خماسيات الحياة الأسرية
الجانب الأول : الإيماني والروحاني للأسرة :
الإيمان يقودنا للطمأنينة الأسرية، فكلما قوّى الفرد علاقته بربه وخالقه وعرف حقوقه تجاه ربه ونفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه وأمته، كلما شعر بالسعادة، ووجد أثر ذلك أيضاً في موازين أعماله، ويتحقق تحصيل هذا الجانب ببعض الأمور التالية :
1- قوة الصلة بالله تعالى : فالعبادة لله هي الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة التي ترضي الله عز وجل ومنها الصلاة والصيام والأذكار و ... إلخ ، تجعل قلب الزوج والزوجة معلقاً بالله تعالى، وبالعبادة ينال العبد رضا الله، فيزرع فيه الحب، ولأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ومن هذا المنطلق يسارع المؤمن بالتقرب إلى الله تعالى بالعبادات والنوافل، قال تعالى (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ))، وقال سبحانه (( فاستبقوا الخيرات )) . فكلما سارع الزوجان باغتنام أوقاتهم بالنفحات الإيمانية كلما وجدا الاستقرار والطمأنينة والراحة في حياتهم الأسرية .
1. صفاء القلب ونقاء السريرة : القلب هو الأساس الذي ينبغي أن يبدأ به من أراد أن يستثمر طاقاته الكامنة في نفسه الغالية، لتكون الحياة التي يعيشها العبد المؤمن طيبة سعيدة في الدنيا والآخرة، تتميز بالطمأنينة والسكينة، في ظل العبودية الخالصة لله رب العالمين، فبصلاح القلب صلاح الجوارح، قال عليه الصلاة والسلام ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) متفق عليه .
ففي الحياة الأسرية عندما يحرص الزوجان على التغافل والتغاضي عن الزلات والهفوات تجاه الآخر كلما تحقق للفرد الأنس والمودة وكانت له الأفضلية بين الناس، فعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل، قال : " كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟
قال : هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد "، فصفاء القلب راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة ونعمة ومنة من الله تعالى فحافظ عليها كل واحد منا .
2- وسائل عملية لتحقيق هذا الجانب الإيماني :
• المسارعة في الخيرات .
• الدعاء والاستغفار .
• قيام الليل معا .
• الورد القرآني، والرقية الشرعية .
• قراءة الأذكار والأوراد الشرعية .
• الصوم والإفطار معا .
الجانب الثاني : العلمي والأكاديـمي للأسرة :
في الماضي كان الواحد منا إذا التقى بشخص يسأله : ما اسمك، زمن أبوك، وإلى أي قبيلة تنتمي؟ أما اليوم فإن الذي يجعلك تتعرف على من أمامك هو التعليم الذي تلقاه، والمكان الذي تعمل فيه، فهذان الأمران يشيران بموضوعية ووضوح إلى الإمكانتا المختلفة للإنسان .
ومن هذا المنطلق فإن عصرنا هذا هو عصر المنافسة الشديدة في عالم الأعمال، وسوق العمل يبحث عن الكفاءات الرفيعة، ومن أجل هذا يتطلب منا الكثير من الأمور لعل من أهمها :
1- الحرص على الدراسة في مكان جيد وإكمال التعليم:
من المهم أن نتذكر دائما أن الدراسة في جامعة ممتازة يشكل البداية الصحيحة لحياة مهنية ثرية ومنتجة تعكس إيجابا على الأسرة، ومن فاته ذلك لسبب من الأسباب فعليه أن يستعيد ذلك بحضور الدورات التدريبية والمحاضرات المجتمعية والندوات وورش العمل والمطالعة .
2- الاهتمام بتعليم الأبناء ومستقبلهم .
من الأمور المهمة في تعليم الأبناء هو انتقاء رياض الأطفال والمدارس التي نثق في إدارتها ومعلميها والكادر المهني فيها ومتابعة الأبناء في البيت والمدرسة مما يؤثر إيجابا في شخصية الأبناء في المستقبل، وخاصة إذا ألحقناهم بحلقات القرآن في المساجد، يكونوا صالحيين لأنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ووطنهم وأمتهم بإذن الله تعالى .
3- وسائل عملية لتحقيق هذا الجانب العلمي والأكاديمي :
• الثقافة والتنمية الأسرية ( الزوجية والتربوية ) .
• إلحاق الأولاد لحلقات تحفيظ القرآن .
• القراءة والمطالعة لتطوير الذات .
• الجلوس والتعلم مع الأبناء .
• حضور الدورات والملتقيات العلمية وبرامج الأطفال .
الجانب الثالث : الصحي والنفسي للأسرة :
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، فالإنسان في حال صحته لا يستشعر تلك النعمة العظيمة، ولكنه عند المرض يشعر بقيمة الصحة ومدى تفريطه في استثمارها، قال عليه الصلاة والسلام " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " وكما نلاحظ في السنوات الأخيرة تغيراً ملحوظا في طرق العيش مع التكنولوجيا الحديثة وازدياد أنواع الأمراض بسبب الوجبات السريعة وقلة الحركة بسبب قلة الوعي الصحي والسلوكيات غير الصحية. . ولذا فإن هذا الجانب يعتمد على أمور عدة منها :
1- التغذية الصحية : تناول الطعام والشراب أمر أساسي يحتاجه كل منا ، ومعلوم أن السعادة ليست بكثرة أصناف الطعام والشراب والإسراف فيها، ولكن براحة البال والضمير في عبادة الله وطلب رزق الحلال تحقق السعادة والطمأنينة داخل الجو الأسري، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام " من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" .
ومما ينبغي الإشادة إليه في موضوع التغذية والإتباع للسلوكيات الصحيحة، هو إبعاد أولادنا قد المستطاع عن الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والأغذية ذات النكهات والألوان الاصطناعية، والحرص على الأغذية الطازجة والعضوية، مما يجعل أفراد الأسرة يعيشون في صحة وعافية .
2- الرياضة البدنية : إذا كانت حيوية الشمس تطهر الأرض، فالرياضة كفيلة بأن تذيب سموم الجسد، وللحديث عن الرياضة يبعث في النفس روح السعادة والسعة والانبساط، فيزيل التعب والضيق عن النفس، ويبعث أنسام المحبة بين الزوجين، ويدخل السرور بينهما، ويزرع في القلب بذور العواطف، فينشط العقل والجسد، ويشرح الصدر والفكر، ولدور الرياضة بين أفراد الأسرة فإنه يرسم عليهم الترويح والتنفيس والترفيه فتشعر الأسرة بالصحة النفسية الجيدة السليمة .
3 - وسائل عملية لتحقيق هذا الجانب الصحي والنفسي :
• الثقافة الصحية الغذائية .
• أخذ الاسترخاء والاستجمام والراحة لفترات متقطعة
• العناية الصحية تبدأ من الطفولة .
• متابعة الظروف الصحية .
• ممارسة رياضة المشي والسباحة .
• الفحص الدوري لأفراد الأسرة .
الجانب الرابع : الاجتماعي للأسرة :
تقوم العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة على أساس من التواصل الفكري والنفسي والمادي، والاتصال المباشر ( الحوار) يعد من أهم أنواع العلاقات الاجتماعية، فالأسرة هي الكيان المصغر للمجتمع وبقدر ما يشيع في أجوائها من تفاهم وتواصل وحوار إيجابي بقدر ما يتحقق النجاح في العلاقات بين أفرادها، فيتمكنون من القيام بأدوارهم وهم في حالة نفسية إيجابية، ويتمتعون بالسعادة والاستقرار .
ولذا فإن هذا الجانب يعتمد على أمور عدة منها :
1. الساعة الأسرية : نقصد بالساعة الأسرية هي الساعة الفعلية التي يجلس فيها الأب والأم والأولاد يتبادلون فيها اهتماماتهم وشؤنهم الشخصية والأسرية والاجتماعية والتعبير عن المشاعر وفهم أحوال الأبناء وتوجيههم إلى الصراط السوي في الحياة والنجاح، واستغلال فترة الطعام معا لمثل ذلك وكذلك فترة توصيل الأبناء إلى مدارسهم وأيام الرحلات كذلك . ومما المؤسف أن ترى الأب والأم جالسان مع أولادهم ولكنهم منشغلين طوال الوقت بالهاتف أو بالجرائد أو التلفاز ... إلخ. فإن هذا يؤثر سلباً على شخصية أولادهم في المسقبل القريب .
2. التواصل الاجتماعي : هو الاختلاط المحمود الذي ينتفع منه الفرد ويبني شخصيته لكي يرتقي بذاته إل مستوى يتقي فيه الكثير من الشبهات والإشكالات الاجتماعية ومعرفة فن الضيافة والعادات والأعراف ( السنّع ) والطباع المختلفة ليتسنى له فهم النفسيات وشخصيات الآخرين .
3 - وسائل عملية لتحقيق هذا الجانب الاجتماعي :
• الزيارات العائلية والمناسبات .
• الرحلات الترفيهية والبرية .
• فن الاستجمام والإجازات .
• قيادة الطفولة الاجتماعية .
• الاشتراك في الأعمال التطوعية والخيرية .
الجانب الخامس : المادي والاقتصادي للأسرة :
المال هو عصب الحياة، واستثماره من أكثر الأمور التي يهتم به الناس في زماننا، وحاجته أمر أساسي في الأسرة، وهذا الجانب الاقتصادي أكثر إلحاحا في متطلبات الوعي لما له من أثر كبير على جوانب الحياة الأخرى، ولذا فإن هذا الجانب يعتمد على أمور عدة منها :
1- الميزانية العائلية : ونقصد بها وضع خطة عملية لمعرفة الموارد التي تدخل للأسرة، ومعرفة أوجه الصرف من مأكل ومسكن وملبس ومواصلات وتعليم وترفيه وتطبيب ... إلخ .
وبهذه الميزانية نبتعد عن الديون قدر المستطاع والتمتع بأريحية والبصيرة في الإنفاق .
2 – التوفير والادخار : مصطلح ( وفّر ثم انفق ) هو أسلوب اقتصادي ناجح في الأسرة، بأن تحجز مبلغاً من المال ولو افترضنا 10 % من الدخل فسنجد بعد سنوات قد وفرنا مبلغا وفيرا ً نستطيع أن نخطط لمشروع جيد يزيد من دخل الأسرة .
3 - وسائل عملية لتحقيق هذا الجانب الاقتصادي :
• وضع خطة لميزانية شهرية .
• توزيع أدوار النفقات .
• ابتكار مشاريع لزيادة دخل الأسرة
• تحديد الموارد والنفقات .
• تربية النشء بين التدبير والتبذير .