ღ الشجاعة الأدبيـــة ღ
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لِما لا يدري لا أدري ، حتى يأتيه الوحي ، بل كان صلى الله عليه وسلم يرجع عن رأيه ويأخذ بالرأي الآخر إذا تبيّن أنه هو الصائب ، والرسول صلى الله عليه وسلم يبين أنه بشر ، وأن رأيه في الأمور الدنيوية التي ليس فيها تشريع قد يصيب وقد يخطئ . قال صلى الله عليه وسلم : (( لا تخيروني على موسى ، فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفق ، فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله )) ]رواه مسلم [.
ولمّا سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : أي البقاع خير ؟ قال : (( لا أدري )) فقال : أي البقاع شر ؟ قال : (( لا أدري )) .. حتى جاء الوحي بأن خير البقاع المساجد ، وشر البقاع الأسواق .]صحيح الجامع ، برقم (3271) [.
ومن امثلة رجوعه صلى الله عليه وسلم عن رأيه إلى الرأي الآخر إذا تبين صوابه والثناء على صاحبه : لمّا سبق الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين إلى ماء بدر اختار موقعاً للنزول فيه ، أبدى الحباب بن المنذر رأيه .. (( يارسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم – قريش – فننزله ، ونغور – نخرب – ما وراءه من القلب – الآبار – ثم نبني عليه حوضاً فنملأه ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون )) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أشرت بالرأي )) وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أشار به الحباب ابن المنذر .
والمعلم بحكم وظيفته وبشريته معرّض لكثير من المواقف سواء داخل دور التعليم أو خارجها ، فيا ترى بماذا يجيب المعلم إذا سُئل عن مسألة لا يعرف جوابها ؟ هل يوهم الطلاب ويدلس عليهم بكلام خاطئ ؟ أم يقول لا أعلم ليغرس هذا المبدأ في نفوس طلابه ، وأن عدم المعرفة ليس عيباً ولا نقصاً في حقه . ويا ترى ماذا يقول المعلم إذا أخطأ في مسألة ، وعارضه بها أحد الطلاب ثم بان له الصواب ، فهل يبادر بشكر الطالب والثناء عليه ، ويعترف بالخطأ أم أنه سيراوغ ، ويقلب الكلام ، حتى يبرهن لهم صحة قوله ؟ والمعلم الذي يدلس على الطلاب بإعطائهم معلومات خاطئة لينجو من موقف معين سوف ينكشف أمره لطلابه عاجلاً أم آجلاً ، ومن ثم تهتز صورته لديهم ، فلا يثقون بعد ذلك فيما يطرح من مواضيع وما يقدمه من معلومات