الحمدلله العليم الخبير العزيز الحكيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
فبعض الناس يملك همة عالية فليست مشكلته من جهة دون الهمة ولكن مشكلته في حسن توظيف هذه الهمة العالية .
تأمل هذا الحديث روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟ قَالَ : ( نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ) .
فهذه الجنة لها أبواب والأعمال الصالحة أبواب الجنة ولكل باب من ُيدعى منه خاصة .
وهذا يعني أن بعض الناس يفتح له باب غير الذي يفتح لغيره وقد يُغلق عنه باب ويُفتح لغيره وقد يُفتح له باب ويُغلق عن غيره .
في حياتنا الدنيا قد نظل نطرق بابا لم يكتب الله أن يُفتح لنا وهذا هو الخلل عند بعض من رزقه الله همة عالية لكنه لم يُوفَق لحسن توظيفها . فيصرف عمرا طويلا وجهدا عظيما ولن يُفتح له هذا الباب لأنه لم يُكتب أن يُفتح له .
صحيح أننا لا نعلم المكتوب ولكن للمكتوب علامات فإذا رأيت أنك تصرف وقتا وتبذل جهدا ولا ترى أثرا وقد مر على ذلك وقت كاف فهذا يعني أن عليك أن تترك هذا الباب وتبحث عن باب آخر سُيفتح لك إن شاء الله ولكن ينتظر منك أن تتوجه إليه فقط .
تأمل وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه تجده يوصي هذا بشيء وذاك بشيء وآخر بشيء آخر !
لأن الناس تختلف والأبواب كثيرة وليست محصورة والحكمة تقتضي أن يتوجه كل شخص للباب الذي يناسبه .
في مجتمعنا نتأثر ببعضنا تأثرا عظيما وهذه عادة الناس فإذا رأينا فلانا توجه توجه معين ونجح فيه توجهنا كلنا لهذا الباب ولكن حكمة الله تقتضي أنه لن يُفتح للجميع لأن هناك أبوابا معينة تنتظر أصحابها .
أتوقع أن الفكرة وصلت والصورة اتضحت لذلك أعد حساباتك من الآن هل أنت تطرق أبوابا ولم تَر أثرا يدل على أنها ستفتح لك لا تُضع مزيدا من الوقت ولا تصرف مزيدا من الجهد على هذا الباب فكر وأبحث عن الباب الذي يناسبك وسيُفتح لك إن شاء الله .
ختاما : اللهم أصلحنا لما نصلح له ونصلح به ونصلح فيه .
مصلح بن زويد العتيبي .
1436/2/28هـ .