أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
كانت اللغة الإنجليزية في مدارسنا- وما زالت- مشكلة. مشكلة ذات جوانب متعددة فهي مشكلة من حيث توفر معلميها، ومشكلة من حيث نفرة كثير من الطلاب منها، ومشكلة من حيث حاجتها إلى معلمين ذوي قدرات تدريسية خاصة، ومشكلة من حيث توفر الوسائل المعينة على تدريسها، ومشكلة من حيث ضعف الطلاب فيها بل عجز كثيرين عن النجاح فيها مما جعلها من أكثر المواد الدراسية تسببا في تسرب الطلاب. وهذه المشكلة جرت مشكلة أخرى ذات علاقة، وهي أن كثيرا من الناس غير المتخصصين وغير ذوي الخبرة أخذوا يدلون بآرائهم ويحددون مكامن الخلل في تدريس اللغة الإنجليزية. وأحكام هذه الطائفة وآراؤها عادة تكون إلى العاطفة والرأي العابر السطحي أقرب منها إلى الحكم العلمي المبني على الدراسة العلمية.
ومن القضايا التي أثيرت مؤخرا قضية تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، أو في المرحلة العليا منها. وحسب علمي أنه ليس بين المنادين بذلك أحد من المختصين في مجال تدريس اللغات.
وحجج المنادين بذلك أن الطالب في المرحلة الابتدائية أقدر على تعلم اللغة من طالب المرحلة المتوسطة. ويستدلون على ذلك بإتقان الأطفال الذين يدرسون اللغة في المدارس خارج المملكة أكثر وأسرع من آبائهم. فيرون بناء على هذه المقدمة أن تدريسهم اللغة الأجنبية في المرحلة الابتدائية يسهل لهم تعلمها في المرحلة المتوسطة.
وهذا الرأي يبدو لأول وهلة وجيها، لكن عند التدقيق والتحقيق العلمى والنظر إلى الأمور بمنظار شمولي يتبين عكس ذلك تماما، وذلك من عدة وجوه:
أولا: الثابت علميا أن " المتعلمين الأكبر سنا أفضل من حيث معدل سرعة تعلم اللغة الثانية وتحصيلها النهائى، لكن الأطفال الصغار يتفوقون فقط في نمو النظام الصوتي، إلا أن الدليل على ذلك ليس حاحما."[1]
فبهذا يتبين أن ما يشاع حول تفوق الأطفال في تعلم اللغة غير صحيح علميا. وإنما تفوقهم يكون في الجانب الصوتي أي صحة النطق، وهذا أيضا ليس على إطلاقه إذ أنه مشروط بكون الدراسة تتم في بيئة لغة أصلية بحيث أن الطفل يستمع إلى اللغة من متحدثها الأصلى ويمارسها معه. وهذا بالتأكيد لا يمكن في جو الفصل الدراسى المعتاد.
"إن الشىء الذي تدل البحوث العلمية عليه، أن المراهقة المبكرة هى أفضل عمر لتعلم اللغة الثانية، سواء من حيث سرعة التعلم أو التحصيل النهائي. والدليل الدامغ على ذلك بالتحديد هو نتيجة البحث الذي وجد أن الأطفال الكنديين المتحدثين باللغة الإنجليزية الذين كانت أعمارهم بين 12 و 13 سنة وكانوا في برامج انغماسية (immersion programs) متقدمة في تعلم اللغة الفرنسية أجادوا تعلم تلك اللغة بالمستوى نفسه الذي كان عليه أقرانهم الذين كانت لهم الخلفية اللغوية نفسها والذين كانوا أيضا في برامج انغماسية مبكرة في تعلم الفرنسية، حيث كانت تبدأ تلك البرامج في مرحلة الحضانة، ويتعرضون فيها للغة الفرنسية ضعف عدد الساعات الذي تعرض له الأطفال السابقون الذين كانوا في البرامج المتقدمة.”[2]
بل إن هكتر هامرلي عد الاعتقاد بأن الأطفال أكثر قدرة على تعلم اللغة من الكبار من الخرافات! حيث يقول:
"يمكننا القول بأن الفشل اللغوي لمذهب الانغماس يعود بشكل رئيسى إلى حقيقة أن مفهومه في تعلم اللغة يستند إلى خمس خرافات. إن الاعتقاد بهذه الخرافات، لسوء الحظ، ليس مقتصرا على الإنسان العادي، بل إن كثيرا من المحسوبين على العلم قد عملوا هذه الخرافات بدلا من طرحها وتسفيهها، وهذه الخرافات هي:
ا- في تعلم اللغة الثانية، كلما كان الدارس أصغر سنا كان أفضل أداء، أو الأطفال أكثر قدرة على تعلم اللغة الثانية من الكبار.
إن هذا الاعتقاد الشائع مبني على ملاحظات خاطئة. من ذلك ما يلاحظ عندما هاجر عائلة إلى مجتمع جديد من أن أطفال تلك العائلة يستطيعون بعد أسابيع قليلة أن يتحدثوا تلك اللغة الأجنبية بصورة جيدة بينما آباؤهم يعانون كثيرا في أداء القليل من الحديث، فيستنتج من ذلك أن الأطفال أقدر في تعلم اللغة الثانية من الكبار. لكن السبب في ذلك يعود إلى الفرصة المتاحة لكل من الأطفال والكبار فالأطفال يتمكنون عادة من التفاعل اللغوي مع أقرانهم من أبناء اللغة الأجنبية تفاعلا مكثفا لساعات عديدة يوميا، أما آباؤهم فلا تتاح لهم فرصة التفاعل مع أهل اللغة إلا بصورة محدودة جدا ربما لا تزيد عن ساعة واحدة في اليوم. ليس ض!ك ما يمنع ال!ر من أن يكتسبوا اللغة الثانية بنفس المستوى أو أفضل من اكتساب الأطفال لها لو أن الفرص المتاحة للتفاعل مع أهل اللغة اك نية كانت هتساوية للطرفين.
إن مسألة تفوق الكبار في التعليم على الصغار في جميع المجالات تقريبا (باستثناء الذاكرة الحركية (motor memory) هى مسألة معروفة منذ ما يقارب الستين عاما ..."[3]
ثم يقرر أنه " في حال تعلم اللغة الرسمي formal فالراجح أن الراشدين يفوقون الأطفال كل الوجوه ما عدا النطق والتنغيم( pronunciation and intonation) (وإن كنت أرى أن حئ هذا الجانجا يمكن تفاديه لأنه، في نظري، يعود إلى الضعف الفاضح في تدريس الأصوات، فأنا بصفتي ناطقا أصليا بالأسبانية وبعد تدريب دقيق وكامل في الأصوات أؤكد أن العديد من طلابي الراشدين تمكنوا من إتقان النطق والتنغيم لدرجة تماثل الناطقين
الأصليين للغة الأسبانية."[4]
ويؤكد هذه الحقيقة خبير من خبراء اللغة في أمريكا، وهو الدكتور هـ. دوجلاس براون، حيث يقول في كتابه مبادئ تعلم وتعليم اللغة: " الأمر الذي نعرفه حق المعرفة هو أن الأطفال والكبار على حد سواء يبدو أن لديهم المقدرة على اكتساب اللغة الثانية في أي عمر."[5]
إذا- وبشكل علمى- فالحجة الرئيسية لأصحاب هذا الرأ!ا غير صحيحة. بل إن الواقع المشاهد في المدارس الأهلية التي طبقت هذه الفكرة- تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية- لا يؤيد ذلك الرأي. مع أنه لابد من ملاحظة مهمة وهى أن بعض الناس يحكم في هذه القضية من واقع حالات فردية، فعندما يرى تفوق طالب في اللغة الإنجليزية وهو في المرحلة الابتدائية أو بعد أن ينتقل إلى المرحلة المتوسطة- خاصة الصف الأول متوسط- يعزو هذا التفوق للدراسة في المرحلة الابتدائية، مع أنه غالبا ما يكون سبب التفوق أمور أخرى، فإما أن يكون والد ذلك الطالب ممن درس في الخارج أو يكثرون السفر للخارج أو قد يكون في المترل من يتحدث الإنجليزية، كالخادمة أو السائق.
ثانيا: الذي ينادي بتدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية لم ينظر في العبء الاقتصادي الذي ستتحمله الوزارة في مقابل عمل ليس له كبير جدوى. فالمعروف الآن أن هناك عجزا كبيرا يؤرق الوزارة من معلمى اللغة الإنجليزية الوطنيين. فإقرار اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية يجعل العبء مضاعفا بالنظر إلى أن عدد المدارس الابتدائية يزيد بكثير على المدارس المتوسطة والثانوية.
فعدد المدارس الابتدائية في المملكة لعام 1418/1417 هـ 5659 مدرسة، وعدد الفصول 54334 فصلا. فلو حسبنا لكل فصل حصتان فقط يصبح لدينا حاجة إلى 4528 معلم لغة إنجليزية، هذا على افتراض إكمال كل معلم لنصابه 24 حصة. ويضاف إلى هذا العبء ما يتبع ذلك من زيادة عدد المشرفين التربويين، وتوفير الكتب الدراسية والوسائل التعليمية.
ثالثا: يشتكى كثير من الناس من كثرة المواد على طالب الابتدائي، وأن الطالب يحمل أعباء كثيرة من الواجبات، فكيف إذا أضيفت إلى ذلك اللغة الإنجليزية التي تحتاج إلى جد وعمل وممارسة. والغريب أن أكثر من بنادي بتدريس اللغة الإنجليزية في الابتدائى هم الذين ينادون بتخفيفص العبء عن طالب المرحلة الابتدائية!
رابعا: الثابت علميا من خلال بحوث ميدانية أجريت في المملكة أن اللغة الإنجليزية من أكثر المواد تسببا في تسرب الطلاب من المرحلة المتوسطة، وهذا شىء مشاهد لكل من مارس التدريس. فإقرار تدريسها في المرحلة الابتدائية قد يوجد هذه المشكلة في المرحلة الابتدائية أيضا، فتكون كارثة حينئذ.
خامسا: يجب ألا نغفل الأثر الثقافي والفكري في تدريس اللغة الأجنبية لصغار العسن، خاصة لغة لها وهجها الفكري والثقافي والإعلامى الكبير كالإنجليزية، وكذلك ما يقال من أتر ذلك على اللغة الأم. فكما هو معروف أن اللغة لا يمكن فصلها عن ثقافتها وفكرها.
سادسا: لا توجد- حقيقة- حاجة تدعو إلى تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة لابتدائية!
سابعا: أقترح لحل مشكلة تدريس اللغة الإنجليزية من جميع جوانبها أن يكون تدريمسها في المرحلة الثانوية فقط، بحيث تكون بشكل مكثف، فتكون ست حصمى في الأسبوع، . بمعدل حصة كل يوم، وحصة إضافية في أحد الأيام تخصص للممارسة فقط،. بمعنى أن يخرج الطلاب في هذه الحصة للمواقع التي يستطيعون فيها ممارسة اللغة ممارسة فعلية سواء في داخل المدرسة أو خارجها.
وبهذا نحقق عدة أمور:
1- التخفيفص عن طلاب المرحلة المتوسطة.
2- التقليل من التسرب في هذه المرحلة، خاصة وأن الطلاب فيها لا يعرفون قيمة هذه اللغة فلذلك لا تكون عندهم دافيعة لتعلمها. وضعف الدافعية، أو فقدها هو- في نظري - السبب الأساس في ضعف الطلاب في اللغة الإنجليزية.
3- توفر العدد الكافي من المعلمين.
4- إقبال طلاب الثانوية على تعلمها حيث أنها تعتبر جديدة عليهم، ومع ذلك يحسون بأهميتها، خاصة من كان توجهه علميا، ولم تتكون عندهم بعد "العقدة" منها التي غالبا تنشأ في المرحلة المتوسطة.
ويمكن في هذه الحالة تكثيف المنهج للتخصصات التي تتطلب إجادة اللغة الإنجليزية عند التخرج من الثانوي، وتخفيفه لما سواها. وأعتقد أن ثلاث سنوات من الدراسة شبه المكثفة للغة الإنجليزية كافية لجعل الطالب يجيد هذه اللغة، إذا توفر لديه الدافع لذلك.[6]
هذا، والموضوع يحتاج إلى بحث وتأمل، والتسرع فيه قد تكون له عواقب وخيمة ليس على فرد أو مجموعة أفراد، بل على مستقبل أمة بأسرها.
يا قارىء خطى لا تبكى على موتى .. فاليوم أنا معك وغدا فى التراب فإن عشت فإنى معك وإن مت فتبقى للذكرى .. ويا مارا على قبرى لا تعجب من أمرى .. بالأمس كنت معك وغدا أنت معى .. أموت ويبقى كل ما كتبته ذكرى .. فيا ليت كل من قرأ خطى دعا لى