُرضت عليّ الأمم فجعل النبي والنبيَّان يمرُّون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم قلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق، ثم قيل لي: انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء، فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل: هذه أمتك))[18].
الفائدة التاسعة: وماذا بعد الفتح والتمكين؟ بند 1: يقول المولى - سبحانه -: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[الحج: 40، 41]، فإقامة شرع الله - تعالى - هو أول المقاصد التي شُرِع من أجلها الجهاد في سبيل الله - تعالى - فدين الله - تعالى - يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والإسلام خصَّ الطائفة المنصورة بالقيام على حدود الله - تعالى - وخصَّ - على وجه التحديد - من العدل المأمور به حريةَ الاعتقاد بقوله: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ}، إذ طالما كفل الإسلام للناس حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، فإنه بذلك يكفل الحريات الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والثقافية، والصحية، والسياسية...إلخ من باب أولى، ولم يستثن من ذلك إلا حقًّا واحدًا، الحق في الدفاع عن هذا الوطن؛ لذا شرعت الجزية لأجل ذلك؛ يقول المولى - سبحانه -: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة: 29].
قال العلماء: الجزية وزنها فِعلة من جزى يجزي، إذا كافأ عمَّا أسدي إليه، فكأنهم أعطَوها جزاء عمَّا مُنحوا من الأمن[19]، والدليل على ذلك ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: ((من يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين، بخير له منها في الجنة؟))، فاشتراها عثمان بن عفان من صلب ماله، فجعل دلوه فيها مع دلاء المسلمين، وأوقفها على الغني والفقير وابن السبيل[20]، قال الحافظ في "الفتح": وهذه البئر كانت ليهودي يبيع ماءها للمسلمين، كل قربة بدرهم، فاشتراها عثمان - رضي الله عنه - وأوقفها للمسلمين على أن له أن يشرب منها كما يشربون، فوجه الدلالة في هذه الرواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد لبَّى المصلحة العامة في أمر من الأمور الضرورية بأهل المدينة كلهم؛ وهي السقي بالماء من هذه البئر العذبة، وليس في المدينة غيرها، وكانت وسيلته في ذلك هو طرح الموضوع لمزايدة علنية، فلمَّا وجد من المسلمين متبرعًا بها كفى بذلك حاجتهم في السقي والشرب، وإن كان بإمكانه أن يتَّخذ مسلك الضرورة ويسلبها من اليهودي عنوةً، طالما أنه ليس بالمدينة بئر عذبة غيرها، لكنه لم يفعل وآثر سبيل البيع والشراء بالطريق المعتاد؛ لأنه الطريق المتاح أمامه وليس في الأمر ما يضطره إلى غيره من السبل الاستثنائية[21]، وهكذا يؤمِّن الإسلام مصالح غير المسلمين الاقتصادية كذلك، طالما عاشوا في كنفه.
بند 2: وسورة النصر قد احتوت على جملة شرطية، (إذا جاء... ورأيت..... فسبح...واستغفره)، وجواب الشرط في هذه الجملة (فسبح بحمد ربك واستغفره)، تقول عائشة - رضي الله عنها -: ما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة بعد أن نزلت عليه {إذا جاء نصر الله والفتح}، إلا يقول فيها: ((سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي))[22]، يقول المولى - سبحانه -: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا* وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} [الفتح: 1-3] ، إذ لا شكَّ أن النصر على الأعداء والتمكين في الأرض هو من أشدِّ الفتن التي قد يفتن بها المؤمنون إذا نسوا الذكر؛ يقول المولى - سبحانه -: {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} [الفرقان: 18].
فالمولى يذكِّر الطائفة المنصورة بأهمية الذكر والاستغفار في هذا الموقف بالذات، حتى تستأنف تلك الطائفة ما بدأته من خير ولا تنشغل بأمور الدنيا حين ذاك، ففي الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل البحرين، وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافت صلاة الصبح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما صلى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له فتبسَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم وقال: ((أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء))، قالوا: أجل، يا رسول الله، قال: ((فأبشروا وأملوا ما يسرُّكم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم))[23].
بند 3: ومن الخطورة بمكان أن يضيِّع المسلمون هذا النصرَ، وهذا الفتحَ الذي منَّ الله عليهم به، حين يتنازعون فيما بينهم - بعد هذا النصر - في أمور الدنيا والخلافة على وجه الخصوص، فتذهب ريحهم ووحدتهم، وتنكسر شوكتهم في عيون أعدائهم، فتعود الكرَّة مرة أخرى لهم؛ يقول المولى - سبحانه -: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 19].
بند 4: وأخيرًا وليس بآخر، فإن المولى - سبحانه - يختم السورة بقوله - سبحانه -: {إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}، وفي ذلك إشارة إلى أنه - سبحانه - يفتح باب التوبة في كلِّ الأحوال، وفي موطن النصر والفتح على المسلمين؛ ليستغفر المستغفرون وينتهي العصاة والمذنبون، وتنتهي الشحناء بين المسلمين حتى يظل النصر حليفًا لهم ينعمون به - بفضل الله تعالى - وليس بعد التوبة شيء يستحق العيش لأجله، إذ حينئذ يتحقق النصر الحقيقي، إذ كيف بنا إذ تاب الله علينا، أنؤجل لقاءه؟! بالطبع يكون النصر حين يلقى العبد ربَّه، وقد تقبَّل الرحيم التواب توبته وأدخله في رحمته، وقد فهم ذلك ابن عباس - رضي الله عنه - إذ قال في هذه السورة: هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه الله له {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فتح مكة، فذاك علامة أجلك؛ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}[24].
نسال الله العفو والعافية وان يكون القران الكريم ربيع صدورنا ونور قبورنا بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على الطرح القيم المفيد في انتظار جديدك الأروع والمميز جعله الله في موازين حسناتك وثبتك اجره لك مني أجمل تحية وتقدير اخي الكريم