كوكب أورانوس
لكل كوكب من كواكب المجموعة الشمسية صفة مميزة لهفعطارد هو الأقرب للشمس ونبتون هو الأبعد
الزهرة هو نجم الصباح أو المساء وأقواهم بريقا...والمريخ هو المارد الأحمر وإله الحرب وإرتبطت به أساطير عدة
المشترى أضخمهم...عملاق غازى كتلته وحده نحو 99% من إجمالى الكواكب....وزحل له حلقات جميلة مبهرة.
ماذا عن أورانوس إذن؟
لعل إسم أورانوس هو السبب فى أزمته...فأورانوس OURANOS هو إسم إله السماء الإغريقى...وإلهة الفلك إسمها URANIA ولما كان إكتشاف عنصر اليورانيوم معاصر بشكل ما لكوكب أورانوس...نجد الإسمين متقاربين
كن حريصا عند نطق الكوكب بالإنجليزية...فلو نطقته YOO_RAY_NUS
بالطبع ستقذف بك تلك الكلمة خارج المنتدى!...ولو نطقته
YOO_RIH_NUS
سيحتج الأطباء فلفظة URINOUS طبية فى المقام الأول بمعنى بولى!..أكرمكم الله
الأولى إذن أن ينطق بإسم اليونانى والعربى..
أورانوس...بضم الهمزة والنون
لم يكن الكثير معلوما عن أورانوس حتى أكملت فويجر-2 رحلتها بعد المشترى وزحل نحوه...كان ذلك فى
أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات
قطر أورانوس ثلاث أسباع قطر زحل...
وثلث قطرالمشترى..وأكبر من الأرض 6 مرات ونصف...
وكتلته تضاهى الأرض ب 14.5 مرة
محاور دوران الكواكب غالبا ما تكون قريبة من الخط العمودى على مدارها حول الشمس...لم يتعد أيا منها 30 درجة...فالأرض 23.5 والمريخ 24..وزحل 27..ونبتون
29 تقريبا...أما أورانوس فشاذ تماما
حيث يبلغ محور دورانه نحو 98 درجة...إنه يدور على جنبه إذن
محاور دوران الكواكب
لو كانت كل الكواكب تكونت معا من نفس السحابة الكونية...لكانت محاور دورانها جميعها عمودية على مستوى دورانها حول الشمس..إلا أن الكواكب تكونت من تجمع أجسام دونها فى الكتلة...فلو جاءت هذه الأجسام بالتساوى من مختلف الجهات لبقيت المحاور جميعها عمودية...ولكن المرجح أن الإتجاهات لم تكن متساوية أو متوازنة خاصة مع أورانوس التعيس...فنشأ هذا الشذوذ فى محور دورانه
يدور أورانوس حول الشمس فى نحو 84 سنة...فلو كنت على هذا الكوكب سترى الشمس تشرق من نقطة ما فى الأفق...وتتلولب صعودا فى السماء حتى تصل إلى نقطة السمت بعد نحو 21 عاما أرضيا....ثم تغرب فى الأفق فى المنطقة المقابلة بعد نحو 21 عاما أخرى!!...وتختفى خلف الأفق لمدة 42 عاما كاملة....لن تراها ثانية إلا إن كنت من المعمرين!
الفصول على كوكب أورانوس
فى كوكب الزهرة نجد شيئا قريبا من هذا القبيل...ولكنه مرتبط ببطء دوران الزهرة حول نفسه وليس بميل محوره
قوة الشمس عند أورانوس ربع قوتها عند زحل..وجزء من 13 جزء من قوتها عند المشترى...وجزء من 368
[b]جزء من قوتها على الأرض
فجو أورانوس شديد العتامة....وعندما وصلته فويجر-2 عام 1985 كان لابد من إطالة فترة التعريض للحصول
[b]على صور أفضل
فى زحل كانت فترة التعريض 15 ثانية...أما فى أورانوس صارت 100 ثانية...هذا معناه أن الوقت
[b]لا يتسع إلا لعدد قليل من الصور
بدا أورانوس كوكب شديد الزرقة...وهذا بديهى فالميثان الموجود فى غلافه الجوى يمتص اللون الأحمر
بديهى أيضا أنه كلما إبتعدنا عن الشمس...قلت درجة الحرارة...وقلت أيضا الفروق فى درجة الحرارة بين أجزاء الكوكب...فارق درجات الحرارة هو ما يولد حركة فى الغلاف الجوى للكوكب وأعاصير هنا وهناك...تماما كجوى المشترى وزحل الذان يبدوان شديدى التشوه والنشاط
أما أورانوس....فهو مرسوم بهدوء وعناية كاملين...إنه كوكب ميت شديد الرتابة...وليس فى عنفوان وفوران شباب الزهرة والمشترى أو زحل.
تتجمد الغازات فى طبقات الغلاف الجوى للكواكب كلما إبتعدنا عن الشمس...فالمشترى غنى بالنشادر وغازات أخرى تمنحه غيوم متلونة متجمدة...تماما كزحل
أما أورانوس...فالميثان ذو درجة الغليان بالغة الإنخفاض هو العنصر السائد....ولأنه يمتص اللون الأحمر فللكوكب هذا اللون الأزرق المهيب
ورغم الحرارة المنخفضة...إلا أن الميثان شديد النشاط كيميائيا...حيث يتبلمر مكونا مركبات هيدروكربونية تضفى ضباب فى غلافه يحجب الرؤية إلى داخل الكوكب....وهو ما يعطى الكوكب المزيد من الغموض والريبة
(قمر زحل تيتان يملك هذه الضبابية أيضا)
عندما نراقب أورانوس من الأرض...يكون القطب الجنوبى فى مواجهة الأرض والشمس...ويكون تعرضه أعلى للشمس...مما يمنح القطب بعض الحمرة الخفيفة وسط بحر الزرقة فى الكوكب
لأورانوس نسبة عالية من الهيدروجين والهليوم كسائر الكواكب العملاقة الغازية...كانت دراسات السبعينات تفيد أنه به 40% هليوم!...وهى نسبة عالية جدا....فالهليوم فى الكون لايزيد عموما عن 25% سواء فى السحب البين مجرية أو السدم أو حتى داخل النجوم
من أين جاء هذا الشذوذ فى نسبة الهليوم لهذا الكوكب الشاذ؟
قد يقال أن أورانوس بسبب بعده عن الشمس...وتطوره الأبطأ...أصغر من زحل الذى بدوره أصغر من المشترى...وبسبب صغره ربما مجال جاذبيته الضعيف لا يسمح له بجذب هيدروجين أكثر مما يجذبه المشترى أو زحل...فالهيدروجين عنصر خفيف...بحاجة لوحش كتلى حتى يجذبه...أما الهليوم الثقيل نسبيا...كان من الأسهل على أورانوس جذبه
ولكن تكمن مشكلة أخرى...أن أورانوس أشد برودة من زحل والمشترى...وبالتالى المفترض أن الهيدروجين يميل بصورة أكبر إليه!
ما هذا التناقض إذن؟
[b]فهل يجذب الهليوم لزيادة كتلة الهليوم...أم يحتفظ بالهيدروجين لزيادة برودة أورانوس!
جاء الحل على يد فويجر-2 التى أثبتت أن نسبة الهليوم فقط من 12-15% كما هو مفترض وليس 40%
[b]كان هناك إعتقاد لدى العلماء أنه كلما صغر حجم الكوكب طالت مدة دورانه حول نفسه....فالمشترى أكبر الكواكب يدور حول نفسه كل 9.84 ساعة...وزحل كل 10.23 ساعة...والأرض كل 24 ساعة...أورانوس إذن لابد أن يكون أكبر من زحل وأصغر من الأرض...قدمت فويجر-2 رقم 17.24 ساعة وهو رقم مقبول جدا
وكما قلنا نظرا لقلة درجة حرارة الشمس...لا توجد فوارق كبيرة فى درجات الحرارة على شتى أنحاء الكوكب... ولكن لأن أورانوس يأبى إلا أن يكون شاذا فى كل شئ...فالدراسات الحديثة تؤكد....أن درجة الحرارة بين خطى عرض 30 شمالا و30 جنوبا...أقل نسبيا من المناطق الأخرى..والسبب غير معروف
والأغرب بالنسبة لأورانوس أنه إكتشفت له رياح تسير بسرعة نحو 100 ميل فى الساعة...وهى تدور فى نفس إتجاه دوران الكوكب!!!...وهو شئ محير فعلا فلابد أن يكون إتجاه الرياح عكس دوران الكوكب...فما هى إلا ردة فعل لدوران الكوكب أصلا!
ولكن ربما لأن أورانوس كالمشترى وزحل...يشع من الطاقة أكثر مما يتلقاه...فلابد من وجود مصدر طاقة كيميائى داخلى يبرر هذا الشذوذ فى إتجاه الرياح
ومع إقتراب فويجر-2 من الكوكب...لم يبد له أى حقل مغناطيسى!!..وهذه حقيقة صادمة!...فالكوكب يدور حول نفسه بسرعة وجوفه موصل ممتاز للكهرباء....
فى أى جحيم ذهبت مغناطيسيته إذن؟
مرة أخرى يترأف العلم بحال العلماء...فما أن صارت فويجر-2 على بعد 470 ألف كيلومتر من مركزه... إكتشفت أن له حقل معناطيسى أقوى من الأرض 50 مرة......
ولكنه محجوب بغلاف إلكترونى يحيط بالكوكب!
بالتأكيد إستنتجتم أن أورانوس هو الوحيد الذى يتفرد بهذه الخاصية
ولغلافه المغناطيسى شذوذ آخر!!
فمن المعروف أن المحور المغناطيسى لكل الكواكب (ذات المجال المغناطيسى)...ينحرف عن محور الدوران...ولكن الإنحراف لا يكون كبيرا...إنما فى أورانوس يصل الإنحراف إلى 60 درجة كاملة...بالطبع السبب غير معروف...ولكن ربما إنحراف محور الدوران هو السبب بالأساس!!
[b]أورانوس كوكب له حلقات تمام كزحل...الجسيمات فى حلقات أورانوس عبارة عن جلاميد من الصخور عليها جليد متجمد من النشادر والميثان...يتبلمر الميثان على السطح مكونا مركبات تجعل السطح يبدو معتما...لذا حلقات أورانوس بوجه عام أدكن قليلا من حلقات زحل...فحلقات زحل ناصعة البياض...تعطيه جمالا خاصا به...ولكن لا تفسير لذلك
هناك شئ آخر شاذ لهذا الكوكب الشاذ فى كل شئ!
لنبتون قمر عملاق إسمه تريتون
ولزحل قمر عملاق إسمه تيتان
وللمشترى 4 أقمار عملاقة..أيو-جانيميد-كاليستو-أوروبا
كما أن قمر الأرض وقمرى المريخ فوبوس وديموس..ليست بالأقمار الصغيرة نسبيا
أما أورانوس.... فليس له أى قمر عملاق !
أقمار أورانوس تدور فى مستوى خط إستواءه
فبدلا من أن تظهر لنا من الأرض..يمين أو يسار الكوكب
لا....تظهر أعلى أو أسفل الكوكب!!
أشهرها ما يلى
قبل فويجر بعد فويجر
ميريندا 240كم 480كم
آريل 700كم 725كم
أمبيريل 500كم 1190كم
تيتيانيا 1000كم 1590كم
أوبرون 900كم 1550كم
كان يعتقد أن ميريندا أقربها للكوكب..ولكن فويجر-2 إكتشفت 9 أقمار إضافية أقربها 1985U1
دراسة زحل والمشترى أفادت أنه لابد من وجود أقمار راعية كبيرة نسبيا داخل الحلقات للحفاظ على النظام الحلقى للكوكب...أما أورانوس لا يأبه لحلقاته...لم تكتشف له أقمار راعية حتى الآن
وكلما كان القمر أكثر قربا لأورانوس كلما كان أكثر تضرسا
والغريب أن ميرندا على صغر حجمه فسطحه نشط جدا جيولوجيا...ملئ بالفوهات والأخاديد والحفر والوديان...يعتقد أنه جرم متشظى
أى أنه تعرض لصدمة حطمت غالبيته تماما ثم عاود لم شتات نفسه مرة أخرى على هذا النحو الغير منتظم
(قمر زحل ميماس أيضا يعانى من نفس الظاهرة)
ولسبب لا معنى له كالمعتاد...القمر أمبيريل هو أدكن أقمار أورانوس..بلا أى تضاريس بإستثناء حلقة شديدة التألق عند طرف نصفه المضاء
من عادة علماء الفلك اللجوء إلى الميثولوجيا الإغريقية لتسمية الأجرام السماوية...ولكنهم أنفوا ذلك مع ذلك الكوكب التعيس!
فأوبرون وتيتيانا هما إسم ملك وملكة الجن فى مسرحية شكسبير..حلم ليلة فى منتصف الصيف
وأمبيريل هو إسم شخصية مزاجية تملؤها الكآبة والحسرة فى ملحمة للشاعر ألكسندر بويل...وأمبيريل مشتقة من كلمة لاتينية بمعنى الظل..لأنه أدكن أقمار أورانوس
وعندما إكتشف كويبر (مكتشف سحابة كويبر)...قمرا لأورانوس أطلق عليه ميريندا...وهو إسم بطلة فاتنة فى نفس المسرحية لشكسبير