مثَلٌ عربي شهير يضرب لمن ضيّع الفرصة ، وفوّت الغنيمة ، وترك المجال الرحب الواسع ، ولم يكن له من ذكاء عقله ومن شرف نفسه ومن قوة عمله ما يجعله محصلا لمكاسب دنياه ومدخرا لمآثر أخراه . ويمضي الإنسان بذلك دون أن يدرك أن ما يضيعه إنما هو جزء حقيقي مهم من عمره وحياته ، وأنه يبدد من رصيده ، ويفني من كنوزه ما قد يكون أقل القليل منه موضع ندامة وحسرة شديدة وأكيدة وعظيمة في وقت لا ينفع فيه الندم ..وهذا حال الكثير منّا وللأسف لا يدركون أنهم كانوا على خطأ وضيّعوا الكثير إلا بعد فوات الأوان .
وقصة هذا المثل أن امرأة تزوجت رجلاً شهماً كريماً ، يغدق عليها طعاماً وشراباً ولبناً سائغاً للشاربين مع حسن معاملة وإجلال وإكرام ، لكنها لم تقابل ذلك باعترافها بالنعمة وشكرها لها وانتفاعها منها ، وحرصها عليها وقابلت ذلك بإعراض وتضييع ، وبجحود وإنكار ، فكانت العاقبة أن طلّقها ثم تزوجها غيره ، لم تجد عنده يداً مبسوطة بالكرم ، ولا وجهاً مشرقاً بالسرور ، ولا معاملة محفوفة بالإعزاز والإكرام ، فتندمت وتحسّرت على ما فات عليها وما ضاع منها ، لكنها لم تنحو باللائمة على غيرها ، وإنما خاطبت نفسها تذكّرها تفريطها ، وتبيّن لها سوء تدبيرها ، فقالت : " الصيف ضيعت اللبن " ، ومضى مثلاً لكل من أضاع الفرصة وفرط في الغنيمة .
من التراث العربي