أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
مَوقف كسيلة بن لَمَزْم من الفتح الإسلامي للمغرب [ 53- 69هـ = 672- 688 م] جمال رحموني أستاذ بالمرحلة الثانوية لمادة العلوم الفيزيائية بسكرة - الجزائر- الملخص: تناول البحث تعليقا على ما جاء في رسالة الأستاذ محمد بن ناصر بن أحمد الملحم في تعريفه بـ "كسيلا ". ووضع كسيلا والبربر قبل الفتح الإسلامي كما تناول موقف كسيلا من أبي المهاجر دينار و موقف عقبة بن نافع منه ، وألقيت الضوء على دور كسيلا والبربر في الفتح الإسلامي ، ووضّحت موقف عقبة بن نافع من كسيلا ،وموقعة تهوذة، وموقف مسلمي افريقيا من هذه الموقعة ، وأشرت إلى انسحاب الجيش الأموي من القيروان ، ورعاية كسيلا لها بعد ذلك ، وبينّت موقف زهير بن قيس من كسيلا في واقعة ممس وذيّلت البحث بخاتمة أوضحت فيها أهم النتائج التي تم التوصل إليها. مقدمة : الحمد لّله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين سيّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين ، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وبعد : قرأت بحثا بعنوان " موقف كسيلا من الفتح الاسلامي للمغرب" للباحث محمد بن ناصر بن أحمد الملحم من جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية قسم الجغرافيا. عند قراءتي للمقدمة و التي جاء فيها: (بعض الموضوعات مازالت بحاجة إلى دراسة متأنية فاحصة مثل : موقف كسيلة من الفتح الإسلامي للمغرب وكل ما كتب عنه أنه دخل الإسلام وحسن إسلامه ، فأساء عقبة بن نافع معاملته وكان ذلك سببًا في فاجعة قبيلته تهوذة لذلك أردت تسليط الضوء على هذه الشخصية وتحليلها ، وتوضيح موقفها الصحيح من الفتح الإسلامي ) فاستوقفتني عبارة (وتوضيح موقفها الصحيح من الفتح الإسلامي ) فقلت في نفسي لعل الباحث توفر لديه ما ينصف الرجل فتتحقق بذلك مصالحة مع جزء هام من تاريخنا الاسلامي المجيد ، لكن في نهاية قراءتي تيقنت ان الباحث لم يأتي بجديد بل زاد الطينة بلّة. فقد استعمل العقل و تأويلاته مع تمطيط للنص حسب هواه فوضع كذبا محبوبا مكان حقائق مكروهة و يا ليته ربط هذه الشخصية بشخصية الحسين بن علي و عبد الله بن الزبير و حكم الأمويّين و بيّن لنا الموقف الصحيح . فأحببت أن أعلق على ما جاء في هذا البحث الذي يشتم فيه رائحة العصبية و الذي طبع بطابع التبرير والدفاع باستعمال : لعل ،لا يعقل، هذا يعني ، نستبعد ، لم يكن هدفه ، يتضح لي ، أحسّ ،هذا غير وارد ، والذي يظهر ، لا شكّ أنها كانت، و الراجح أن...، و هذا كله نسيج من الخيال و تضليل الناس عن الحقيقة و هو مجرد عن الدليل. كما يلاحظ في هذا البحث سهام الاتهام موجهة نحو المسلم البربري بدون حق و هذه طريقة ظالمة في الحكم لا يقبلها مؤمن. فالباحث أراد التفكير للقارئ متحاملا على البربر ، والمطلوب منه أن يدعو القارئ إلى أن يفكر معه لأن الكتابة في التاريخ كما يقول الأستاذ أبو القاسم سعد الله : " فإن الكتابة التاريخية عملية متجددة يمارسها كل جيل بالقدرة التي وصلها و الوثائق المتوفرة لديه و المستجدات الحضارية التي تحيط به "، خاصة و أن بدايات الفتح للمغرب مشوبة بالتحامل على البربر وعلى الفاتحين من العرب . و نحن لسنا مطالبين أن نتفق في كل شيء لأن الاختلاف من سنن الله التي قدرها علينا في هذه الحياة الدنيا، بل بتقليصه، فلا عداوة بيننا إنما العداوة بين الحقائق و المعلومات، و لا تعصّب فالبربر أجدادنا و العرب أجدادنا، و مغرب اليوم شاهد على ذلك. و في آخر هذه المقدمة لا يسعني إلا أن أقول الحمد لله على نعمة الإسلام. تعرضي للموضوع جاء وفقا للأبواب التي وضعها الباحث: التعريف بكسيلة (نسبه أسرته ، صفاته ، ديانته) ليت الباحث قدم تعريفا بـ" كسيلا " بل أضاف معلومة مغلوطة و متناقضة حتى يوهم القارئ بفكرة مسبقة تدين هذه الشخصية و المعروف ان قيمة البحث لا تكمن في شكله و اخراجه بل في مضمونه. فمما جاء في هذا الباب: (وكان كسيلة متوسط الطول كثيف اللحية ، محبًا للغدر والخيانة ، فقد أتلف الآبار التي خّلفها عقبة بن نافع في طريقه لفتح المغرب . والدهاء من صفاته أيضًا ، فحين قرب منه عقبة بن نافع في خمسة آلاف مسلم تراجع عنه ورفض قتاله علمًا أنه كان في خمسين ألفًا من البربر والروم ؛ حتى يتفرق عنه معظم أصحابه ويبقى في عدد قليل فيمكنه الانتصار عليه والصبر على المكاره من الصفات التي تميز بها كسيلة ، فقد تحمَّل القيود التي غلّله بها عقبة بن نافع أثناء فتحه للمغرب) و النصوص تذكر أنه بعدما تعرّف كسيلا على ابي المهاجر دينار صاحبه سنوات و لم نسمع انه خانه او غدر به بل كان جنديا في جيشه ولا ادري من أي نص استخرج الباحث حب الغدر و الخيانة، مع العلم أنه جاء في العبر لابن خلدون ما يلي: " وأمّا تخَلُّق البربر بالفضائل الإنسانية، وتنافُسهم في الخلال الحميدة، وما جُبلوا عليه من الخُلُق الكريم، من عزّ الجوار، وحماية النزيل، والوفاء بالقول والعهد، والصبر على المكاره، والثبات في الشدائد، فلهم في ذلك آثار ينقلها الخلف عن السلف وحسْبُك ما اكتسبوه من حميدها، واتّصفوا به من شريفها، أنْ قادتهم إلى مراقي العزّ، حتّى علت على الأيدي أيديهم. وما كان للبربر من آثار ما يشهد أخباره كلّها بأنّهم جيل عزيز على الأيّام، وأنّهم قوم مرهوب جانبهم، شديد بأسهم، كثير جمْعهم، مضاهون لأمم العالم وأجياله من العرب والفُرْس والروم." أيضا من الكلام المغلوط عبارة " اتلافه للآبار " فالباحث يناقض كلامه بكلامه في آخر الفقرة والنصوص تقول أن كسيلا و أبي المهاجر كانا مقيدين أثناء تنقل عقبة و جيشه داخل المغرب . فكسيلا أو كسيلة بن لزم أو لمزم عند ابن خلدون وهذا يدل على مدى التصحيف الذي تعرض له اسم كسيلا ، فحرّف عن أصله تحقيرا لشأن صاحبه وهي عادة عربية . كسيلا ملك بربري عنيد لكنه شجاع ، ترأس قبيلة أوربة التي كانت تدين بالنصرانية، وكانت مملكته تضم كل الربوع الموجودة مابين تاهرت ووهران و تلمسان، وقد أسلم و قبيلته خلال فتح أبي المهاجر لشمال أفريقيا حين توغله في ديار المغرب، فوصل في فتوحاته إلى الغرب الجزائري وبالضبط إلى مدينة تلمسان. وضع كسيلة والبربر قبل الفتح الإسلامي هنا ايضا يستخدم الباحث نفس الاسلوب ألا و هو توجيه القارئ حيث يقول: (وهذا معناه أنه كان للروم يدٌ في حركة كسيلة) من أي ناحية و اذا افترضنا كلام الباحث مقبولا أفلا يجبّ الاسلام ما قبله؟ قبيلة أوربة كان يرأسها ستردير بن رومي ثم ولي عليهم من بعده كسيلا بن لمزم فكان أميرا على البرانس كلهم و اتفقت كلمة البربر على قبول رياسة كسيلا و كان الوطن تحته مستقلا تماما. موقف كسيلة من أبي المهاجر دينار ( 55-62هـ=674-681م) هنا ايضا نجد الباحث ينهش في كسيلة و قومه كما نهشتهم كتب الرواة المحترفون و أصحاب المذاهب السياسية من قبل . فهو يقول: (ولا شك أن أبا المهاجر كان بعيد النظر ، فقد علم مدى طاعة البربر لكسيلة ، وأن الناس على دين ملوكهم ، ودخوله في الإسلام يعني دخول البربر ، وقد تحقق لأبي المهاجر ما كان يصبوا إليه ، فقد تبع كسيلة بعد إعلانه للإسلام جماعته البربر ) ثم يتبع كلامه بـ (فبعد أن علموا أن الإسلام هو الحل الأمثل للخروج من هذه الضائقة رحّبوا به وأعلنوه ، في الوقت الذي بيّتوا فيه الرًدة والغدر بالمسلمين ، بالاتفاق مع حلفائهم الروم) ثم بعدها مباشرة يناقض نفسه فيقول: (وإن عدم اشارة المصادر إلى كسيلة والبربر خلال ولاية أبي المهاجر لدليل على وجود حالة هدوء واستقرار بين الطرفين ، مما يفيد أن البربر نّفذوا شروط الصلح ، وساروا في صفوف القوات الإسلامية يقاتلون معهم ويفتحون البلاد ، فكان هذا الصلح خير معين لأبي المهاجر في الاستمرار في الفتح كما أشار إلى ذلك ابن تغري بردي ) مع العلم انه لم ينسى اسلوب التضليل الواضح في عبارة: (وعلى ذلك يمكن القول أن أبا المهاجر وفَّق في ضمان ولاء البربر بما كان بينه وبينهم من هدوء مؤقت خلال فترة ولايته، وكسب مودتهم وضمن انضواءهم تحت لوائه وعدم انحيازهم إلى الروم ) و لو نحذف البخس الذي وضعه الباحث نجد ان موقف كسيلا من ابي المهاجر كان موقف المسلم مع أخيه المسلم ، فلما نزل ابو المهاجر دينار تلمسان سنة خمس و خمسين هجرية عرض على كسيلا ، بحكم أنه أمير قومه، الاسلام فأسلم و قومه ثم اصبحوا جندا من جنوده، شاركوا المسلمين في حرب الروم و نشأت علاقة ودية بين كسيلا و ابي المهاجر دامت سبع سنوات و عمّ بذلك السلام في المنطقة كما نقصت الواردات للبيت الأمويّ و التي كانت سببا في التشويش على أبي المهاجر دينار. موقف عقبة بن نافع من كسيلة ( سنة62-64هـ= 681-683م) هنا يظهر أن الباحث فعلا يفكر تفكيرا دينيا عاطفيا و هذا واضح في قوله: (لكن حين ننظر بروية نجد أن القائد عقبة بن نافع كغيره من القادة الآخرين لم يتجه إلى هذه البلاد البعيدة إ لا بهدف الفتح ونشر الدين الإسلامي في ربوع أفريقية) بعد ظهور الثورات في المشرق و خمدها بالسيف و الخوف من تداعياتها بالمغرب علما أن أصحاب هذه الثورات شاركوا في الفتح لإفريقيا و تركوا بصماتهم لدى أهالي هذه المنطقة و بعد أن عمّ السكون بتونس و الجزائر و انقطاع المال الوارد إلى الفسطاس منهما كان لزاما على الأمويين إعادة من يحب الإمارة فيضمن لهم استعادت قوتهم و هيبتهم ، فأعادوا عبقة بن نافع بعد عزل مسلمة بن مخلد ، و عند وصول عقبة إلى المغرب و رحب به ابي المهاجر دينار و كسيلا فقام بوضعهما تحت الأغلال . و قام بحربه للمسلمين البربر حيث سلك طريقا نحو طنجة لا يوجد به عدو للمسلمين كما جاء في رياض النفوس للمالكي. مما أثار المسلمين البربر من قبيلة أوربة و كل من والاها من القبائل الأخرى.خاصة و أن قائداهما ابي المهاجر و كسيلا كانا تحت الأغلال أثناء تنقل عقبة . و أثناء تواجد كسيلا في المعتقل بمعسكر عقبة أحس بالامتهان و لاحظ الفرق بين سلوك ابي المهاجر و سلوك من أرسلهم يزيد بن معاوية ، و أدرك الفرق بين التنظير الذي جاء في القرآن و تعلمه على يد ابي المهاجر وبين التطبيقات الفعلية في الميدان من ممارسات عقبة و حاشيته. هنا يظهر الباحث عقلية التشهي فيقول: ( أما عن وضعه لأبي المهاجر في الحديد فهذا وإن صحّ فربما كان في بداية قدومه إلى القيروان ، إ لا أنه لم يلبث أن أطلقه ؛ لمكانته عند المسلمين والبربر .) لكنّ ابن عبد الحكم ذكر أنّ أبا المهاجر دينار قتل وهو في حديده بعدما رفض عقبة بن نافع فك وثاقه. الاصل في هذه الحادثة أن ابي المهاجر عندما طلب من عقبة ان يستسلم لأمر والي مصر و افريقيا غضب و استعمل الخشونة مع ابي المهاجر و لم يستوعب عملية عزله بسهولة فاضطر بذلك ابي المهاجر ان يستعمل القوة مع عقبة و قام بسجنه خوفا من حدوث خلاف بين المسلمين فيستغله الاعداء. وعند تولى عقبة افريقيا في المرة الثانية وضع أبي المهاجر في الحديد خوفا من انقسام البلد بين مؤيد ومعارض و خوفا من ظهور ثورة بالمغرب ضد الخلافة الاموية. دور كسيلة والبربر في الفتح الإسلامي . هنا أيضا الباحث يقوم بقراءة النصوص بما يوافق فكره. و يتجاهل العمل الذي قام به ابي المهاجر من فتح للجزائر و شرق المغرب الأقصى، ففي هذا الفتح شارك كسيلا و قومه في الفتح كل من المسلمين العرب و البربر الذين جاؤوا مع ابي المهاجر. أما عقبة فلحق بهذا الفتح العظيم الذي منّ الله به على ابي المهاجر متأخرا . بعد هذا الفتح لمعظم المغرب الأوسط، التحق عقبة بن نافع بجيش عدده خمسة عشر ألفًا معظمهم ممن قدم معه من الشام الذين كبروا فيما بعد لمقتل عبد الله بن الزبير ، و هذا تنفيذا لأوامر بني أمية بعد ما أخمدوا بالنار و الحديد الفتنة التي أوقدوها في المشرق. فهم الآن يسارعون للانقضاض على المغرب تخوفا من أن تدور عليهم دائرة مسلم بن مخلد و واليه على المغرب. وبعد ما رأى المسلمون البربر امتهان القائد الجديد لهذه الأمة التي اعتنقت الاسلام حديثا و فهمته من أصحاب ابي المهاجر. فأبوا الانصياع لعقبة و بدؤوا يتخلون عنه و يتجمعون و كان باستطاعتهم توقيفه لولا خوفهم على حياة قائدهم المسجون عند عقبة. و أثناء عودة عقبة بجيشه نحو تونس كان مراقبا من طرف رجال كسيلا الذين غادروا معسكر عقبة. و لم يغدروا بالمسلمين الذين كانوا مع عقبة، الذين بقوا على قيد الحياة و لحق بهم التعب بعد طول طواف على مدن الشمال الافريقي مع أنهم كانوا أكثر منهم عدة و عددا. كما أنهم لم يعترضوا طريق الجند الذين أرسلهم عقبة على أفواج إلى القيروان. موقف عقبة بن نافع من كسيلة . أساء الباحث دون أن يعلم لعقبة فكان التناقض الصريح في قوله فمرة يقول: (ولابد أن عقبة بن نافع كان يعلم بهذه التطورات ؛ مما دفعه إلى مخالفة أبي المهاجر في أمرين : الأول : لما طلب منه أن يتراجع عن غزو طنجة ؛ لأن أهلها من برانس البربر أسلموا بإسلام كسيلة (وهذا يفيد أنه شك في إسلامهم) الثاني : حين طلب منه أن يعامل كسيلة معاملة طيبة، لأنه ملك في قومه ، فرفض عقبة ذلك ، بناءً على ما ظهر له من كسيلة والبربر، وأهان البربر ، وشتّت شملهم على الطريق الممتد إلى السوس الأقصى .) و يثبت مرة أخرى أن وجود عقبة بإفريقيا في المرة الثانية نابع عن الشك و الشك لا يغني عن الحق (ومن المؤكد أن عقبة أحسّ برائحة غدر وخديعة أو وجد من كسيلة ما يسيء إلى الإسلام والمسلمين ، فأراد إهانته والحط من شأنه ؛ ليشعره بمكانة المسلمين وقدرهم) . فالحقيقة أن عقبة ومن معه جاؤوا بعد عزل مسلمة بن مخلد لا لنشر الاسلام لأن هذا الجزء من افريقيا دخل الاسلام و بدأ يتعلمه بل خوفا من الثورة و أن يأخذ ابي المهاجر دينار افريقيا و يعلن نفسه حاكما عليها مثل ما قام به عبد الله بن الزبير. موقعة تهوذة (سنة 63هـ = 682م) يقول الباحث مستعملا التفكير التبريري مع دغدغة للمشاعر و ينسى ما حدث قبل زمن غير بعيد للحسين بن علي و عثمان بن عفان و الحركة التي قام بها عبد الله بن الزبير (وهذا يدعونا إلى القول بأن كسيلة لم يتمكن الإسلام من قلبه ، بل ويرى بعض المؤرخين المحدثين : أنه ارتد عن الإسلام "،،إذ لا يمكن لمن بقي على إسلامه أن يدخل حربًا غير متكافئة ضدّ إخوانه المسلمين ، كما أنه لا يتصور منه أن يوافق البربر والروم على إهانة عقبة بالشتم ورميه بالحجارة والنبل وهو يدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهل يعقل لمن كان في قلبه ذرة من الإيمان أن يرى عقبة بن نافع يترجّل عن فرسه ويصلي ركعتين قبل الاستشهاد ثم يبادر بقتله بنفسه مع من بقي معه من المسلمين) فكيف نفسر ما حدث بين العرب المسلمين أثناء خلافة الامويين؟ أنسميه فتنة ؟ و بالنسبة للمسلم البربري، أنسميه ردة ؟ و الواقع يشهد أنه اختلاف سياسي يترجم معنى البغي بين المؤمنين و النصوص لم تأتي بأقوال و أفعال لكسيلا يشتم فيها رائحة الردة او تجعله يخرج عن دائرة الاسلام و بالتالي الحكم على كسيلا بالردة حكم لا يستند الى أي دليل لأننا لا نحكم على السرائر بل ظواهر الانسان هي المعتبرة في الحكم. يذكر المؤرخ عن ابي المهاجر: (وقال "... وأنا أغتنم الشهادة مثلك" وهذا كله يحسب لأبي المهاجر عند الله وفي سجل تاريخه) تهودة أرض بربرية تعربت بعد الفتح. تعتبر منبسطا استراتيجيا للدفاع عن ثغور جبالهم. أما الرومان فأقاموا بها حصنهم. و حسب بن خلدون قبل استشهاد عقبة، كان متجها إلى بادس التي تقع على الحدود التونسية-الجزائرية. في الطريق تنحى عقبة و من معه نحو الجنوب تجنبا لجبال الأوراس الوعرة و التي يسكنها قوم " ديهيا" مارا بأرض تهودة و كانت بها حامية رومانية. فحدث اشتباك بين من كان في هذا البسيط كما يذكر الباحث: (كما أنه لا يتصور منه أن يوافق البربر والروم على إهانة عقبة بالشتم ورميه بالحجارة والنبل وهو يدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم) هذا المقطع من البحث يبرر كسيلا من كل التهم التي ألصقها به الباحث. فكسيلا لم يفر من معسكر الجيش بل جاءته النجدة من رجاله أثناء الاشتباك عند تهودة . بعد الاشتباك الذي شارك فيه أهل تهودة من بربر وروم قام كسيلا بأخذ زمام الأمور محافظا على من بقي من المسلمين. أما ما جاء على لسان أبي المهاجر فهو من نسج خيال الرواة والقصاصين الذين جاءوا بعد قرون من الحادثة لأن بعض النصوص أكدت على " وأنا أغتنم الشهادة مثلك" و أخرى أكدت على " ألقى الله في حديدي ". موقف مسلمي البربر من تهوذة . قاموا بدفن رفات من مات من المسلمين المتقاتلين بسبب خلافات سياسية بينهم. كما حافظوا على حياة من لم يمت. و أن عقبة و صحبه نالوا الشهادة في سبيل الله. انسحاب المسلمين من القيروان (سنة( 64هـ = 683م) هنا أيضا نجد تناقض في رؤية الباحث حيث يقول: (بات الطريق إلى القيروان مفتوحًا أمام كسيلة وأتباعه ، إذ لم يبق بها إلا قّلة من المسلمين معظمهم من التجار والشيوخ والنساء والأطفال ، وبعض البربر ، كما بقي فيها من البربر كثير بعضهم من نفوسه وبعضهم من أهل درن والآخرون من زناته وكلهم من أهل القيروان ويميلون إلى جانب المسلمين) و المشهور حسب النصوص أن زهير بن قيس البلوي طلب من جند عقبة الذين سبقوه إلى القيروان بالتحرك لمساعدة من كان في إفريقيا لكنهم رفضوا و فروا نحو الشرق بما جمعوه من الغنائم فتبعهم زهير مخلفا وراءه السكان دون مسئول على البلاد. أما المسلمين سكان البلاد فالتزموا مدينتهم. استيلاء كسيلة على القيروان( و أما كسيلا فأجتمع إليه جمع كبير فقصد القيروان فطلب سكانها الأمان منه فأمّنهم و دخل القيروان مدركا لقيمتها السياسية و الدينية و أقام بها أميرا على المغرب خمس سنوات حاميا للمسلمين العرب و البربر كما قام بحماية مؤسساتها الدينية والمدنية و تعمير ما خربته الحروب.مما يبين أن كسيلا كان مقاوما لسلوك الاستبداد و لم يكن مرتدا كالأسود العنسي ومسيلمة الحنفي وآخرين في شبه الجزيرة العربية. الاستمرارية السياسية للوجود العربي الاسلامي و لمشروع استكمال الفتح و نشر الاسلام أما الباحث فاستعمل "لعلّ " قصد تشويه حقيقة قائمة تمثلت في الإستمرارية السياسية للوجود العربي الإسلامي و استكمال الفتح و نشر الإسلام. موقف زهير بن قيس من كسيلة و حلفائه ( واقعة ممس سنة 69هـ=688م) بعد أن ثبتت أركان خلافة عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي قررّ أن يأخذ بثأره ممن تمردوا على الخلافة في افريقيا، فأنتدب لهذا الغرض زهير بن قيس البلوي قائدا على المغرب و أمده عبد الملك بن مروان بجيش كبير، فلما بلغ خبره كسيلا لم يشأ أن يتحصن بالقيروان فجمع عناصره من البربر و تحول عنها إلى ممش حتى لا ينقض عهده مع سكان القيروان إذا ما انضموا إلى العائدين إليها و جاء زهير والتقيا واشتد القتال و كثر القتل في الفريقين و انتهت الحرب بقتل كسيلا و كثير من أشراف البربر وانهزم من بقي منهم فتبعهم الجيش الأموي فقتلوا من أدركوه. وما قام به زهير بعد مقتل كسيلا و القضاء على الثورة الكسيلية من تنحيه دون ان يترك بإفريقيا واليا يحكم البلاد كما فعل في المرة الاولى لدليل على أن معركته لم تكن متكافئة و أن الطرف الثاني لم يكن متحمسا لقتاله علما أن بعد وصول زهير إلى القيروان أقام بها ثلاثة أيام حتى استراح و أراح ولم يقترب منه البربر. و اللافت للنظر أن هذه الحرب كانت حرب إبادة لأن جند زهير قتلوا كل من ادركوه ممن بقي من جيش كسيلا. عكس ما فعله كسيلا الذي أوصل المسلمين الذين بقوا على قيد الحياة بعد الاشتباك الذي حدث بتهودة إلى بر الأمان. خاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات ،وبعد : فإنه بعد إلقاء الضوء على شخصية كسيلا وموقفه من الفتح الإسلامي للمغرب نخلص إلى النتائج التالية : أولا : بيان سياسة الأمويين الفاشلة مع المسلمين ، و خوفهم على ملكهم . ثانيًا : إخفاء حقائق تاريخية للفتح الاسلامي خلال فتراته الأولى لأن ما كتب جاء متأخرا عن الفترة الزمنية للفتح . ثالثًا : نجاح أبو المهاجر دينار - خلال ولايته - في جذب البربر إلى جانبه بسلوكه الرباني. رابعًا : نفي الشبه المغرضة التي قيلت في كسيلا. خامسًا : عقبة بن نافع أساء معاملة كل من كسيلا و ابي المهاجر وحين قيدهما بالحديد كان لتهديد أهل افريقيا إذا ما فكروا في الانقلاب على الأمويين . سادسًا :كان يسير في صفوف الجيوش الإسلامية طائفتان من البربر : بتر البربر، وكانوا مسلمين وبرانس البربر ، و كانوا هم أيضا مسلمين. سابعا : أن كسيلا خلال تواجده بالقيروان أمّن أهلها على أنفسهم وأموالهم ؛محبة فيهم ؛ و في المقابل كانت الخلافة الأموية تقتل الحسين بن علي و عبدالله بن الزبير حبا في السلطة. ثامنًا :تمكن المسلمون البربر و العرب الذين بقوا معهم - بفضل الله - من القضاء على الروم ، تاسعًا : عزّز انتصار المسلمين على عصبيتهم من قوة الإسلام والمسلمين في افريقية ، وأصبح منهم العلماء والقادة وغيرهم . عاشرًا : أن من أسلم من البربر خلال هذه الفترة زاده الاسلام رفعة على رفعة فهو الرجل الحر الذي لا يطأطئ رأسه لأحد. حادي عشر : أن لا ننتظر من رواة و قصاص السلطان تجريم من أمروهم بالكتابة والتزوير و هذا بتغييب بعض الحقائق التاريخية أو توظيفها لمنطلقاتهم الإيديولوجية لحوادث كثيرة وقعت بين المسلمين مثل موقعة الجمل ،صفين و تهودة...، فعلى المسلم أن يضع إخوانه المسلمين كعقبة و كسيلا و ابي المهاجر و غيرهم في اطارهم البشري حيث يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم من البشر. و بمقاربة بسيطة مع واقع المسلمين اليوم و ما سمي بالثورات العربية يمكن فهم وإعادة قراءة تاريخنا المغيب. وفي ختام هذا الجهد المتواضع أسأل الله تعالى أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم إنه سميع الدعاء ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.و لا حول ولا قوّة إلاّ بالله. الهوامش : كتب التاريخ باللغة العربية.
سلمت وسلمت الايادي التي شاركت وساهمت في هذا الطرح الجميل بارك الله بك ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل و كل ما هو جديد ومفيد لديــــــــــــــك فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل كوجودك المتواصل والجميل معنا
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين اخوكم انور ابو البصل