روى عن أحد السلف أنه قال : دخلت سوق النخاسين ، فرأيت جارية ينادى عليها بالبراءة من العيوب فاشتريتها بعشرة دنانير،
فلما انصرفت بها {أي الى المنزل} عرضت عليها الطعام فقالت لي: اني صائمة.
قال: فخرجت ، فلما كان العشاء أتيتها بطعام فأكلت منه قليلا، ثم صلينا العشاء فجاءت الي و قالت : يا مولاي، بقيت لك خدمة؟
قلت : لا
قالت: "دعني اذن مع مولاي الأكبر"
قلت : لك ذلك
فانصرفت الى غرفة تصلي فيها، و رقدت أنا، فلما مضى من الليل الثلث ضربت الباب علي .. فقلت لها: ماذا تريدين؟
قالت: يا مولاي، أما لك حظ من الليل؟
قلت: لا
فذهبت، فلما مضى النصف منه ضربت علي الباب و قالت: يا مولاي، قام المتهجدون الى وردهم و شمر الصالحون الى حظهم
قلت: يا جارية، أنا بالليل خشبة{أي جثة هامدة} و بالنهار جلبة{كثير السعي}.
فلما بقي من الليل الثلث الأخير، ضربت على الباب ضربا عنيفا.. و قالت: أما دعاك الشوق الى مناجاة الملك، قدم لنفسك
و خذ مكانا، فقد سبقك الخدام.
قال السري: فهاج مني كلامها و قمت فأسبغت الوضوء و ركعت ركعات، ثم تحسست هذه الجارية في ظلمة الليل
فوجدتها ساجدة و هي تقول:"الهي بحبك لي الا غفرت لي"
فقلت لها: يا جارية.. و من أين علمت أنه يحبك؟
قالت: لولا محبته لي ما أقامني و أنامك.
فقلت: اذهبي فأنت حرة لوجه الله العظيم..فدعت ثم خرجت و هي تقول: "هذا العتق الأصغر بقي العتق الأكبر"{أي من النار}.
منقول