Forums
 


أهلا وسهلا بكفي   منتديات غربة الروح.
أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
اخر المشاركاتأفضل الاعضاء هذا الشهرافضل الاعضاء في الاسبوع
17 المساهمات
17 المساهمات
  يوم الجمعة 6 مارس - 14:32. من طرف المسافر البعيد  . كتب .(  :  جمعة مبارك للجميع  وردة السلام عليكم اتمنى للجميع جمعة مباركة بالخير ان شاء الله لكل الاعضاء وزوار منتديات غربة الروح jkuuk .  * . ) يوم الأحد 1 مارس - 19:25. من طرف محب الغربة  . كتب .(  :  » الف مبروووووووووك  مبرووك الستايل الجديد  لمنتدى غربة الروح روعه جداااااا الوان جميلة وتنسيق متميز santa .  * . ) يوم الإثنين 2 مارس - 11:57. من طرف المسافر البعيد  . كتب .(  :  »  الله يبارك فيك اخي الغالي محب الغربة شكرا لك تحياتي الخالصة لك .  * . ) يوم الخميس 26 فبراير - 17:21. من طرف المسافر البعيد  . كتب .(  :  » "حكمة اعجبتني "  من يقدم لك الاهتمام فلا تهمله لأن هذه النوعية من القلوب على وجه الانقراض .  * . ) يوم الإثنين 23 فبراير - 12:34. من طرف المسافر البعيد  . كتب .(  :  » السلام عليكم salamاتمنى الجميع بخير وبداية اسبوع موفقة ان شاء الله تحياتي العطرة لكم وردة .  * . ) يوم الإثنين 23 فبراير - 20:38. من طرف عاشق الصمت  . كتب .(  :  » مساء الخيررر احلى مساء الى احلى اعضاء .  * . ) يوم الجمعة 20 فبراير - 11:50. من طرف محب الغربة  . كتب .(  :  » السلام عليكم جمعة مباركة للجميع ان شاء الله .  * . ) يوم الخميس 19 فبراير - 11:46. من طرف المسافر البعيد  . كتب .(  :  » مساءكم برضى الرحمن اتمنى لكل اعضاء منتديات غربة الروح قضاء وقت ممتع بصفحاتها .  * . ) يوم الأربعاء 18 فبراير - 20:58. من طرف المسافر البعيد  . كتب .(  :  » السلام عليكم السلام عليكم حياكم الله ودمتم بخير .  * . ) يوم السبت 31 يناير - 15:38. من طرف المسافر البعيد  . كتب .(  :   اهلا وسهلا فيك اختي ايمان ورد نورت المنتدى بتواجدك حياك الله .  * . ) اضف اهداء
*

منتديات غربة الروح ترحب بكم



        فى ثقافتنا ذئاب
 

 
شاطر
 
 
نور الإيمان
نور الإيمان
 
ღ مشرفة :ღ قسم الحكم والامثال
ღ مشرفة :ღ  قسم الحكم والامثال
معلومات الإتصال
اضفني  كصديق
 
بيانات اضافيه [+]
التسجيل : 02/04/2014
رقم العضوية : 1320
الجنس : انثى
التقييم التقييم : 41
المشاركات : 1754
<b>النقـــاط</b> النقـــاط : 2587
السن : 56
مزاجي : فى ثقافتنا ذئاب 2610
البلد : مصر
لوني المفضل : black
.عنوان الموضوع :   (  فى ثقافتنا ذئاب )

الخميس 10 أبريل - 17:51

مُساهمةموضوع: فى ثقافتنا ذئاب


فى ثقافتنا ذئاب
في ثقافتنا، شأن الثقافات الأخرى، للحيوان والطير خصوصية ومعانٍ ومدلولاتِ ثرية، و(توظيف رمزي) لافت للانتباه، بعض هذه الأمور يرتبط بالإرث الثقافي، الشَّفاهي والكتابي، وبالخيال الجُمعي، وبالأسطورة، لكن بين الحيوانات عمومًا، والسِّباع واللَّواحم خصوصًا، تركت الذِّئابُ أثرها العميقَ في ثقافتنا العربية، ورُصد لَها أسماء، ونُسجت لَها مواقف وحكايات، ومنها اشتُقَّت أفعال وصِفَات، كما أنَّ مِن طباعها استُعِيرت رذائلُ وفضائل ألصقت بالبشَر، ومِن مسلَكِها استُلهمت صورٌ من المدح والقَدح، والفخر والهِجاء، وبِها ضُرِبت الأمثال الشعبيَّة.

الذِّئب الأشهر في ثقافتنا: ذلك المُتَّهم بأكل النبيِّ يوسف عليه السلام حيث حاولَ إخوتُه إلصاقَ/ تبرير تُهمة تغييبه بافتراسِه له: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ . قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ . فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ . قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: 13- 17].

في هذه المواضِع الثلاثة، دون سائر آياتِ القرآن الكريم، تكرَّر ذِكْرُ (الذِّئب الأشهر)؛ لكونه منذ القدم متَّهمًا بالغدر والعدوان، وشدَّة البأس، والبَراعة في الفتك، والأمر كذلك، وإلاَّ لَمَا خافه يعقوب على ابنه، فلم يَذكر أسدًا ولا نمرًا، فيا لَها من شهرة وسطوة! لكنه هذه المرَّة كان (بريئًا من دمِ ابن يعقوب) عليهما السلام ولَم يكن ذلك الحيوان (البغيض) في كلِّ حين.


عَوَى الذِّئْبُ فَاسْتَأْنَسْتُ بِالذِّئْبِ إِذْ عَوَى *** وَصَوَّتَ إِنْسَانٌ فَكِدْتُ أَطِيرُ

ولَم يَنطق من السِّباع نطْقًا صريحًا مفهومًا لبني آدم كما نطق ذئبٌ معاتِبًا راعِيَ غنم، منعه سدَّ جوعِه من أغنامه! فعن أبي سعيدٍ الخدري قال: "عدا الذِّئب على شاةٍ، فأخذها، فطلبه الراعي، فانتزعها منه، فأقْعَى الذئبُ على ذنَبِه، قال: ألاَ تتَّقِي الله! تَنْزع منِّي رزقًا ساقه الله إلي؟ فقال: يا عجبي، ذئبٌ مُقْعٍ على ذنَبِه يكلِّمني كلامَ الإنس! فقال الذِّئب: ألا أُخبِرُك بأعجبَ مِن ذلك؟ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بيثرب، يُخْبِر الناس بأنباءِ ما قد سبق، قال: فأقبل الراعي يسوقُ غنمَه، حتى دخل المدينة، فزوَاها إلى زاويةٍ من زواياها، ثم أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فنُودِيَ: "الصَّلاةَ جامعةً"، ثم خرج، فقال للراعي: أخبِرْهم، فأخبَرَهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صدَق، والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتَّى يكلِّم السِّباعُ الإنسَ، ويكلِّمَ الرجلُ عذبة سوطِه، وشِرَاكَ نعلِه، ويُخبِرَه، فخذه بما أحدث أهله بعده»" [1].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنا راعٍ في غنمه، عدا عليه الذئب، فأخذ منها شاةً، فطلبه الراعي حتَّى استنقذَها منه، فالتفت إليه الذِّئبُ، فقال له: مَن لَها يوم السَّبُع، يوم ليس لَها راعٍ غيري، فقال الناس: سبحان الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإني أومن بذلك أنا وأبو بكرٍ وعمر» [2].

من أسمائه، وكُنَاه:
أطلقَت العربُ على الذِّئب أسماءً وكُنًى عديدة منتشرة؛ نَثرًا، وشِعرًا، ولعلَّ اهتمامَهم بحفظ أسمائه يعود لتأثُّرهم به، وتأثيره فيهم على مَرِّ العصور؛ نَهبًا، وخطفًا، و***اً لأغنامهم ومواشيهم، فهو عدوُّهم اللَّدود؛ يَذكرونه لكثرة بوائقه أكثرَ مِمَّا يذكرون أعداءهم من البشر. فمِن أسمائه: (السِّرحان)، قال امرُؤ القيس في معلَّقتِه، واصِفًا فرسَه:

لَهُ أَيْطَلاَ ظَبْيٍ، وَسَاقَا نَعَامَةٍ *** وَإِرْخَاءُ سِرْحَانٍ، وَتَقْرِيبُ تَتْفُلِ

ومن أسمائه: (نَهشل)، و(أغبر)، و(أجرد)، و(الخاطف)، و(ذُؤالة)، و(أطلس):

أَزَلَّ أَطْلَسُ ذُو نَفْسٍ مُحَكَّكَةٍ *** قَدْ كَانَ طَارَ زَمَانًا فِي اليَعَاسِيبِ

ومن أسمائه: (أوس)، و(أويس)، قال الهذليُّ:

يَالَيْتَ شِعْرِي عَنْكَ وَالأَمْرُ أَمَمْ *** مَا فَعَلَ اليَوْمَ أُوَيْسٌ فِي الغَنَمْ

وكذلك: (السِّيد)، و(العَملَّس)، قال الشَّنفرَى الأزديُّ في لاميته:

وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُونَ سِيدٌ عَمَلَّسٌ *** وَأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وَعَرْفَاءُ جَيْأَلُ

و(السِّيد) عند سائر العرب هو الذِّئب، عدا (هذيل) فيعني عندها (الأسد) [3]، والذئب في لغة هذيل أيضا هو (السبع) [4].
ويكنى: (أبو مذقة)، و(أبو جعدة)، وهي الشَّاة، و(أبو ثمامة)، و(أبو جاهد)، و(أبو رعلة)، و(أبو سلعامة)، و(أبو العطاس)، و(أبو كاسب)، و(أبو سبلة) [5]، وله أيضًا (أمُّ عامر)، قال الشاعر:

وَمَنْ يَصْنَعِ الْمَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ *** يُلاَقِ الَّذِي لاَقَى مُجِيرُ أمِّ عَامِرِ

ومن إعجابِهم بشخصيته كانت له أوصاف، مثل: (الأمعط)، و(الأجرد)، و(الأسحم)، و(الأغبر)، و(ذيب الغضا)... إلخ.

من طباعه وصفاته.. وما ضربوه مثلاً:
لَم يكن حيوان الصحراء -داجِنُه، ووحشيُّه- بعيدًا عن واقع حياة العربيِّ، ولا عن فِكْرِه وخياله، ولعلَّ تصفُّحًا سريعًا لكتاب (الحيوان) للجاحظ، و(حياة الحيوان) للدميري، و(كليلة ودمنة) لابن المقفَّع، يُقنِع القارئ بأنَّ الحيوان رفيق درب، وخيال ثري. فـ(الحيوان) للجاحظ (159- 255 هـ) كتابٌ ضخم، يصوِّر الحيوانات بنظرة جَمالية، ويصِفُ جمالَ مظاهرها، ويسجِّل مراحل تطوُّرها من بناء الأعشاش، إلى التَّسافد والولادة، والنَّمو والنضج، ويعدِّد خصائصها من التقليد والمُحاكاة، والتعبير عن الحبِّ والكراهية، والرغبة في النِّزاع... إلخ.

عرَّف ابنُ منظور في (اللِّسان) الذئبَ بأنه: (كلب البَر)، ويُجمع على: ذِئابٍ، وأَذوُب، وذُؤبان، وذؤبان العرب: لصوصهم ورعاعهم، وأيضًا: صعاليكهم وشطارهم، أو قُطَّاع الطُّرق وقراصنة الصَّحراء [6]، وقد عُرفت (هذيل) بين العرب بـ(الصعاليك الذُّؤبان)[7].

الذِّئب والكلب من أرومة/ فصيلة واحدة (الكلبيَّات)، ومن رُتبة اللَّواحم، لكن الذئب له فكَّان مفترِسان، ونظَرٌ ثاقب، فضلاً عن حاسَّة شمٍّ قوية، وعلى عكس الكلب؛ الذئب متوحِّش بطبعه، حتى لو ربِّيَ، واستُؤنِس منذ صغره، فطبيعتُه الشرسة وغريزته تَطغى عليه.

حكى الأصمعيُّ أنه: "مرَّ ببعض الأحياء فوجد عجوزًا، وبِجانبها شاةٌ مقتولة، وذئب مقطَّع الأوصال، فسألها عن السبب، فقالت: الذِّئب؛ ربَّيناه صغيرًا، ولما كبر فعل بالشَّاة ما ترى، وأسمعَتْه أبياتًا، قالت فيها[8]:

بَقَرْتَ شُوَيْهَتِي وَفَجَعْتَ قَلْبِي *** وَأَنْتَ لِشَاتِنَا وَلَدٌ رَبِيبُ
غُذِيتَ بِدَرِّهَا وَرُبِيتَ فِينَا *** فَمَنْ أَنْبَاكَ أَنَّ أَبَاكَ ذِيبُ
إِذَا كَانَ الطِّبَاعُ طِبَاعَ سُوءٍ *** فَلَيْسَ بِنَافِعٍ فِيهَا الأَدِيبُ


وفي تجارب سلوكيَّة حديثة (في جامعة ببودابست) تؤكِّد ما حكاه الأصمعيُّ من أنَّ الذئب: لا يخضع/ يتبع/ يتواصل كثيرًا مع أوامرِ مَن ربَّاه، على عكس جراء الكلاب التي تأتَمِر بإشارةِ سيِّدها، وتوجيهه لَها ناحيةَ ما خُبِّئ لَها من طعام، أو حين يستعصى عليها دخولُ قفصٍ ما، في حين أنَّ نظيراتِها من جراء الذِّئب (التي رُبِّيَت معها)، فكانت دائمًا ما تسير عكسَ ما يُشير إليه مُربِّيها، متَّبِعة -أمام معضلات التجربة- ما يُمْليه عليها هواها وغريزتُها فقط.

واللَّون الغالب على فِراء الذئب هو الرَّمادي (المائل إلى الصفرة)، قال الشاعر يصف أناسًا بُخَلاء حرَموه الأكل الطيِّب:

حَتَّى إِذَا جَنَّ الظَّلاَمُ وَاخْتَلَطْ *** جَاؤُوا بِمَذْقٍ هَلْ رَأَيْتَ الذِّئْبَ قَطْ
و"المَذْق": اللَّبَن المخلوط بِماء كثيرٍ حتَّى يصير رماديًّا كلون الذئب.

مضرب الأمثال:
عرف العرب قديمًا وحديثًا الحكايةَ عن الحيوان، وعلى لسانه، وضَرْب الأمثال به كما يَرِد في: (الأمثال) للمفضَّل الضَّبِّي‏ (ت170هـ)، و(جمهرة الأمثال) لأبي هلال العسكريِّ (ت نحو 395هـ)، و(مَجْمع الأمثال) للميداني (ت 518هـ)، في المعمورة سِباعٌ ولَواحم أشَدُّ بأسًا، وأكثر فتكًا من الذئب، لكنَّها لا تَمتاز بِخَصائصه، ولا تُجاريه في صفاته المتنوِّعة؛ حذرًا وخبثًا، وفطنة ودهاء، وحرِّية وعزلة، وغربة وقوة، وشراسة وحيلة، وخداعًا وطمَعًا، وعدمَ اعترافٍ بالجميل.

لذا صار مَضربَ الأمثال؛ لما بالغوا في حذره: (أَحْذَرُ مِن ذئب)، (أخَفُّ رأسًا من ذئب)؛ لكونِه لا ينام كلَّ نومِه، ومن شقائه بالسَّهر لا يكاد يُخطِئه مَن رماه! تصوَّروه ينام بعينٍ واحدة، ويترك الأخرى مفتوحةً تَحرسه، قال حميد بن ثور [9] قولتَه:

وَنِمْتُ كَنَوْمِ الذِّئْبِ فِي ذِي حَفِيظَةٍ *** أَكَلْتُ طَعَامًا دُونَهُ وَهْوَ جَائِعُ
يَنَامُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهِ وَيَتَّقِي *** بِأُخْرَى الْمَنَايَا فَهْوُ يَقْظَانُ هَاجِعُ


ولفظة الذِّئْب دالَّة على: الظُّلم والغدر، والبأس والتوحُّش، والجوع المستمر، فيُقال: (أظلم/ أضلم من ذئب)، و(مَن استرعَى الذِّئب فقد ظلم)، و(أغدَرُ من الذِّئب)،

إِذَا كَانَ الطِّبَاعُ طِبَاعَ ذِئْبٍ *** فَلاَ أَدَبٌ يُفِيدُ وَلاَ أَدِيبُ

(الذِّئب للضبع) ويُضرب في قريني سوء، و(أجوَعُ من ذئب) فلِكَثرة إسرافه في ال***؛ تصوَّروه هكذا جائعًا، لا يشبع أبدًا، ويُقال أيضًا: إنَّ الذئب الجائع إذا صادف إنسانًا وحيدًا في مكان منعزِل طمع في أكْلِه، فإذا كان الإنسانُ قويًّا عوى الذِّئبُ لِيَستدعي بعض الذِّئاب لِمُساعدته في الفتك بالفريسة، قال المصعب الكناني:

أَبْلِغْ فَزَارَةَ أَنَّ الذِّئْبَ آكِلُهَا *** وَجَائِعٌ سَغِبٌ شَرٌّ مِنَ الذِّيبِ

(أصَحُّ من ذئب)؛ ذلك أن الذِّئب لا يصيبُه كثيرُ عِللٍ إلاَّ الموت؛ لذا جاء في الدُّعاء على العدو: (رماه الله بداء الذِّئب)؛ أيْ: بالجوع/ أو الهلاك؛ لأنهم يزعمون أنَّه لا داءَ له غير ذلكم، ويُقال أيضًا: (إن كنتَ ذئبًا أكلتَ معه، وإن لَم تكن ذئبًا أكلَتْك الذِّئاب)، وضربوه مثَلاً للنِّفاق، ورمزوا به للأشخاص الذين لا تهمُّهم إلاَّ مصالحهم الخاصَّة، قال الدوادي [10]:

وَإِذَا الذِّئَابُ اسْتَنْعَجَتْ لَكَ مَرَّةً *** فَحَذَارِ مِنْهَا أَنْ تَعُودَ ذِئَابَا
فَالذِّئْبُ أَخْبَثُ مَا يَكُونُ إِذَا اكْتَسَى *** مِنْ جِلْدِ أَوْلاَدِ النِّعَاجِ ثِيَابَا


وقالوا: أخبَثُ من ذئب، وأختل، وأخون، وأعتَى، وأوقح، وأجسر، وأيقظ، وأعقُّ، أعقُّ مِن ذئبة، فعندما يُصاب الذئب بِجُرح، يقال: إنَّ الذئبة تقتُله، وتتغذَّى بلحمه، وإذا جُرح ذئب وهو برفقة ذئابٍ أخرى تَهجم عليه، وتأكله؛ ما جعل الناسَ يُطْلِقون على سمَك القرش (ذئبَ البحر)؛ لأنَّه يهيج من رائحة الدَّم، فيندفع، لِيَجرح ما يصادفه من قروش، ومَخلوقات أخرى.

وأكبَرَ العرب في الذِّئبِ الحذرَ والصَّبْرَ، وجعلوا منه رمزًا للرُّجولة والجَسارة والشَّرَف، وعلَّة ذلك قسوةُ الحياة في الصَّحراء، وتقرير للقوَّة والأقوياء: "إذا تمنَّيتَ فاستَكثِر، وإذا ذكَرْتَ الذئب فالتفِت"، "إذا ذَكرتَ الذئب فأعِدَّ له العَصا"، و"أجرأ/ وأنشط من ذئب"، و"أحوَلُ من ذئب"، من الحيلة إذا طلبها الرَّجُل، وفي المَدح: "فلانٌ ذيب"، و"كفُّوا يا ذيبان"؛ دلالةً على الثناء والتقدير.

ومنها قولُهم: "فلانٌ ذئب أمعط"، جاء في (لسان العرب): "ذئب أمعط: قليل الشَّعر؛ لتساقُطه"، لكن إذا وجَد الذِّئب غنمًا فإنَّه ي*** منها ما يَستطيع، فيَأكل، وينهب ويخطف بملء فمِه؛ لِيُخفي الباقي فيعود إليها إذا جاع، فإذا رأى الناسُ إنسانًا جشعًا، حريصًا على الاستحواذ على كلِّ شيء، أو شجاعًا حذِرًا، قالوا: "إنَّه ذئب/ ذيب أمعط"، وإذا قيل: "لِصٌّ أمعط" على التمثيل بذلك: يشبَّه بالذئب الأمعط؛ لِخُبْثه.

ولا تَخلو الأمثال الشعبية من التهويل يقال: "الذئب/ الذِّيب ما يهرول عبَث"، ومن الكلمات العامِّية التي تختصُّ بوصف عَدو الذئب يقال: "سَلْوَعَة الذيب، وإهْرَافة الذيب، وروملة الذيب"، ويُقال: "ذيب.. وعلى رأس مِشْرَاف"، و(المِشْرَاف): المكان المرتفع الذي تُشْرِف عليه وتَعْلوه، فمن الصعب خداع الذِّئب، والاحتيالُ عليه في الأحوال العاديَّة، فكيف إذا كان في مكانٍ مُرتفع يُمكِّنه من اكتشاف ما حوله من الأخطار المُحتملة؟ وهناك من القصص الشعبيَّة الشهيرةِ: قصةُ (معشِّي الذيب)، و(مخاوي الذيب).

ذئاب في الشعر، قديمه وحديثه:
العرب مشهورون بوصف الحيوان والطَّير، حتَّى صار الموضوع تقليدًا، لا يُستغنَى عنه عند نَظْمِ الشِّعر، ففي وصف الذئب وصفًا دقيقًا من خلال هيئته وطباعه، وحركته وتوثُّبه، وتوتُّره وسلوكه، وذهوله وتردُّده... إلخ، وُفِّق كثيرٌ من شعراء العرب؛ أمثال: الشَّنفرى، المرقش الأكبر، امرِئ القيس، المتنبِّي، البُحتري، الفرَزْدق، طرفة بن العبد، أبو كبير الهذلي، حمَّاد عجرد، عبدة بن الطيب، ابن قيس الرُّقَيات، بشَّار بن بُرد، معاوية بن أبي سفيان، بَيْهس، ابن لمكك المصري، العماني، ابن هانئ الأندلسي، ابن سنانٍ الخفاجي، مالك بنالرَّيب، الشريف المرتضى، وعبد المسيح بن عسلة، دُرَيد بن الصمَّة، والأسعر الجعفي، وغيرهم.

وللذِّئب أيضًا حضورُه القويُّ في الشِّعر العربي الحديث، سواءٌ في قصائد أنسي الحاج، أو أدونيس، ومحمود درويش، وسعدي يوسف، وقاسم حداد، ومحمد الماغوط، ومحمد عمران، وسيف الرحبي، وسركون بولص وغيرهم، وفي الأردن صدر ديوانٌ بعنوان (ذئب الأربعين) ليوسف عبد العزيز، وقبله ديوان (ضجر الذئب) ليوسف أبو لوز، وبعده رواية جمال ناجي: (عندما تشيخ الذئاب).

ذئب (الشنفرى):
الشنفرى (ت عام 525 م) أحَدُ أهمِّ أغربة العرب، وذؤبانها وصعاليكِها، إنَّه بعد أن انقطعت سُبُل المودَّة والتراحم والشفقة بينَه وبين أُمِّه، آثَرَ أن وضَعَ الذئبَ القويَّ السريع في أوَّل قائمةِ أهلِهِ الجُدد، وقد بلغَ الرجُلُ من الإحساس بالغربة في مجتمع البشر إلى أن يبتعِدَ عن الأذى والبغضاء، واجدًا بين وحوش الفلاة مُتَعزّلاً:


أَقِيمُوا بَنِي أُمِّي صُدُورَ مَطِيِّكُمْ *** فَإِنِّي إِلَى قَوْمٍ سِوَاكُمْ لَأَمْيَلُ
وَفِي الأَرْضِ مَنْأًى لِلْكَرِيمِ عَنِ الأَذَى *** وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَى مُتَعَزَّلُ
وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُونَ: سِيدٌ عَمَلَّسٌ *** وَأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وَعَرْفَاءُ جَيْأَلُ
هُمُ الأَهْلُ لاَ مُسْتَوْدَعُ السِّرِّ ذَائِعٌ *** لَدَيْهِمْ، وَلاَ الْجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْذَلُ
وَكُلٌّ أَبِيٌّ بَاسِلٌ غَيْرَ أَنَّنِي *** إِذَا عَرَضَتْ أُولَى الطَّرَائِدِ أَبْسَلُ
وَأَصْبَحَ عَنِّي بِالغُمَيْصَاءِ جَالِسًا *** فَرِيقَانِ: مَسْؤُولٌ وَآخَرُ يَسْألُ
فَقَالُوا: لَقَدْ هَرَّتْ بِلَيْلٍ كِلاَبُنَا *** فَقُلْنَا: أَذِئْبٌ عَسَّ، أَمْ عَسَّ فُرْعُلُ


ذئب (المرقش الأكبر):
المرقَّش الأكبر (ت عام 550م) شاعرٌ جاهليٌّ فَحل، وفي قصيدةٍ يَفتتحها بالوقوفِ على أطلال أسماء حبيبته، يقدِّم لنا صورةً أخَّاذة لزيارة الذئب:


وَلَمَّا أَضَأْنَا النَّارَ عِنْدَ شِوَائِنَا *** عَرَانَا عَلَيْهَا أَطْلَسُ اللَّوْنِ بَائِسُ
نَبَذْتُ إِلَيْهِ حُزَّةً مِنْ شِوَائِنَا *** حَيَاءً وَمَا فُحْشِي عَلَى مَنْ أُجَالِسُ
فَآضَ بِهَا جَذْلاَنَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ *** كَمَا آبَ بِالنَّهْبِ الكَمِيُّ الْمُحُالِسُ
وَمَنْزِلِ ضَنْكٍ لاَ أُرِيدُ مَبِيتَهُ *** كَأَنِّي بِهِ مِنْ شِدَّةِ الرَّوْعِ آنِسُ
وَتَسْمَعُ تَزْقَاءً مِنَ البُومِ حَوْلَنَا *** كَمَا ضُرِبَتْ بَعْدَ الْهُدُوءِ النَّوَاقِسُ


كعب بن زهير.. والذئب:
كعبُ بن زهير بن أبي سُلمى (ت سنةَ 645 م) شاعِرٌ من الشعراء المخضرمين الفحول، ينتمي إلى بيتٍ من أعرقِ بيوت العرب في الشِّعر، ولكعبٍ لاميَّةٌ، تقعُ في ثلاثةٍ وخمسينَ بيتًا، مطلَعُها:

أَلاَ بَكَرَتْ عِرْسِي تَلُومُ وَتَعْذِلُ *** وَغَيْر الَّذِي قَالَتْ أَعَفُّ وَأَجْمَلُ

وقد خصَّ الشاعِرُ مشهدَ الذئب بسبعةَ عشَرَ بيتًا، يقول فيها:

وَصَرْمَاءَ مِذْكَارٍ كَأَنَّ دَوِيَّهُ *** بُعَيْدَ جَنَانِ اللَّيْلِ مِمَّا يُخَيَّلُ
حَدِيثُ أُنَاسِيٍّ فَلَمَّا سَمِعْتُهُ *** إِذَا لَيْسَ فِيهِ مَا أَبِينُ فَأَعْقِلُ
قَطَعْتُ يُمَاشِينِي بِهَا مُتَضَائِلٌ *** مِنَ الطُّلْسِ أَحْيَانًا يَخُبُّ وَيَعْسِلُ
يُحِبُّ دُنُوَّ الإِنْسِ مِنْهُ وَمَا بِهِ *** إِلَى أَحَدٍ يَوْمًا مِنَ الإِنْسِ مَنْزِلُ
تَقَرَّبَ حَتَّى قُلْتُ لَمْ يَدْنُ هَكَذَا *** مِنَ الإِنْسِ إِلاَّ جَاهِلٌ أَوْ مُضَلّلُ
مَدَى النَّبْلِ، تَغْشَانِي إِذَا مَا زَجَرْتُهُ *** قُشَعْرِيرَةٌ مِنْ وَجْهِهِ وَهْوَ مُقْبِلُ
إِذَا مَا عَوَى مُسْتَقْبِلَ الرِّيحِ جَاوَبَتْ *** مَسَامِعَهُ فَاهُ عَلَى الزَّادِ مُعْوِلُ
كَسُوبٌ إِلَى أَنْ شَبَّ عَنْ كَسْبِ وَاحِدٍ *** مُحَالِفُهُ الإِقْتَارُ لاَ يَتَحَوَّلُ
كَأَنَّ دُخَانَ الرَّمْثِ خَالَطَ لَوْنَهُ *** يُغِلُّ بِهِ مِنْ بَاطِنٍ وَيُجَلَّلُ
بَصِيرٌ بِأَدْغَالِ الضَّرَاءِ إذا خَدَا *** يَعِيلُ وَيَخْفَى بِالْجِهَادِ وَيَمْثُلُ
تَرَاهُ سَمِينًا مَا شَتَا وَكَأَنَّهُ *** حَمِيٌّ إِذَا مَا صَافَ أَوْ هُوَ أَهْزَلُ
كَأَنَّ نَسَاهُ شِرْعَةٌ وَكَأَنَّهُ *** إِذَا مَا تَمَطَّى وِجْهَةَ الرِّيحِ مَحْمَلُ
وَحَمْشٌ بَصِيرُ الْمُقْلَتَيْنِ كَأَنَّهُ *** إِذَا مَا مَشَى مُسْتَكْرِهَ الرِّيحِ أَقْزَلُ
يَكَادُ يَرَى مَا لاَ تَرَى عَيْنُ وَاحِدٍ *** يُثِيرُ لَهُ مَا غَيَّبَ التُّرْبُ مِعْوَلُ
إِذَا حَضَرَانِي قُلْتُ لَوْ تَعْلَمَانِهِ *** أَلَمْ تَعْلَمَا أَنِّي مِنَ الزَّادِ مُرْمِلُ
غُرَابٌ وَذِئْبٌ يَنْظُرَانِ مَتَى أَرَى *** مُنَاخَ مَبِيتٍ أَوْ مَقِيلاً فَأَنْزِلُ
أَغَارَا عَلَى مَا خَيَّلَتْ وَكِلاَهُمَا *** سَيُخْلِفُهُ مِنِّي الَّذِي كَانَ يَأْمُلُ


ذئب (البحتري):
في قصيدته الدَّالية، الرَّصينةِ ببنائها، الجزلةِ بألفاظها، الحسَنة الوصف، المتماسِكة الرَّصف، التي تؤكِّد عبقريَّةَ البُحتري، نراه يصف الصِّراع بينه وبين ذئبٍ جائع، كلاهما يتضوَّرُ جوعًا حتَّى همَّ كلٌّ بصاحبه، كانت الغلَبةُ للبحتري، ف*** الذِّئب، وجعله شواءً، وأكلَه!

وَلَيْلٍ كَأَنَّ الصُّبْحَ فِي أُخْرَيَاتِهِ *** حُشَاشَةُ نَصْلٍ، ضَمَّ إِفْرِنْدَهُ غِمْدُ
تَسَرْبَلْتُهُ وَالذِّئْبُ وَسْنَانُ هَاجِعٌ *** بِعَيْنِ ابْنِ لَيْلٍ مَا لَهُ بِالكَرَى عَهْدُ
أُثِيرُ القَطَا الكُدْرِيَّ عَنْ جَثَمَاتِهِ *** وَتَأْلَفُنِي فِيهِ الثَّعَالِبُ وَالرُّبْدُ
وَأَطْلَسَ مِلْءِ العَيْنِ يَحْمِلُ زَوْرَهُ *** وَأَضْلاَعُهُ مِنْ جَانِبَيْهِ، شَوًى نَهْدُ
لَهُ ذَنَبٌ مِثْلُ الرِّشَاءِ يَجُرُّهُ *** وَمَتْنٌ كَمَتْنِ القَوْسِ أَعْوَجُ مُنْأَدُّ
طَوَاهُ الطَّوَى حَتَّى اسْتَمَرَّ مَرِيرُهُ *** فَمَا فِيهِ إِلاَّ العَظْمُ وَالرُّوحُ وَالْجِلْدُ
يُقَضْقِضُ عُصْلاً، فِي أَسِرَّتِهَا الرَّدَى *** كَقَضْقَضَةِ الْمَقْرُورِ أَرْعَدَهُ البَرْدُ
سَمَا لِي وَبِي مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ مَا بِهِ *** بِبَيْدَاءَ لَمْ تُعْرَفْ بِهَا عِيشَةٌ رَغْدُ
كِلاَنَا بِهَا ذِئْبٌ، يِحُدِّثُ نَفْسَهُ *** بِصَاحِبِهِ وَالْجَدُّ يُتْعِسُهُ الْجَدُّ
عَوَى ثُمَّ أَقْعَى، فَارْتَجَزْتُ فَهِجْتُهُ *** فَأَقْبَلَ مِثْلَ البَرْقِ يَتْبَعُهُ الرَّعْدُ
فَأَوْجَرْتُهُ خَرْقَاءَ تَحْسِبُ رِيشَهَا *** عَلَى كَوْكَبٍ يَنْقَضُّ، وَاللَّيْلُ مُسْوَدُّ
فَمَا ازْدَادَ إِلاَّ جَرْأَةً وَصَرَامَةً *** وَأَيْقَنْتُ أَنَّ الأَمْرَ مِنْهُ هُوَ الْجِدُّ
فَأَتْبَعْتُهَا أُخْرَى، فَأَضْلَلْتُ نَصْلَهَا *** بِحَيْثُ يَكُونُ اللُّبُّ وَالرُّعْبُ وَالْحِقْدُ
فَخَرَّ، وَقَدْ أَوْرَدْتُهُ مَنْهَلَ الرَّدَى *** عَلَى ظَمَأٍ، لَوْ أَنَّهُ عَذُبَ الوِرْدُ
وَقُمْتُ فَجَمَّعْتُ الْحَصَى، فَاشْتَوَيْتُهُ *** عَلَيْهِ، وَلِلرَّمْضَاءِ مِنْ تَحْتِهِ وَقْدُ
وَنِلْتُ خَسِيسًا مِنْهُ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ *** وَأَقْلَعْتُ عَنْهُ، وَهْوَ مُنْعَفِرٌ فَرْدُ


لَم يَرغب البحتريُّ في الإبانة عن شجاعتِه باستضافته للذِّئب، إنَّما صوَّر حياة (التوحُّش المأساويَّة) التي يعيشها جرَّاء خصومته مع قرابته من (بني الضحَّاك)؛ ما حدا به أن يَختار الرَّحيل عنهم؛ ليبدأ حياةً جديدة.

والفرَزْدقُ يصف ليلةً مع الذئب: يشوبها كرَمٌ، مع حذر وحَزْم:

وَأطْلَسَ عَسَّالٍ، وَمَا كَانَ صَاحِبًا *** دَعَوْتُ بِنَارِي موهِنًا فَأتَانِي
فَلَمَّا دَنَا قُلْتُ: ادْنُ دُونَكَ، إِنَّنِي *** وَإِيَّاكَ فِي زَادِي لَمُشْتَرِكَانِ
فَبِتُّ أُسَوِّي الزَّادَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ *** عَلَى ضَوْءِ نَارٍ، مَرَّةً، وَدُخَانِ
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَكَشَّرَ ضَاحِكًا *** وَقَائِمُ سَيْفِي مِنْ يَدِي بِمَكَانِ
تَعَشَّ فَإِنْ وَاثَقْتَنِي لاَ تَخُونُنِي *** نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطَحِبَانِ
وَأَنْتَ امْرُؤٌ، يَا ذِئْبُ، وَالغَدْرُ كُنتُمَا *** أُخَيَّيْنِ، كَانَا أُرْضِعَا بِلِبَانِ
وَلَوْ غَيْرَنَا نَبَّهْتَ تَلتَمِسُ القِرَى *** أَتَاكَ بِسَهْمٍ أَوْ شَبَاةِ سِنَانِ
وَكُلُّ رَفيقَيْ كُلِّ رَحْلٍ، وَإنْ هُمَا *** تَعَاطَى القَنَا قَوْمَاهُمَا، أَخَوَانِ
فَهَلْ يَرْجِعَنَّ اللَّهُ نَفْسًا تَشَعَّبَتْ *** عَلَى أَثَرِ الغَادِينَ كُلَّ مَكَانِ
فَأَصْبَحْتُ لاَ أَدْرِي أَأَتْبَعُ ظَاعِنًا *** أَمِ الشَّوْقُ مِنِّي لِلْمُقِيمِ دَعَانِي
وَمَا مِنْهُمَا إِلاَّ تَوَلَّى بِشِقَّةٍ *** مِنَ القَلْبِ، فَالعَيْنَانِ تَبْتَدِرَانِ


و(للمتنبي) ذئبٌ:

بِغَيْرِكَ رَاعِيًا عَبِثَ الذِّئَابُ *** وَغَيْركَ صَارِمًا ثَلَمَ الضِّرَابُ
وَتَمْلِكُ أنْفُسَ الثَّقَلَيْنِ طُرًّا *** فَكَيْفَ تَحُوزُ أَنْفُسَهَا كِلاَبُ
وَمَا تَرَكُوكَ مَعْصِيَةً وَلَكِنْ *** يُعَافُ الوِرْدُ وَالْمَوْتُ الشِّرَابُ
طَلَبْتَهُمُ عَلَى الأَمْوَاهِ حَتَّى *** تَخَوَّفَ أَنْ تُفَتِّشَهُ السَّحَابُ
فَبِتَّ لَيَالِيًا لاَ نَوْمَ فِيهَا *** تَخُبُّ بِكَ الْمُسَوَّمَةُ العِرَابُ
يَهُزُّ الْجَيْشُ حَوْلَكَ جَانِبَيْهِ *** كَمَا نَفَضَتْ جَنَاحَيْهَا العُقَابُ
وَتَسْألُ عَنْهُمُ الفَلَوَاتِ حَتَّى *** أَجَابَكَ بَعْضُهَا وَهُمُ الْجَوَابُ
فَقَاتَلَ عَنْ حَرِيمِهِمِ وَفَرُّوا *** نَدَى كَفَّيْكَ وَالنَّسَبُ القُرَابُ
وَحِفْظُكَ فِيهِمِ سَلَفَيْ مَعَدٍّ *** وَأَنَّهُمُ العَشائِرُ وَالصِّحَابُ
تُكَفْكِفُ عَنهُمُ صُمَّ العَوَالِي *** وَقَدْ شَرِقَتْ بِظعْنِهِمُ الشِّعَابُ
وَأُسْقِطَتِ الأَجِنَّةُ فِي الوَلاَيَا *** وَأُجْهِضَتِ الْحَوائِلُ وَالسِّقَابُ


يقول (أبو فراس الحمداني):


بِمَنْ يَثِقُ الإِنْسَانُ فِيمَا يَرُومُهُ *** وَمِنْأَيْنَ لِلْحُرِّ الكَرِيمِ صِحَابُ
وَقَدْ صَارَ هَذَا النَّاسُ إِلاَّ أَقَلَّهُمْ *** ذِئَابًا عَلَى أَجْسَادِهِنَّ ثِيَابُ


وحديثًا: يقول محمود درويش: "وهُم أوقعوني في الجُبِّ، واتَّهَموا الذئبَ؛ والذئبُ أرحم من إخوتي... أبَتِ! هل جنيتُ على أحدٍ عندما قلت إنِّي: رأيتُ أحد عشر كوكبًا، والشمس والقمر، رأيتُهم لي ساجدين".

ويقول أنسي الحاج: "أمدُّ يدي إلى الظلِّ هناك، ويكون صباح الهواء الأوَّل في الأرض الأُولى والأخيرة، أيَّتها الهاربة المقبِلة اليقين، والضباب، مضاء الذَّكاء، وانحلالية الهناء من صميم تَهذيبك اللَّطيف لتدفّق نشوتك الصَّامتة، وكقطيعمن الذِّئاب تفترس ذاتَها، فما أجملَ العروسَ في أحضان ذاتِها! يانبع الغابات الداخلية، يا نعجة ذئبِي الكاسرة".

أما محمد الماغوط فيقول: "وطني أيُّها الذئب الملوي كالشجرة إلى الوراء، إليك هذه الصُّور الفوتوغرافية للمناسف والإهراءات، وهذه الطُّيور المغرِّدة، والأشرعة المسافرة على طوابع البريد" [11]. ويقول في قصيدة (بكاء السنونو): "الذئب والأفعى لن يكونا أبدًا حَمامتين تحت المطَر".

صفوة القول: للذئب علاقة مادِّية ومعنويَّة، عميقة ومُعقَّدة مع الإنسان عمومًا، وفي ثقافتنا العربيَّة خصوصًا، فعنه قُرِضَت نَماذج شعرية، ونُسِجت أمثال وأقوالٌ مأثورة، ورُوِيت حكايات وروايات شعبيَّة، ولعلَّ (التوظيف الرَّمزي) للحيوان والطير يتأتَّى من باب الإسقاط (الذاتي/ الجمعي)، أو لِتَعزيز النَّص بالموروث الشعبِي، أو لإثبات الكفاءة والمَقْدرة وسعَة الاطِّلاع في أحايينَ أخرى.
____________________
[1] في مسند الإمام أحمد: (3/ 83) من حديث يزيد، عن القاسم بن الفضل الحدَّاني، عن أبي نضرة، ورجالُ إسناد هذا الحديث ثقاتٌ، وأخرجه من طريق القاسم بن الفضل الحاكمُ في المستدرك (4/ 367)، والبيهقي في الدلائل (6/ 41 - 42).
[2] في الصحيحين: البخاري برقم: 2324، ومسلم برقم: 2388.
[3] د. عبد السلام سرحان، مختارات من روائع الأدب في الجاهلية والإسلام، ص23.
[4] أبو الطاهر التميمي: المسلسل العذب في غريب لغة العرب، ص 119.
[5] دائرة معارف القرن العشرين، ص 118.
[6] شوقي ضيف: العصر الجاهلي، ص 376.
[7] أحمد كمال زكي، شعر الهذليين، ص 103.
[8] محمد فريد وجدي، دائرة معارف القرن العشرين، ج4، ص 118.
[9] محمد فريد وجدي، دائرة معارف القرن العشرين، ج4، ص 117.
[10] أبو منصور الثعالبي، التمثيل والمحاضرة ص 353.
[11] من قصيدة (المصحف الهجري)، من ديوان (الفرح ليس مهنتي) لمحمد الماغوط.



ناصر أحمد سنه
 


 
 

 الموضوع الأصلي : فى ثقافتنا ذئاب // المصدر : منتديات غربةالروح // الكاتب : نور الإيمان
 
توقيع العضو ; نور الإيمان
 

 

 
 

  ملاحظة: التسجيل باالمنتدى باللغة العربية وكل مايكتب في هذاالمنتدى لا يعبر عن رأي إدارة المنتدى أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

المسافر البعيد
المسافر البعيد
 
★الادارة★۩العامة۩
★الادارة★۩العامة۩
معلومات الإتصال
اضفني  كصديق
 
بيانات اضافيه [+]
التسجيل : 13/12/2009
رقم العضوية : 1
الجنس : ذكر
التقييم التقييم : 933
المشاركات : 31702
<b>النقـــاط</b> النقـــاط : 45960
مزاجي : فى ثقافتنا ذئاب 1310
البلد : المغرب
لوني المفضل : black
.عنوان الموضوع :   (  فى ثقافتنا ذئاب )

الخميس 10 أبريل - 20:53

مُساهمةموضوع: رد: فى ثقافتنا ذئاب


فى ثقافتنا ذئاب

موضوع اكثر من رائع

وننتظر مزيدك بكل شوق

تقبل مروري ولك ودي وردي

وربي يجازيك خير

 


 
 

 الموضوع الأصلي : فى ثقافتنا ذئاب // المصدر : منتديات غربةالروح // الكاتب : المسافر البعيد
 
توقيع العضو ; المسافر البعيد


مدونتي الخاصة من هناااا
ليكن تواجدك || رسم بســـمة || للمشاركين
ليكن تواجدك || نصــيحه || توجهها لاخوتك
ليكن تواجدك || قـــدوة|| مثاليه في التعاون
ليكن تواجدك || نبـــع || للفائده والابداع

فى ثقافتنا ذئاب Gold10
مدونة المسافر البعيد بعذب الكلام وبصمت الالحان تراني اسير في بحر الزمان
 

 

 
 

  ملاحظة: التسجيل باالمنتدى باللغة العربية وكل مايكتب في هذاالمنتدى لا يعبر عن رأي إدارة المنتدى أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

امين
امين
 
ღ مشرفღ عـــام
ღ مشرفღ     عـــام
معلومات الإتصال
اضفني  كصديق
 
بيانات اضافيه [+]
التسجيل : 18/11/2010
رقم العضوية : 127
الجنس : ذكر
التقييم التقييم : 619
المشاركات : 7559
<b>النقـــاط</b> النقـــاط : 9999
السن : 39
مزاجي : فى ثقافتنا ذئاب 3510
البلد : المغرب
لوني المفضل : black
.عنوان الموضوع :   (  فى ثقافتنا ذئاب )

الخميس 10 أبريل - 21:45

مُساهمةموضوع: رد: فى ثقافتنا ذئاب


فى ثقافتنا ذئاب
يعطيك الف عافيه
بانتظار جديدك بشوق
لك خالص تقديري وشكري

 


 
 

 الموضوع الأصلي : فى ثقافتنا ذئاب // المصدر : منتديات غربةالروح // الكاتب : امين
 
توقيع العضو ; امين


الادراة : تكريم الاخ الكريم امين بوسام الادراي المميزفى ثقافتنا ذئاب Abumohd17
منتدى غربة الروح
www.gold.keuf.net



فى ثقافتنا ذئاب D8090010
احصل على اعتمدات لمنتداك مقابل مواضع وردود واعضاء
http://www.ahladalil.net/t32650-topic
 

 

 
 

  ملاحظة: التسجيل باالمنتدى باللغة العربية وكل مايكتب في هذاالمنتدى لا يعبر عن رأي إدارة المنتدى أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

محب الغربة
محب الغربة
 
ღ مشرفღ عـــام
ღ مشرفღ     عـــام
معلومات الإتصال
اضفني  كصديق
 
بيانات اضافيه [+]
التسجيل : 16/01/2014
رقم العضوية : 1273
الجنس : ذكر
التقييم التقييم : 55
المشاركات : 6895
<b>النقـــاط</b> النقـــاط : 7153
السن : 28
مزاجي : فى ثقافتنا ذئاب 1710
البلد : المغرب
لوني المفضل : black
.عنوان الموضوع :   (  فى ثقافتنا ذئاب )

الخميس 10 أبريل - 22:22

مُساهمةموضوع: رد: فى ثقافتنا ذئاب


فى ثقافتنا ذئاب

موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص تحياتي

 


 
 

 الموضوع الأصلي : فى ثقافتنا ذئاب // المصدر : منتديات غربةالروح // الكاتب : محب الغربة
 
توقيع العضو ; محب الغربة


فى ثقافتنا ذئاب N4hr_13733593662
الادارة:
تكريم العضو محب الغربة بوسام
فى ثقافتنا ذئاب Gold16
 

 

 
 

  ملاحظة: التسجيل باالمنتدى باللغة العربية وكل مايكتب في هذاالمنتدى لا يعبر عن رأي إدارة المنتدى أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط

عازف الذكريات
عازف الذكريات
 
★ المدير ★ العام
★ المدير  ★ العام
معلومات الإتصال
اضفني  كصديق
 
بيانات اضافيه [+]
التسجيل : 03/03/2010
رقم العضوية : 2
الجنس : ذكر
التقييم التقييم : 295
المشاركات : 10243
<b>النقـــاط</b> النقـــاط : 10838
السن : 26
مزاجي : فى ثقافتنا ذئاب 1910
البلد : المغرب
لوني المفضل : black
.عنوان الموضوع :   (  فى ثقافتنا ذئاب )

الجمعة 11 أبريل - 12:02

مُساهمةموضوع: رد: فى ثقافتنا ذئاب


فى ثقافتنا ذئاب
شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز

واصلي تالقك معنا في المنتدى

بارك الله فيك جزاك الله خيرا

 


 
 

 الموضوع الأصلي : فى ثقافتنا ذئاب // المصدر : منتديات غربةالروح // الكاتب : عازف الذكريات
 
توقيع العضو ; عازف الذكريات


الادارة : تكريم الاخ عازف الذكريات بوسام
فى ثقافتنا ذئاب Gold11فى ثقافتنا ذئاب 13270172105
 

 

 
 

  ملاحظة: التسجيل باالمنتدى باللغة العربية وكل مايكتب في هذاالمنتدى لا يعبر عن رأي إدارة المنتدى أو الأعضاء بل يعبر عن رأي كاتبه فقط


     
 
 

الرد السريع

 

زهور لتزين الردود على المواضيع اضغط هنا
 
 
 

     
 
 KonuEtiketleri كلمات دلاليه للموضوعع
 
 
تعليمات المشاركة
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

رموز المنتدى : متاحة
الوجوه التعبيرية : متاحة
رمز [IMG] : متاحة
رمز HTML : معطلة
التبيهات : معطلة

قوانين المنتدى