أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. من أسماء الله الحسنى: ( الجميل ) أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم ( الجميل ). قد ورد هذا الاسم في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فقال رجلٌ: إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً، قال عليه الصلاة والسلام: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ )) ما هو الكِبْر ؟ بالمناسبة، أيها الإخوة، لو أن عندك كمية قليلة من اللبن، وجاءك ضيوف كُثر، فإنه يمكن أن تضيف لهذا اللبن خمسة أضعافه ماءً من اللبن ويكون شراباً سائغاً، فتحمَّل هذا اللبن خمسة أضعافه ماء، لكنه لا يتحمّل قطرة بترول، فإن أضيفت إليه قطرة واحدة من البترول ألقيتَه وأهرقته، لأن البترول يتناقض في طعمه مع الماء، أما الماء فلا يتناقض. كذلك الكبر يتناقض مع العبودية لله، (( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ))
قال عليه الصلاة والسلام:
(( لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر )) [ أخرجه البزار وابن والبيهقي عن أنس ] ما الذي هو أكبر من الذنب ؟ قال:
(( العجب العجب )) رُبّ معصية أورثت صاحبها ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً. لذلك الكبر يتناقض مع العبودية لله عز وجل.
(( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فقال رجلٌ: إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً، قال عليه الصلاة والسلام: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ ))
الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس: أما الكبر فشيء آخر، بطر الحق أي ردّ الحق، وغمط الناس ؛ أن تبخسهم مكانتهم، أن ترد الحق، أن ترى نفسك أكبر من الحق، أن تتكبر عن أن تنصاع إلى الحق، أن تتأبى، هذه معصية إبليس. ﴿ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 32 ) فلمجرد أن ترد الحق، وأن ترفضه، وأن تتعنت، وأن يركب الإنسان رأسه، وأن تأخذ العزة بالإثم، إذاً: هذا هو الكبر، ولمجرد أن تحتقر الناس، وأن تستهين بهم، وأن ترى نفسك فوقهم، وتغمط الناس فهذا كِبْرٌ. المؤمن يعترف بفضل الآخرين، يعترف بقيمة الآخرين يعترف بإنجازات الآخرين، هناك من يسلط الضوء على ذاته فقط، ويضع مَن حوله في التعتيم، هذا هو غمط الناس، وتعريف الكبر عند رسول صلى الله عليه وسلم: (( الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ ـ أي رد الحق ـ وَغَمْطُ النَّاسِ ـ أن تزدري الناس )) لذلك ليس من صفات المؤمن أن يزدري أخاه.
(( بِحسْبِ المْرِء مِنَ الشرّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلمَ )) [ رواه الترمذي، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ] أن يرى نفسه فوقه. النبي أشد الناس تواضعا: من علامات الإيمان التواضع، دخل على النبي الكريم رجل أصابته رعدة، من هيبة النبي، كان عليه الصلاة والسلام له هيبة، من رآه بديهة هابه ومن عامله أحبه، فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: (( أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ، فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ، فَقَالَ لَهُ: هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ )) [ ابن ماجه ]
كان مع أصحابه في سفر، فأرادوا أن يعالجوا شاة، فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن قال أحدهم: علي طبخها، والثاني علي سلخها، وقال عليه الصلاة والسلام:
(( وعلي جمع الحطب )) [ ورد في الأثر ] تواضعاً لله عز وجل. الحديث دقيق جداً:
(( لا يَدْخُل الجَنَّةَ مَنْ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فقال رجلٌ: إن الرجلَ يُحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً، قال عليه الصلاة والسلام: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) الله يحبك أن تكون أنيقا، ثيابك نظيفة، ومتعطرا، شعرك معالج، يحبك كذلك.
(( إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) الإنسان مفطور على حب الجمال: بالمناسبة، الإنتاج العقلي والشعوري للبشرية لا يزيد على علم وفلسفة وفن، فالعلم مع هو كائن، والفلسفة ما يجب أن يكون، والفن ما هو ممتع، فمن الفن ما هو مباح، كأن تكون أديباً، الأدب جمالي، التعبير المثير عن دقائق الحياة، أو أن يكون الفعل جميلاً هو الكمال. لذلك قالوا: الإنسان فُطر على حب الكمال، وحب الجمال، وحب النوال الإنسان يحب الجميل، فقد يكون الطفل جميل الصورة، يدع في قلب أبيه تعلقاً شديدا، وأحياناً يكون العطاء خالصا كريما، فالإنسان يحب المحسن. " يا داود، ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جبلت على حبِّ مَن أحسن إليها " والإنسان يحب النوال، العطاء، والجمال، والكمال، وهذا موقف كامل، الوفاء والرحمة والتواضع. أحياناً تقرأ قصة، أو تقرأ سيرة، فتجد صحابيا جليلا كان أديباً أدباً جماً، وقد قيل للعباس: أيّكما أكبر أنت أم رسول الله ؟ عمه العباس، فقال: << أنا ولدت قبله، وهو أكبر مني >>. هناك كلمات رائعة جداً، وتصرفات رائعة، وشكل رائع. 1 – ورودُ اسم ( الجميل ) في الحديث الصحيح: أيها الإخوة، هذا الحديث ورد فيه اسم ( الجميل )، وهو حديث في صحيح مسلم. ورد هذا الاسم مطلقاً، منوناً، مراداً به العلمية، دالاً على كمال الوصفية، ورد أيضاً في رواية أحمد في مسند ابن مسعود فيه تفصيل، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي غَسِيلًا ـ أي نظيفًا ـ وَرَأْسِي دَهِينًا، وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيدًا، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ، حَتَّى ذَكَرَ عِلَاقَةَ سَوْطِهِ، أَفَمِنْ الْكِبْرِ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: لَا، ذَاكَ الْجَمَالُ، إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ، وَازْدَرَى النَّاسَ )) [ أحمد في المسند ]
2 – الجمال المادي والمعنوي مطلوب، وليس من الكِبْر:
هذا الكبر، الأمر واضح تماماً، الكبر رد الحق، وازدراء الناس، بطر الحق وغمط الناس، أمّا أن تكون أنيقا، أن يكون بيتك مرتباً، منظماً، فيه تناسب ألوان، أن تكون مركبتك نظيفة، أن يكون ثوبك حسناً، أن يكون كلامك فصيحاً، أن تكون تصرفاتك رائعة، فهذا هو الجمال: (( إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ )) 3 – لابد للمؤمن أن يكون جميلا بالمعنى العام: دائماً وأبداً أقول لكم: يجب أن تشتق من كمال الله كمالاً يكون هذا الكمال وسيلة للإقبال على الله. ﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ ( سورة الأعراف الآية: 180 ) تتقرب إلى الجميل الجمال، تتقرب إلى الرحيم بالرحمة، تتقرب إلى العدل بالإنصاف، تتقرب إلى اللطيف باللطف، تتقرب إلى الكريم بالكرم.
﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ ( سورة الأعراف الآية: 180 ) أي تقربوا إليه بأن تتخلقوا بهذا الكمال الإلهي، هذا محور هذه الدروس.
﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ ( سورة الأعراف الآية: 180 ) ما من شيء يقربك من الله عز وجل كأن تكون متخلقاً بكمالات الله. 4 – معنى الجمال: أيها الإخوة، الجميل في اللغة مأخوذ من الجمال، وهو الحُسن في الخَلْق والأخلاق. نحن كلما ذكرنا الجمال ننطلق إلى تصور جمال الشكل، لكن أحياناً هناك أعمال وتصرفات تستمع إليها فتبقى شهراً غارقاً في نشوتها. كما حدثتكم ببعض القصص، هناك مواقف فيها وفاء، مواقف فيها رحمة، مواقف فيها إنصاف، مواقف فيها حب، هذه المواقف جميلة جداً، وقد يكون الذي يفعلها ليس جميلاً. مثلاً: ورد في صفة بعض التابعين وهو الأحنف بن قيس، أنه كان قصير القامة، أسمر اللون، غائر العينين، ناتئ الوجنتين، أحنف الرجل، ليس شيء من قبح المنظر إلا وهو آخذ منه بنصيب، وكان مع ذلك سيد قومه، إذا غضبَ غضب لغضبته مئة ألف سيف، لا يسألونه فيم غضب ؟ وكان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شرب، هذا كمال رائع جداً مع دمامة لا توصف. 5 – ليس الجمال محصورًا في الجمال الجسدي المادي:
لذلك الرجل جماله، بفصاحته، جماله في أخلاقه، جماله في كرمه، جماله في تواضعه، جماله في رحمته، لعل المرأة تتوهم أن كل قيمتها في جمال الجسدي، وهذا خطأ. أحاديث مهمة في بيان أهمية جمال الأخلاق: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ )) [ متفق عليه ] يجب أن نحرر مفهوم الجمال مما تراكم من أذهان الناس أنه جمال الشكل فقط، هناك مواقف جميلة، أحيانا تعيش مع امرأة في أعلى درجة من الوفاء، والحب، والتفاني والخدمة، تسعد بها سعادة أيّما سعادة، وقد يعيش المرء مع امرأة بارعة الجمال يكرهها من أعماقِ أعماق قلبه، لأن جمال الأفعال من أعلى مستويات الجمال. عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
(( إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ، إِلَّا أَنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَنَهَاهُ، فَقَالَ: تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ )) [ النسائي، أبو داود ] مودتها تقرّبها من زوجها، فالجميل مأخوذ من الجمال، وهو الحسن في الخَلْق والخُلُق، وكان عليه الصلاة والسلام حسنَ الخَلق والخُلق. إذا رأى الإنسان صورته في المرآة ماذا يقول ؟ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ:
(( اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي )) [ أحمد ] قال بعض الشعراء:
جمال الجسم مع قبح النفوس كقنديل على قبر المجوس *** مرة إنسان جميل الصورة، أنيق الثياب جداً، تكلم كلاماً بذيئاً، فقال له أحدهم: إما أن تتكلم وَفق ثيابك، أو البس وَفق كلامك، فالتناسب رائع جداً، أحيانا إنسان أنيق، حسن الصورة ثيابه أنيقة، جميلة لكن كلامه بذيء، هذا الجمال وهذه الأناقة يناسبهما علم، يناسبهما كلام منضبط، لذلك: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلَا يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ )) [ أحمد ] وبعض العلماء، منهم الإمام الغزالي عدّ من آفات اللسان أكثر من عشرين آفة، وعلماء آخرون منهم الشيخ عبد الغني النابلسي عدّ آلاف أمراض اللسان، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:
(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ )) [ الترمذي ] والكلمة الطيبة صدقة، وقد ترقى بكلمة رقياً لا يعلمه إلا الله، كلمة تواضع، كلمة مؤانسة، كلمة اعتراف بالحق، هذا كله في ميزان حسنات الإنسان.
من الأخلاق الجميلة: إذاً: ( الجميل ) مأخوذ الجمال، وهو الحُسن في الخَلق وفي الخُلق. 1 – الصبر الجميل: هنالك صبر جميل، قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ ( سورة المعارج ) هناك صبر مع الضيق، مع التوتر، كأن الإنسان مرجل يغلي، مع كلام قاسٍ، الأبواب تخبط، البلور يكسر، هذا ليس صبرا جميلا، يجب أن تصبر صبراً جميلاً:
﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ ( سورة المعارج ) 1 – الصفح الجميل: وهناك صفح جميل، أنا سامحتك، لا تنس أن كل خيرك من خيري، لا تسامحه. ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ ( سورة الحجر ) إذا سامحته انتهى كل شيء، لا تذكره بخطئه. مثلاً: أيهما أخطر ؛ أن يتآمر إنسان على إنسان فيضعه في السجن، أم يضعه في البئر ؟ البئر الموت فيه محقق، إخوة يوسف وضعوه في البئر، والموت محقق، أما امرأة العزيز فوضعته في السجن، ولما التقى يوسف بإخوته ماذا قال ؟ قال: ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾ ( سورة يوسف الآية: 100 ) ما ذكّرهم بجريمتهم، أما الخروج من البئر فنعمة أكبر، مع أن الموت في البئر محقق، وفي السجن غير محقق، فمن كماله ما ذكّرهم بجريمتهم:
﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾ ( سورة يوسف الآية: 100 ) إخواننا الكرام، إن قرأتم قصص الأنبياء فتخلَّقوا بأخلاقهم، الأنبياء مدارس، كل نبي له مدرسة، وعلى رأسهم سيد الخلق وحبيب الحق. إذاً: هناك صبر جميل، وصفح جميل، وفعل جميل، وعفو جميل، وعطاء جميل. أنا أتمنى على الإنسان إذا فعل خيراً أن ينساه، وإذا فُعل معه خير لا ينساه حتى الموت. أتمنى أنك إذا فعلت خيراً يجب أن تناساه وكأنك لم تفعله، أما إذا أسدي إليك معروف فينبغي ألا تنساه ما حييت. مراتب الجمال الربّاني: جمال الذات والصفات والأفعال والأسماء: الله عز وجل ( جميل )، قال: جماله على أربع مراتب، جمال الذات، وجمال الصفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء، أسماءه كلها حسنى: ﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ قطعاً، حتى لو توهمت أن الأسماء الحسنى منها المنتقم، لو تبحرت في معنى المنتقم لذابت نفسك تعظيماً لله، لو تبحرت في معنى المتكبر لذابت نفسك تعظيماً لله:
﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ فالله عز وجل جماله على أربع مراتب، جمال الذات، وجمال الصفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء، أسماءه كلها حسنة، وصفاته كلها صفات كمال، وأفعاله كلها حكمة.
لذلك لما قال بعض العلماء: " الشريعة عدل كلها، لأنها منهج الله، رحمة كلها حكمة كلها، مصلحة كلها، وأية قضية خرجت من الحكمة إلى خلافها، ومن العدل إلى الجور، ومن المصلحة إلى المفسدة، فليست من الشريعة، ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل ". حتى إن علماء العقيدة قالوا: " الحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع، الله عز وجل ذاته جميلة، وصفاته جميلة، وأفعاله جميلة، وأسماءه جميلة. لكن المشكلة أن جمال الذات لا يدركه أحد في الكون، لا يعرف الله إلا الله، جمال الذات، لا يدركه أحد في الكون ولا الأنبياء، لكن جمال الصفات تدل على جمال الذات، وجمال الصفات محجوبة بأفعاله، فأفعاله الجميلة تدل على جمال صفاته، وجمال صفاته تدل على جمال ذاته، وأنت ترى أفعاله، ترى الربيع، ترى العصفور، ترى الوردة، ترى الزهرة، ترى طفلا جميل الصورة، هذه كلها أفعاله.
أحيانا تأكل طعاما طيبا، مَن أودع في الطعام هذا الطعم ؟ أحيانا يهب نسيم عليل فتنتعش به، مَن ساق هذا النسيم ؟ أحيانا ترى مرجا أخضر، مَن أعطاه هذا اللون الجمال ؟ ترى السماء زرقاء، البحر صافيا، الجبال خضراء، الأطفال الذين وهبهم الله مسحة جمال، وهناك إنسان قد يفتن بابنه من جماله، هذه كلها أفعاله، أفعاله تشير إلى صفاته، وصفاته تشير إلى ذاته، جمال الذات لا يعلمه أحد في الكون حتى الأنبياء. لذلك قال بعض العارفين: " لا يعرف الله إلا الله "، حصراً. نحن مع جمال الأفعال نرى المطر تنعش الأرض، نرى النبع، الماء الزلال، نرى الفاكهة الجميلة، منظر الفاكهة جميل جمالا رائعا جداً، وأحيانًا يزينون بعض الغرف بصور الفاكهة، فاكهة جميلة، البساتين جميلة، الماء الرقراق جميل، يجب أن تخترق جمال الكون إلى جمال الخالق. آية خطيرة فافهم معناها: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً إخواننا الكرام: ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 165 ) من أجل امرأة عصى الله، ما الذي فتنه بها ؟ جمالها، من أجل المال عصى الله، ما الذي فتنه ؟ المال، فالمال يعطيك الجمال، يعطيك بيتا جميلا جداً واسعا، له إطلالة، يعطيك مركبة فارهة جداً، يدعك تختار أجمل زوجة. ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 165 ) لماذا هو في العذاب ؟ ما الذي أغواه وعصى به ربه ؟ الجمال، هذا الذي أغواه الجمال فعصى ربه من أجله. ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ﴾ ( سورة البقرة الآية: 165 )
هنا قوة الجمال.
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لمــــــا وليت عنا لغيرنا و لــــو سمعت أذناك حسن خطابنا خلـعت عنك ثياب العجب وجئتنا ولـــــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الـذي أضحى قتيلاً بحبنا ولـــــو نسمت من قربنا لك نسمة لــــمت غريباً واشتياقاً لقربنا و لـــــو لاح من أنوارنا لك لائح تركت جمـــيع الكائنات لأجلنا *** هؤلاء الذين أطاعوا الله هم الفائزون، عرفوا أن يختاروا الجمال المطلق، الجمال الأبدي. لابد أن تترك الجمالَ أو يتركك فانتبه: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ ( سورة الرحمن ) لو أحب الإنسان زوجته، لا بد من أن يتركها في الموت، أو أن تتركه إن ماتت قبله إلا أنك إذا أحببت الله فأنت معه إلى أبد الآبدين. منقول
بارك الله فيك اختي الطيبة على جمال موضوع وما ااجمل اسماء الله الحسنى ومعانيها وجمالها اثابك الله االاجر ونفع بك على انتقاءك الراقي وربي لا يحمنا تواجدك وعطائك المميز حفظك المولى وانعم عليك بالخير حيث انت