أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
هل تأملت النحل وأحواله وأعماله وما فيها من العبر والآيات الباهرات ، ألم ترى أقراص شمعها السداسية في دقتها الحسابية وإتقان بنائها وإحكام صنعها ، الذي أدهش وما زال يدهش علماء النحل والحساب ، ماهي آلات الحساب والمقاييس التي سمحت لهذا المخلوق بالوصول إلى هذا العمل الهندسي الدقيق ، هل هذا بواسطة قرنين استشعار والفكين الذين يدعي علماء الأحياء أن الطبيعة زودتها بهما ، سبحان الله ، وتبارك الله ، عجيب وغريب منطق هؤلاء ، يتسترون وراء كلمات جوفاء كالطبيعة والتطور والصدفة ، كلما وقفوا أمام بديع صنع الله وإعجازه في الخلق فأنى يؤفكون وجحدوا بها واستيقنتها أفتستر الشمس المضيئة بالسها *** أم هل يقاس البحر بالخلجان سبحان الله ، لله في كل شيءٍ آية ، وتعمى عنها عيون أو تتعامى ، فقل للعيون الرمد إياكي أن تري *** سنا الشمس واستغشي ظلام اللياليا خفافيش أغشاها النهار بضو *** ئه ولائمها قِطْعٌ من الليل باديا فجالت وصالت فيه حتى إذا *** النهار بدا استخفت وأعطت تواريا فيا محنة الحسناء تُهْدى *** إلى امرئٍ ضريرٍ وعِنِّين من الورد خاليا النحل مأمور بالأكل من كل الثمرات خلافاً لكثير من الحشرات التي تعيش على نوع معين من الغذاء ، وتعجب أنها لا تأكل من التبغ فلا تأكل إلا الطيبات فهل يعتبر بذلك أهل الغفلات ، زودها الله بقرنين استشعار وجعل فيهم شعيرات عصبية دقيقة يصل عددها إلى ثلاثين ألفاً تشكل حاسة الشم والسمع واللمس ، وتعمل كالكشاف في ظلام الخلية ، فسبحان من وهبها ذاك وبه زودها ، للنحلة عيون كثيرة ، في حافتي الرأس عينان ، وعينان أخريان في أعلى الرأس وتحتهما عين ثالثة ، مما جعل لها سعة أفق في النظر ، فالنحلة ترى أقصى اليمين وأقصى الشمال والبعيد والقريب في وقت واحد ، علماً بأن عيونها لا تتحرك ، ولذا فالنحل يعيش في أماكن يعيش فيها السحاب معظم شهور السنة مع أن رؤية الشمس كما هو معلوم ضرورية لمعرفة مكان الحقول التي فيها غذاء النحل ، وهنا تكمن الحكمة في قوة رؤية النحل ، فبإمكانها رؤية الشمس من خلال السحب ، كل ذلك لئلا يموت جوعاً في حالة اختفاء الشمس خلف الغمام ، كما هو في بعض البلدان ، إنها لحقيقة مذهلة ، تدل على حكمة الله ، وقدرة الله ، ووحدانية الله ، وكمال تدبيره فتبارك الله أحسن الخالقين ، أما فم النحلة فمن أعاجيب خلق الله في خلقه ، إذ هو مزود بما يمكنه من أداء جميع الوظائف الحيوية فهو يقضم ويلحس ، ويمضغ ويمتص ، وهو مع هذا شديد الحساسية لما هو حلو الطعم طبيعياً ، ولا يتحرج من المواد المرة ، إذ يحولها إلى حلوة بإذن ربه الذي ألهمه فسبحانه وبحمده لا شريك له ، أما سمع النحل فدقيق جداً ، يتأثر بأصوات وذبذبات لا تستطيع أن تنقلها أذن الإنسان ، فسبحان من زوده بها ، وتحمل مع ذلك النحلة ضعفي وزنها ، وبسرعة أربعمائة خفقة جناح في الثانية الواحدة ، فسبحان الله ، سبحان من خلق فسوى وقدر فهدى ، عُبِدَ وَوُحِّدَ وصُلِّيَ له وسُجِدَ له ، هناك من النحل مرشدات ، عندما تجد مصدراً للغذاء تفرز عليه مادة ترشد إليه بقية الجانيات للرحيق ، وعندما ينضب وينتهي الرحيق تفرز عليه المرشدات مواد منفرة منه ، حتى لا يضيع الوقت في البحث فيه ، ثم تنتقل إلى مصدر آخر ، من علمها وأرشدها؟ إنه الله ، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها فلا إله إلا هو ، تستطيع العاملة خارج الخلية الرجوع إلى خليتها والتعرف عليها من بين عشرات الخلايا ، بلا عناء ولا تعب ، ولو ابتعدت عنها آلاف الأميال ، ولذا يقول أحد علماء الأحياء الكفار ، وقد رصد النحل بمناظيره فترة طويلة ، يقول: يا عجباً لها تنطلق آلاف الأميال من شجرة إلى ثمرة إلى زهرة ، ثم تعود ولا تخطئ طريقها ، ربما أن لها ذبذبات مع الخلية ، أو أنها تحمل لاسلكياً يربطها بالخلية ، ربما ، ربما ، ثم يقف حائراً بليداً تائهاً ، أما نحن فلا ، إنا نوقن أن الله ألهمها ذلك ، وأوحى إليها ، وعندنا سورة في كتاب الله تسمى سورة النحل ، (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) ، تأمل قدرة الله بخلقه يوم جعل من النحل حراساً للخلية يستطيعون أن يميزوا كل غريب ودخيل عليهم من النحل ، فيطرحوه خارجاً أو يقتلوه ، علماً أن تعداد الخلية يصل إلى ثمانين ألف نحلة أو أكثر فسبحان من ألهمه ، سبحان من ألهمه معرفة صاحبه من غيره ، سبحان ربك رب العِزِّ مِنْ مَلِكٍ ، من اهتدى بهدى رب العباد هُدِي ، الكل في النحل يعمل في الخلية لأجل الكل ، لا حياة لفرد عند النحل بدون جماعة ، ولذلك أذهل ذلك علماء النحل (صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون) والنحل من ألطف الحيوان وأنقاه وأنظفه ، ولذلك لا تلقي مخلفاتها في خليتها ، بل تطير ثم تلقيها بعيداً عنها ، وتأبى النتن والروائح الكريهة ، تأبى القذارة ، ولذلك إذا رجعت إلى الخلية بالعشية ، وقف على باب الخلية بواب منها ، ومعه أعوان كثر ، وكل نحلة تريد الدخول يشمها البواب ويتفقدها فإن وجد فيها رائحة منكرة ، أو رأى بها قَذَراً منعها من الدخول وعزلها إلى أن يدخل النحل كله ، ثم يرجع إلى الممنوعات المعزولات فيتبين ويتثبت ، ويتفقدها مرة أخرى ، فمن وجدها وقعت على شيء نجس أو منتن ، قدها وقطعها نصفين ومن كانت جنايتها خفيفة ، بها رائحة وليس عليها قَذَر ، تركها خارج الخلية حتى يزول ما بها ثم يسمح لها بالدخول ، وهذا دأب وطريقة البواب كل يوم في كل عشية ، فتبارك الذي هداها أن تسلك سبل مراعيها ، لا تضل عنها تسيح سهلاً وجبلاً خماصاً ، فتأكل من على رؤوس الأشجار والأزهار ، فتجني أطيب ما فيها ثم تعود إلى بيوتها بطاناً ، فتصب فيها شراباً مختلفاً ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية ، أما ملكتها أو ملكها فلا يكثر الخروج ، بل لا يخرج إلا نادراً ، إذا اشتهى التنزه خرج بحاشيته وخدمه ليطوف المروج والبساتين والرياض ساعة بالنهار ثم يعود إلى خليته ، ومن عجيب أمره أنه إذا لحقه أذى من صاحب الخلية غضب وغضبه يعرفه أصحاب النحل ، ثم يخرج من الخلية ، فيتبعه جميع النحل حتى تبقى الخلية خالية ، يذهب حتى يحط رحاله على رؤوس الشجر المرتفع ، ويجتمع عليه النحل كله حتى يصير كالعنقود ، عندها يضطر صاحب الخلية إلى الاحتيال عليه لاسترجاعه وطلب مرضاته ، فيأخذ عصاً طويلة ويضع عليها حزمة من نبات طيب الرائحة ، ويدنيه من هذا الكبير لها ، من ملكها على الشجرة فلا يزال يحركه ويستجديه ويستعطفه إلى أن يرضى ، فينزل على حزمة النبات الطيب الرائحة ، فيحمله صاحب الخلية إلى الخلية ، فينزل ويدخلها مع جنوده ، ثم يتبعه جميع النحل عائداً إلى الخلية ، تأمل نتاجها تجد عجبا ، تنطلق إلى البساتين ، فتأخذ تلك الأجزاء الصافية من على ورق الزهر والورد ، فتمصه لتكون مادة العسل ، ثم تكبس الأجزاء المنعقدة على وجه الورقة وتعقدها على رجلها ثم تذهب لتملأ بها المسدسات الفارغة ، ثم يقوم يعثوبها على بيته فينفخ فيه ، ثم يطوف على تلك البيوت بيتاً بيتاً وينفخ فيها كلها فتدب فيها الحياة بأمر الله بعد حين فتخرج طيوراً صغاراً ، نحلاً صغاراً بإذن الله ، وتلك آية قلما يتفطن الخلق لها كما قال ابن القيم رحمه الله ، كل هذا من ثمرة الوحي الإلهي ، تبارك الله وجل الله أعظم ما فاهت به الأفواه ، سبحان من ذلت له الأشراف ، أَكْرَمُ مَنْ يُرْجَى ومن يُخَاف ، جعل الله لكل مخلوق قوة وقدرة يدافع بها عن نفسه ، ومن تلك المخلوقات النحل ، كيف يدافع عن نفسه وعن نتاجه ، يذكر أن ألد أعداء النحل هو الفأر ، يهاجم الخلية فيأكل العسل ويلوث أجواء الخلية ، فماذا تفعل تلك النحلة الصغيرة أمام هذا الفأر الذي هو لها كجبل عظيم ، إنها تطلق عليه مجموعة من العاملات فتلدغه حتى يموت ، كيف تخرجه ، إن بقي أفسد العسل ، ولوث أجواء الخلية ، ولو اجتمع نحل الدنيا كله لإخراجه ما استطاع ، فماذا يفعل ، جعل الله عز وجل له مادة شمعية يفرزها ويغلف بها ذلك الفأر فلا ينتن ولا يتغير ولو بقي ألف عام ، حتى يأتي صاحب الخلية فيخرجه ، فسبحان من قدر فهدى وخلق فسوى ، إن في ذلك لآية ، وكم لله من آية مما يبصره العباد وما لا يبصرونه ، وتفنى الأعمار دون الإحاطة بجميع تفاصيلها ، ولكن أكثر الناس لا يفقهون ، أإله مع الله قليلاً ما تشكرون ، ومن عجائب النبات ، ما ذكره صاحب كتاب نوادر الكتب من أن شجرة غريبة في جنوب الصين ، تكون أوراقها في الأحوال الجوية العادية خضراء كأوراق الأشجار ، وقبل حدوث الفيضانات أو هطول الأمطار تتغير فتصبح حمراء ، فأصبحت عند سكان تلك المنطقة كمراقبة للأحوال الجوية ، وبلا تعليق إنها بلسان حالها تقول (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ، عجباً ، عجباً ، عجب ، لا ينقضي العجب ولو كنا في شهر رجب ، كل الكون بكائناته يوحد ويسلم ويستسلم وينقاد لله رب العالمين ثم يبقى هذا الإنسان في هذا الكون ، إنه لظلوم مبين ، أفغير دين الله يبغون ، وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون ، الكون كله بكائناته يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وتدهش وتعجب لكثير من الإنس والجن يوم تعمى أبصارهم عن الحق فيكذبون بالرسالة والرسول صلوات الله وسلامه عليه ، في قمة بلاهة وبلادة ، فهم نشاز في هذا الكون ، ثبت في الصحيحة عن جابر رضي الله عنه قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دفعنا إلى حائط في بني النجار ، فإذا فيه جَمَل لا يدخل الحائط أحد إلا شد عليه ، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فجاء واضعاً مشفره على الأرض حتى برك بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال هاتوا خطاماً فخطمه ودفعه إلى صاحبه ، ثم التفت فقال ، واسمعوا إلى ما قال صلوات الله وسلامه عليه قال: "إنه ليس شيء بين السماء والأرض إلا ويعلم أني رسول الله إلا عاصي الجن والإنس" ، فسبحان من هدى هذه الكائنات للإيمان يوم ضل بعض بني الإنسان والجان ، لا إله إلا الله ، كم من مركوب هو خير من راكبه ، يا قوم هذا صراط الله فاتبعوا لا تسلكوا سبلاً تفضي إلى النار ، الكون بكائناته جميعاً يسبح الله ويثني على الله ، ويمجد الله تسبحاً وثناءً لا نفهمه ، الله سبحانه وتعالى يعلمه ، تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ، وإن من شيءٍ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ، سبحت الكائنات بحمده فملأ الكون تحميده ، سبحه النبات جمعه وفريده ، والشجر عتيقه وجديده ، أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ، سبحته الحيتان في البحار الزاخرات ، سبحته الوحوش في الفلاوات ، تسبحه نغمات الطيور ، يسبحه الظل تحت الشجر ، يسبحه النبع بين المروج ، يسبحه النَور بين الغصون ، وسحر المساء وضوء القمر ، فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ، في الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما تستقل الشمس ، فيبقى شيء من خلق الله إلا سبح الله بحمده ، إلا ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدم ،وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غباء وأي غباء أن يسخر الله لك كل ما حولك بمنه وكرمه ، ثم يسبحه كل مسخر لك وأنت غافل غبي أخرس أحمق سل الواحة الخضراء والماء جاريا *** وهذه الصحاري والجبال الرواسي سل الروض مزداناً سل الزهر والندى *** سل الليل والإصباح والطير شاديا وسل هذه الأنسام والأرض والسما *** وسل كل شيءٍ تسمع الحمد ساريا فلو جم هذا الليل وامتد سرمداً *** فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا
سبحان الله وبحمده ، وسبحان الله العظيم ، ليس شيءٍ إلا وهو أضرع لله من بني آدم ، الكون كله بكائناته يسجد لله ويخضع ويذل وتبقى فئة من الناس صادةٌ نادةٌ نشازٌ في هذا الكون لا تستحق الحياة ، فانظر إلى تلك الحشود كما يقول [سَيِّدْ] رحمه الله :حشد من الخلائق مما يدرك الإنسان ومما لا يدرك ، وحشد من الأفلاك مما يعلم الإنسان ومما لا يعلم ، حشد من الملائكة ، حشد من الجبال والشجر والدواب ، حشد من خلق الله كلها في موكب خاشع ذليل تسجد لله وتتجه إليه لا إلى سواه في تناسق ونظام عجيب إلا هذا الإنسان يتفرق فجزء منه يتنكب الموكب نشاز لا يستحق الحياة ، ألم ترى أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ، وكثير حق عليه العذاب (ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء) ، فانظر إلى قهره وانظر إلى ذل خلقه ، كل ما في الكون يأتي خاضعاً ذليلاً ساجداً لله يدين له النجم في أفقه ، يدين له الفلك لدائر ، يدين له الفرخ في عشه ، ونسر السما الجارح الكاسر ، تدين البحار وحيتانها وماء سحاباتها القاطر، تدين له الأُسْدُ في غابها وظبي الفلا الشارد النافر ، يدين له *** في سعيه ، يدين له الزاحف والناشر ، تدين النجاد ، تدين الوهاد ، يدين له البَرُّ والفاجر ، يدين الجلي ، يدين الخفي ، يدين له الجهر والخاطر ، تدين الحياة ، يدين الوجود ، يدين المقدر والحاضر ، وكل العباد إليه رجوع وفوق العباد هو القاهر ، الشجر والحجر والمدر ، يلبي ويوحد الله مع الحاج الملبي ، ثبت في الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما من ملبٍ يلبي إلا لبى مع عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر ، حتى تنقطع الأرض منها هنا ومنها هنا ، تفاعل الكون كله مع توحيد الله عز وجل، كل كنى عن شوقه بلغاته ، ولربما أبكى الفصيح الأعجم ، بل إن الشجر ليشهد ألا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى الدارمي بإسنادٍ صحيح كما قال صاحب المشكاة ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فأقبل أعرابيٌ فلما دنا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، قال ومن يشهد على ما تقول ، قال هذه السلمة ـ حِجرة السلمة ـ فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في شاطئ الوادي فأقبلت تهز الأرض حتى قامت بين يديه ، فاستشهدها صلى الله عليه وسلم فشهدت ثلاثاً ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، ثم رجعت إلى منبتها ، إن في ذلك لآية ، وروى الترمذي أيضاً كما في الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد بما أعرف أنك نبي ، بما أعرف أنك نبي ، قال صلى الله عليه وسلم إن دعوت هذا العذق شهد أني رسول الله ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينزل العذق من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، م شهد ثم قال صلى الله عليه وسلم له ارجع ، فرجع إلى مكانه ، فقال الأعرابي وأنا أشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله ، ودخل في دين الله "، ألم يمر بذهنك وأنت تعلم عبودية الشجر لله ما روى البخاري عن[ سهل بن سعد] ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها ، فاشتاقت نفسك لظل هذه الشجرة فأحسنت التعامل مع الله لتكون من أهلها بإذن الله ، وأرجو الله أن نكون جميعاً من أهلها ، الجبال والحجارة تخشى الله ، فأين الخشية والخوف من الله ، وإن منها لما يهبط من خشية الله (لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ) ، يا عجباً من مضغة لحمٍ أقسى من هذه الجبال ، تسمع آيات الله تتلى فلا تلين ولا تخشع ، من حكمة الله أن جعل لها ناراً إذا لم تلن بذكره ومواعظه فبها تلين ، فمن لم يلن قلبه في هذه الدار ولم يتب إلى الله ويخشه فليتمتع قليلاً ، فإن المرد إلى عالم الغيب والشهادة ، فنشكو إلى الله القلوب التي قست وران عليها كسب تلك المآثمِ ، من خشية المولى هوى الجبل الذي في الطور ، لانت قسوة الأحجار ، أو لم يئن وقت الخشوع فلا تغرن الحياة سوى مغرار ، الطير تصلي صلاةً لا ركوع فيها ولا سجود ، الله يعلمها ونحن لا نعلمها (والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ، ما ميزان الصلاة عند الإنسان ، إنها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ختم بها حياته ، ومع ذلك فرط فيها من فرط ، وضاع فيها من ضاع ، وذل بتركها من ذل بعد العز ، {دعوة للتأمل للشيخ علي عبد الخالق القرني}