من كتاب حادي الأرواح في بلاد الأفراح
للإمام ابن قيم الجوزية
=========
وما ذاك إلا غيرة أن ينالها..... سوى كفئها والرب بالخلق أعلمُ
وإن حجبت عنا بكل كريهـــــة...... وحفت بما يؤذي النفوس ويؤلمُ
فلله مافي حشوها من مســــرة .....وأصناف لذات بهــــــا يتنعــــــمُ
ولله يردُ العيش بين خيامها...... وروضاتها والثغرفي الروض يبسمُ
ولله واديها الذي هو موعد..... المز يـد لوفـد الحب لو كنت منهــــمُ
بذيالك الوادي يهيم صبابـــــــة...... محب يرى أن الصبـابة مغنــــــــمُ
ولله أفراح المحبيـن عنـدما ......يخاطبـــه ممن فــــوقـــــهم ويــــسلمُ
وللـه أبصار تــرى الله جهـرة......فلا الضيـم يغشــــاها ولا هي تســـأمُ
فيا نظرة أهدت إلى الوجه نضـرة...... أمن بعدها يسلو المحب المتيـــــمُ
ولله كم من خيــرة إن تبسمت....... أضاء لهـا نورمن الفجـــر أعظمُ
فيا لذة الأبصار إن هي أقبلــت...... ويا لذة الأسمـاع حيـــــن تـــكلمُ
وياخجلة الغصن الرطيب إذا انثنت...... ويا خجلة الفجرين حين تبســــــمُ
فإن كنت ذا قلب عليل بحبهــا....... فلم يبق إلا وصلــها لك مرهــــمُ
ولا سيمافي لثمها عند صمِّها ..... وقدصـار منها تحت جيدك معصم
تراه إذا أبدت له حسن وجهها .....يلذ به قبل الوصال وينعم
تفكه منها العين عند اجتلائهـا .......فواكه شتى طلعهـــا ليس يعــدمُ
عناقيد من كرم وتفاح جنــــة...... ورمان أغصــان به القلب مغــرمُ
وللورد ما قد ألبسته خدودها...... وللخمر ماقد ضمه الريق والفــمُ
تقسم منها الحسن في جمع واحد...... فيا عجبـاًمن واحد يتقسم
ُلهـا فرق شتى من الحسن أجمعت....... بجملتهـــــا إن السـلو محرمُ
تذكر بها الرحمن من هو ناظـر....... فينطق بالتسبيــــح لا يتعلثمُ
إذا قابلت جيش الهموم بوجهها........ تولى على أعقابه الجيش يهزمُ
فياخاطب الحسناءإن كنت راغباً...... فهذا زمان المهر فهوالمقدم ُ
ولما جرى ماء الشباب بغصنـــها...... تيقن حقاً أنـــه ليـــس يهرمُ
وكن مبغضاً للخائنات لحبهــا...... فتحظى بهامن دونهن وتنعمُ
وكن أيما ممن سواها فإنها ....... لمثلك في جنـــاب عدن تـأيـمُ
وصم يومك الأدنى لعلك في غد ....... تفوز بعيدالفطروالناس صومُ
وأقدم لا تقنع بعيـش منغـص ........... فما فاز باللذات من ليس يقدمُ
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها...... ولم يك فيها منزل لك يعلمُ
فحي على جنات عدن فإنهـــا....... منازلنا الأولى وفيها المخيم ُ
ولكننا سبي العدو فهل تــــرى ...........نعود إلى أوطاننا ونسلــمُ
وقد زعموا أن الغريب إذا نـأى ......وشطت به أوطانه فهو مغرمُ
وأي اغتراب فوق غربـــتنا التي..... لهاأضحت الأعداء فينا تحكم ُ
وحي على السوق الذي فيه يلتقي المحـ ..... بـون ذاكالسوق للقوم يعلمُ
فما شـــئت خذ منه بلا ثمن له....... فقد أسلــف التجـــارفيه وأسلموا
وحي على يوم المزيد الذي به........ زيارة رب العرش فاليوم موســــمُ
وحي على واد هنالك أفيـــــح ......وتربتـــه من إذفر المسك أعظـــمُ
منابرمن نور هناك وفـضة....... ومن خالص العقيان لا تتقصمُ
وكثبان مسك قد جعلن مقاعداً..... لمن دون أصحاب المنـــــابر يعلــمُ
فبينا هموفي عيشهم وسرورهم ......وأرزاقهم تجري عليهمُ وتقسمُ
إذا هم بنور ساطع أشرقـت له........... بأقطارها الجنات لايتوهمُ
تجلى لهم رب السموات جهــرة .....فيضحك فوق العرش ثم يكلمُ
سلام عليـكم يسمعون جميعهم............. بآذانهم تسليمه إذ يسلم ُ
يقول سلوني مااشتهيتم فكل ما ......تريدون عندي أنني أنا أرحمُ
فقالوا جميعاً نحن نسألك الرضا...... فأنت الذي تولى الجميل وترحمُ
فيعطيهم هذا ويشهد جمعـهم ...............عليه تعالى الله فالله أكرمُ
فيا بائعاً هذا ببخس معجل...... كأنك لاتدري ، بلى سوف تعلمُ
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة..... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ
===