أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
من آيات القرآن الكريم في أحكام رمضان قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) . يرشد الله تعالى المؤمنين إلى الصيام لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة. والأخلاق الرذيلة. وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم فلهم فيه أسوة. وليجتهد هؤلاء في أداء الفرض أكمل مما فعله أولئك. والصيام في اللغة أصله الإمساك. وترك التنقل من حال إلى حال. ويقال للصمت صوم لأنه إمساك عن الكلام. ومنه : ( إني نذرت للرحمن صوماً) أي إمساكاً عن الكلام ومنه قول النابغة :
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وخيل تعلك اللجما
وفي الشرع : الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على وجه التعبد لله تعالى. قوله : ( لعلكم تتقون ) لأن الصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان. ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – : ( يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج زمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). قال ابن القيم رحمه الله : (( فالصوم لجام المتقين، وجنة المحاربين ، ورياضة الأبرار والمقربين، وهو لرب العالمين من سائر الأعمال، فإن الصائم لايفعل شيئاً وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها، إيثاراً لمحبة الله ورضاه)) أ هـ . قال تعالى : ( أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ) . فرض الصيام على مراحل: الأولى : فرض صيام يوم عاشوراء. الثانية : فرض صيام رمضان على التخيير بين الصيام والإطعام كما في الآية. الثالثة: فرض صيام رمضان على التعيين ، قال تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه). فقد بينت الآية حكم الصيام على ماكان عليه في ابتداء الإسلام، فالمريض والمسافر لايصومان في حال المرض والسفر لما في ذلك من المشقة عليهما بل يفطرات وتقضيان بعد ذلك من أيام أخر، وأما الصحيح المقيم الذي يطيق الصايم فقد كان مخيراً بين الصيام والإطعام عن كل يوم مسكيناً ، فإن أطعم أكثر من مسكين عن كل يوم فهو خير، وإن صام فهو أفضل من الإطعام. وقوله ( يطيقونه ) قرأ الجمهور بكسر الطاء وسكون الياء. وأصله يطوقونه، نقلت الكسر إلى الطاء وانقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها. وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما بفتح الطاء مخففة وتشديد الواو أي : يكلفونه. واختلف أهل العلم في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة. فذهب الجمهور إلى أنها منسوخة بقوله: ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) . وذهب بعض أهل العلم إلى أنها لم تنسخ وأنها رخصة للشيوخ ولاعجائز خاصة إذا كانوا لايطيقون الصوم إلا بمشقة وهذا يناسب قراءة التشديد. ومما يلتحق بهذا المعنى الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما أو نفسيهما وولديهما. كما قال ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية: (( كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً. والحبلى والمرض إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا)) رواه أبو داود والبيهقي. والحامل أو المرضع لها ثلاث حالات: الأولى : أن تخاف على نفسها، فيجوز لها الفطر ويجب عليها القضاء عند جمهور أهل العلم خلافاً لابن حزم. الثانية: أن تخاف على نفسه وولدها، فيجوز الفطر ويجب القضاء. الثالثة: أن تخاف على ولدها فقط، فيجوز الفطر ويجب القضاء. لكن اختلف أهل العلم هل تجب عليها فدية: فعند أبي حنيفة ورواية عن مالك لاتجب الفدية، ورجح هذا القول ابن عثيمين وبه أفتت اللجنة الدائمة. وعند الشافعية والحنابلة ورواية عن مالك تجب الفدية لقول ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم.
قال تعالى : ( شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون). يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم. و( رمضان ) مأخوذ من رمض الصائم يرفض إذا احترق جوفه من شدة العطش، والرمضاء ممدود: شدة الحر، يقال : إنهم لما نقولا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام الحر فسمي بذلك، وقيل : إنما سمي رمضان لأنه يرفض الذنوب أي يحرقها بالأعمال الصالحة. وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة قول ( رمضان ) بل يقال ( شهر رمضان ) كما في الآية، وهذا قول المالكية ووجه عند الحنابلة واستدلوا بحديث أبي هريرة مرفوعاً : (( لاتقولوا رمضان فإن رمضان اسم من اسماء الله ولكن قولوا شهر رمضان)) أخرجه البيهقي وابن عدي . وهو ضعيف. وقد جاء السنة بإطلاق ( رمضان ) لذا ذهب الحنابلة في الوجه الآخر إلى عدم الكراهة ورجح ذلك القرطبي في تفسيره، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً : (( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة )) ، وعند مسلم من حديث ابن عباس مرفوعاً : (( عمرة في رمضان تعدل حجة )). قوله ( الذي أنزل فيه القرآن ) نص في أن القرآن نزل في شهر رمضان وهو يبين قوله عز وجل : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) وقوله : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر) ، قال القرطبي رحمه الله : (( وفي هذا دليل على أن ليلة القدر إنما تكون في رمضان لافي غيره، ولاخلاف أن القرآن أنزل عن اللوح المحفوظ ليلة القدر على مابيناه جملة واحدة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا، ثم كان جبريل عليه السلام ينزل به نجماً نجماً في الأوامر والنواهي والأسباب ، وذلك في عشرين سنة )) . أهـ. قوله : ( هدى للناس ) : منتب على الحال أي هادياً لهم . وقوله : ( بينات من الهدى ) من عطف الخاص على العام إظهار لشرف المعطوف بإفراده بالذكر، لأن القرآن يشمل محكمه ومتشابهه، والبينا تختص بالمحكم منه. والفرقان مافرق بين الحق والباطل أي فصل. قوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) المعنى أنه إذا حضر الشهر من أوله إلى آخره، أما إذا حضر بعضه وسافر فإنه لايتحتم عليه إلا صوم ما حضره. قال ابن كثير – رحمه الله – : (( قد ذهب طائفة من السلف إلى أن من كان مقيماً في أول الشهر ثم سافر في أثنائه فليس له الفطر بعذر السفر والحالة هذه لقوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) وإنما يباح الإفطار لمسافر استهل الشهر وهو مسافر، وهذا القول غريب، نقله أبو محمد بن حزم في كتاب المحلى عن جماعة من الصحابة والتابعين وفيما حكاه عنهم نظر والله أعلم، فإنه قد ثبتت السنة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ((أنه خرج في شهر رمضان لغزو الفتح فسار حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأمر الناس بالفطر، أخرجه صاحب الصحيح )) أهـ . قوله : ( ومن كان مريضاً أو على سفر ) : قال الشوكاني : (( اختلف أهل العلم في السفر المبيح للإفطار، فقيل : مسافة قصر الصلاة ، والخلاف في قدرها معروف ، وبه قال الجمهور وقال غيرهم بمقادير لادليل عليها، والحق أنا ماصدق عليه مسى السفر فهو الذي يباح عنده الفطر ، وهكذا ماصدق عليه مسمى المرض فهو الذي يباح عند الفطر، وقد وقع الإجماع على الفطر في سفر الطاعةنواختلفوا في الأسفار المباحة والحق أن الرخصة ثابتة فيه، وكذا اختلفوا في سفر المعصية )) أ. هـ . فعند الشافعية والحنابلة وقول عند المالكية أنه لايترخص في سفر المعصية، وعند الحنفية واختاره شيخ الإسلام أنه يترخص في كل سفر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : (( والحجة مع من جعل القصر والفطر مشروعاً في جنس السفر ولم يخص سفراً من سفر، وهذا القول هو الصحيح، فإن الكتباوالسنة قد أطلقتا السفر، قال تعالى : ( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) كما قال في آية التيمم ( وإن كنتم مرضى أو على سفر ) )) أ. هـ . قوله : ( فعدة من أيام أخر ) في الكلام حذف، أي فمن كان منكم مريضاً أو مسافراً فأفطر فليقض. وهذا قول الجمهور أي أنه له الصوم في السفر للإقضاء وله الفطر مع القاضء. خلافاً لمن قال بوجوب الإفطار في السفر ثم القضاء آخذاً بالآية. ودلت الآية على وجوب القضاء من غير يقين لزمان، لأن اللفظ مسترسل على الأزمان لايختص ببعضها دون بعض، وعليه فلايجب القضاء في شوال، ولايجب التتابع في القضاء، وهذا قول الجمهور. قوله : ( يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر) : أي إنما أرخص لكم في الإفطار للمرض والسفر ونحوهما من الأعذار لإرادته بكم اليسر وإما أمركم بالقضاء ولتكملوا عدة شهركم. قوله : ( ولتكبروا الله على ماهداكم ) أي لتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم،كما قال تعالى: ( فإذاقضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً) وقال : ( فإذا قضيت لاصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون ) ولهذا جاءت السنة باستحباب التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات المكتوبات. وأخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية حتى ذهب داود الظاهري إلى وجوبه لظاهر الأمر. ( ولعلكم تشكرون ) : أي إذا قمتم بما أمركم الله من طاعته بأداء فرائضه وترك محارمه وحفظ حدوده فعلكم أن تكونا من الشاكرين بذلك.