أهلا وسهلا بك ضيفنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، وفي حال رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
يمكن لموجات الصدم الآتية من الشمس أن تستثير اضطرابات حادة في الفضاء المحيط بالأرض، وهذا يعرِّض للخطر السواتل ورواد الفضاء الدائرين في أفلاكها وتوجد حاليا مَرْكَبَة فضائية جديدة تُظهر كيفية نشوء العواصف الفضائية وتطورها.
بدأت العاصفة في يوم معروف بعنف أحداثه: إنه يوم الباستيل، يوم الذكرى السنوية لبدء الثورة الفرنسية ففي صباح يوم4/7/2000 رصد مركز بيئة الفضاء Space Environment Center، في پولدر بكولورادو، إشارة تحذيرية من الساتل GOES-8 الذي يرصد الأشعة السينية الصادرة عن الشمس وكذلك الأحوال الجوية على الأرض وفي الساعة 10:03 بالتوقيت العالمي رأى الراصدون الجويون في المركز قفزة حادة في شدة الأشعة السينية المنبثقة من المنطقة النشيطة 9077 وهي جزء من سطح الشمس كان مضطربا طوال الأسبوع السابق وقد أشارت البيانات إلى بداية ألسنة لهب شمسية، أي دفقا قصير الأمد ولكن قويا، من الإشعاعات الشمسية. إن ألسنة اللهب هذه التي بلغت شدتها العظمى في الساعة 10:24 بالتوقيت العالمي، شوهدت أيضا في مرصد الشمس وغلافها (الذي يرمز إليه اختصارا بكلمة سوهو SOHO) وهو مركبة فضائية تقع بين الأرض والشمس على بعد نحو 1.5 مليون كيلومتر عن كوكبنا وبعد نصف ساعة ومع فتور ألسنة اللهب رصد سوهو حدثا أكثر شؤما إنه سحابة براقة متمددة كانت تحيط بالشمس على شكل هالة في حالة قذف لمادة إكليلية (CME) أي ثوران في الإكليل ـ وهو الجو الخارجي للشمس ـ يقذف بلايين الأطنان من الجسيمات المشحونة كهربائيا إلى الفضاء بين الكوكبي وكان شكل الهالة يعني أن هذه الجسيمات كانت تتجه مباشرة نحو الأرض بسرعة قدرها 1700 كيلومتر في الثانية.
ومع اختراق المادة الإكليلية المقذوفة للريح الشمسية ـ وهي تدفق من الغازات المؤينة التي تندفع إلينا باستمرار من الشمس ـ تولدت موجة صدم أدت إلى تسريع بعض الجسيمات المشحونة إلى سرعات أعلى وفي أقل من ساعة ضرب سوهو طوفان من الپروتونات العالية الطاقة عطّل معداته مؤقتا وقد أدى القصف إلى حدوث أضرار في الصفيفات الشمسية للمركبة الفضائية مسببة خلال 24 ساعة فقط من هذه الأضرار ما يحدث عادة خلال سنة كاملة لكن هذا السيل من الجسيمات لم يكن سوى الطرف المتقدم من العاصفة فموجة الصدم المدفوعة بالمادة الإكليلية المقذوفة وصلت في اليوم التالي ضاربة بعنف حقل الأرض المغنطيسي في الساعة 14:37 بالتوقيت العالمي وكان هذا الصدم إشارة إلى بداية عاصفة أرضية مغنطيسية geomagnetic هوجاء، أطلق العنان لها، بعد بضع ساعات، وصول المادة الإكليلية المقذوفة نفسها. وطبقا لمؤشر نشاط الأرض المغنطيسي الذي يستعمله مركز بيئة الفضاء فإن عاصفة يوم الباستيل كانت الأعظم منذ عقد من الزمن تقريبا.
كان معظم الناس على الأرض غافلين تماما عن هذه الألعاب النارية السماوية لكن الباحثين كانوا يتابعون العاصفة عن قرب ويجمعون البيانات (المعطيات) من المعدات الموجودة على الأرض وفي الفضاء ومن بين السواتل التي كانت تلاحق مسار العاصفة كان الساتل الذي أُطلق عليه اسم إيميج Imager for Magnetopause-to- Aurora Global Exploration IMAGE «مصور الاستكشاف العالمي من حد التوقف المغنطيسي ـ إلى الشفق القطبي»، والذي أطلقته وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) NASA في ربيع عام 2000. إن إيميج هو أول ساتل مخصص للحصول على صور لغلاف الأرض المغنطيسي أي تلك المنطقة من الفضاء المحمية بحقل الأرض المغنطيسي وبتوفيره الصور الشاملة لنشاط غلاف الأرض المغنطيسي يقدّم هذا الساتل للفضاء ما قدمته سواتل الطقس الأولى التي أُطلقت لرصد جو الأرض.
في عام 1996 تم اختياري من قِبَلِ ناسا لقيادة فريق من المهندسين والعلماء لإنشاء مركبة الفضاء إيميج وتحليل البيانات التي تبثها ومع تطور عاصفة يوم الباستيل تسلّمنا صورا مذهلة للأيونات التي تدور حول الأرض وصورا للشفق القطبي المتلألئ ـ الأضواء الشمالية ـ التي حدثت عندما صدمت الجسيمات المشحونة الغلاف الجوي العلوي. وستساعد النتائج العلماء على الإجابة عن السؤالين القديمين المتعلقين بكيفية قذف المادة الإكليلية وكيفية تفاعل الريح الشمسية مع غلاف الأرض المغنطيسي كذلك فقد يكون للنتائج تطبيقات عملية فالعواصف الفضائية يمكنها تعطيل السواتل وتهديد سلامة رواد الفضاء بل قد تستطيع أن تضرب شبكات الطاقة على الأرض وبالفعل فإن عاصفة يوم الباستيل تسببت في خسارة الساتل المتقدم لعلم الكون والفيزياء الفلكية Advanced Satellite for Cosmology and Astrophysics وهو مرصد للأشعة السينية أطلقته وكالة أبحاث الفضاء اليابانية عام 1993وأملا بالتخفيف من هذه الآثار في المستقبل فإن العلماء حريصون على الاهتمام بتحسين دقة التنبؤ بأحوال الطقس الفضائي.
نبذه عن Space weather
الطقس في الفضاء مثل الطقس على الأرض متقلب جدا ويمكن للأحوال أن تتغير من هادئة إلى عاصفة خلال دقائق كما يمكن للعواصف أن تدوم ساعات أو أياما ومثلما يتغير طقس الأرض مع الفصول تماما فإن طقس الفضاء أيضا يتبع دورته الخاصة به فنشاط الشمس المغناطيسي الذي يُحدث ألسنة اللهب الشمسية ويقذف المادة الإكليلية يتصاعد ويهبط في دورة طولها 11 سنة ومن ثم فالعواصف الأرضية المغناطيسية تتبع نفس النمط وقد حدثت عاصفة يوم الباستيل خلال الذروة الشمسية وهي المرحلة الأشد نشاطا في الدورة ويتغير طقس الفضاء أيضا وإن كان بدرجة أقل دراماتيكية وذلك تبعا لمدة دوران الشمس حول نفسها والتي يبلغ طولها 27 يوما فيما ترسل الشمس عبر الأرض تيارات الريح الشمسية المتناوبة بين السرعة والبطء.
لكن طقس الفضاء ينشأ عن عمليات فيزيائية تختلف جذريا عن تلك المسؤولة عن طقس الأرض فالوسط المادي لطقس الأرض هو الغاز الكثيف المحايد كهربائيا الموجود في طبقة جو الأرض الدنيا والذي تتحكم في تصرفاته قوانين ديناميكا الموائع والديناميكا الحراريه (الثرموديناميك) وبالمقابل فالوسط المادي لطقس الفضاء هو الپلازما (غازات خفيفة الكثافة جدا مكوّنة من عدد متساو من الأيونات الموجبة الشحنة والإلكترونات السالبة الشحنة) وعلى عكس ذرات جو الأرض وجزيئاته فإن جسيمات الپلازما عرضة لتأثير الحقول الكهربائية والمغنطيسية التي توجِّه وتسرِّع هذه الجسيمات أثناء رحلتها عبر الفضاء المحيط بالأرض.
يتأثر طقس الأرض بأشعة الشمس عند تسخينها لجو الأرض وللمحيطات ولكتل اليابسة أما في غلاف الأرض المغنطيسي فينتج الطقس من التفاعل بين حقل الأرض المغنطيسي والريح الشمسية فللريح الشمسية حقلها المغنطيسي الخاص بها الذي يتنقل مع الپلازما المتدفقة إلى الفضاء بين الكوكبي وأثناء حمل الريح الشمسية لهذا الحقل المغنطيسي بين الكوكبي بعيدا عن الشمس تمتد خطوط هذا الحقل إلى الخارج عادة بحيث تتجه شعاعيا (نحو الشمس أو بعيدا عنها) ولكن في ظروف معينة يمكن لخطوط هذا الحقل بين الكوكبي أن تبتعد عن المستوى الاستوائي للشمس متجهة نحو الشمال أو الجنوب وتشكل خطوط الحقل المغنطيسي بين الكوكبي المتجهة جنوبا عندما يكون الحقل قويا ومستمرا عاملا أساسيا في استثارة العواصف الأرضية المغنطيسية وقد كان الحقل المغنطيسي بين الكوكبي متجها جنوبا لعدة ساعات أثناء عاصفة يوم الباستيل.
وتشكل الپروتونات معظم مكوِّنات الريح الشمسية ذلك أنها تكوّن نحو %80 من إجمالي كتلتها كما تشكل نوى الهليوم زهاء%18 من تلك الكتلة وهناك أيضا مقادير ضئيلة من أيونات أثقل ومعدل كثافة الريح الشمسية في فلك الأرض هو 9 پروتونات في السنتيمتر المكعب أما معدل سرعة هذه الريح فهو 470 كيلومترا في الثانية ومعدل قوة الحقل المغنطيسي بين الكوكبي هو 6 نانوتسلا nanotesla (أي نحو واحد من خمسة آلاف من قوة الحقل المغنطيسي الأرضي عند سطح الأرض) وهذه الخصائص وكذلك اتجاه الحقل المغنطيسي بين الكوكبي متغيرة بشدة وهذا التغير هو الذي يفسر في النهاية التغير في طقس الفضاء.
إن جميع الأجسام في النظام الشمسي مغمورة في الريح الشمسية التي تستمر في تدفقها بعيدا عن الشمس حتى تقابل غازات محايدة أو مؤينة في الفضاء بين النجمي لكن هذه الريح لا تصطدم مباشرة بالأرض وجوّها فالأرض محصنة بحقلها المغنطيسي الذي يشكل نوعا من الفقاعة داخل تيار الجسيمات المشحونة الآتية من الشمس ويحدد شكل هذه الفجوة غلاف الأرض المغنطيسي بضغط الريح الشمسية وبالحقل المغنطيسي بين النجمي فالريح الشمسية تضغط حقل الأرض المغنطيسي في الجانب المضيء من الأرض الجهة التي تواجه الشمس وتمط هذا الحقل في الجانب المظلم منها ليشكل ذيلا طويلا يشبه ذيل المذنب ويمتد هذا الذيل المغنطيسي أكثر من مليون كيلومتر بعد الأرض أي إنه يتجاوز فلك القمر بمسافة كبيرة